20 سبتمبر 2025

تسجيل

هل أنهت أوكرانيا سراب التسوية في سوريا؟

26 أبريل 2022

منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، توقف ما سُمي بالتسوية السلمية السُرابية في حقيقتها بسوريا، ولم يعد هناك أي مجال للتواصل، فقد انشغل الكل بما هو أهم بكثير، خصوصاً بعد القصف الروسي الذي طال شمال غرب سوريا، وحتى المناطق الخاضعة لسيطرة الحليف التركي في عفرين، مما استدعى رداً تركياً واضحاً عبّر عنه وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو حين أغلق المجال الجوي التركي بوجه الطائرات الحربية والمدنية الروسية المتجهة من وإلى سوريا، والتي كانت ولا تزال طائرات الموت على مدى 12 عاماً من الثورة السورية، ولكن الواضح أن القصف الروسي كان استفزازاً فاضحاً وسافراً للجمهورية التركية، التي تحدث رئيسها ووزراؤه عن تهيئة بيئة آمنة ومستقرة لعودة اللاجئين السوريين إلى المناطق المحررة، خصوصاً مع اقتراب استحقاق انتخابي تركي مهم للغاية، وتلعب فيه ورقة اللاجئين دوراً مهماً، ويأمل حزب العدالة الحاكم من خلال العودة أن تمنح فرصة قوية له بالفوز. الواضح أن القناة الوحيدة للتواصل الغربي ـ الروسي اليوم هي محادثات فيينا، والتي يبدو بدأت تتقلص نافذتها، مع تراجع التعويل على التوصل لاتفاق أمريكي مع إيران، يقابله التصعيد الروسي في أوكرانيا، وقد رافق ذلك تصعيد أمريكي بوصول وزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين إلى كييف للقاء الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينيسكي من أجل تقييم الاحتياجات العسكرية الأوكرانية للحرب. على الأرض السورية يلمس الكل تراجعاً للدور الروسي مع سحب بعض معداته، وكذلك قواته من الفاغنز، وقوات النخبة السورية الموالية له إلى أوكرانيا، ساعياً للتعويض عن ذلك باستعراضات جوية عسكرية ليلية لترهيب المدنيين في المناطق المحررة، وإن كان البعض يعتقد أن هذه الاستعراضات جزءٌ من التدريبات الليليلة للطيارين الروس الجدد، الذين يسعون للتعويض عن خسائر الطيارين في أوكرانيا. بينما في المقابل يسعى الطرف الإيراني إلى ملء الفراغ الذي يخلفه رحيل القوات الروسية وقوات نخبها الموالية لها، وتجلّى ذلك بالإشتباكات التي وقعت في الجزيرة السورية على الحدود مع العراق بين قوات مليشيات الدفاع الوطني الموالية لروسيا، وبين قوات فاطميون ومليشيات إيرانية أخرى، حيث نجحت في تجريدهم من مواقعهم العسكرية على الحدود مع العراق، مما أعتبر تمدداً للإيراني على حساب الروسي في سوريا. لكن بالمقابل تسعى قوات الثورة السورية إلى التحضر لاستغلال فرصة ذهبية قد تتهيأ لها، وهي انشغال القوات الروسية في أوكرانيا، وإمكانية سحب المزيد من المعدات والقوات الروسية باتجاه أوكرانيا، خصوصاً مع التصعيد التركي ـ الروسي الأخير بقفل المجال الجوي التركي بوجهه، والذي قد ينذر بتداعيات جديدة وقد تكون مفاجئة. الكثير يتحدث عن الانهيار الإقتصادي في مناطق النظام السوري، وصلت توقعات البعض بظهور حياة مجاعة قريباً مع شح القمح هناك، وتراجع محصول القمح هذا العام إلى نسبة 25% عما كانت عليه العام الماضي، خصوصاً وأن القمح يأتي من روسيا وأوكرانيا، وبسبب الحرب هناك، والعقوبات المفروضة على روسيا، بالإضافة إلى أجواء الحرب التي قضت على الأخضر واليابس، كل ذلك جعل وصول القمح الروسي، والأوكراني مستحيلاً، وهو ما يعني باختصار اندلاع مجاعة قد لا يستطيع النظام السيطرة والتحكم بها، ونحن نرى تصاعداً في حالات الاحتجاجات بمناطق النظام، بالإضافة إلى حالات الخطف والقتل في المناطق الخاضعة لسيطرته، يعززها أدوات أخطر لدى جمهورية الكبتاغون، إذ كشفت مصادر أمنية غربية أخيراً عن أن كمية حبوب الكبتاغون التي تم الإستيلاء عليها خلال العام الماضي بلغت 3,5 مليار دولار، وتقدر نفس المصادر بأن الكمية التي لم يتم التمكن من الإستيلاء عليها تبلغ خمسة أضعاف هذه بمعنى أن الكمية قد تصل إلى 17.5 مليار دولار، ومعظم هذه الشحنات كانت محطاتها إلى السعودية والإمارات ومصر واليونان، وماليزيا والسودان وغيرها. بالتأكيد فإن الواقع السوري اليوم مرتبط أكثر من أي وقت مضى بما يحصل في كييف، وفيينا، وبالتالي فإن المجتمع الدولي الذي أهمل الجرح السوري لـ 12 عاماً يدفع اليوم ثمناً باهظاً، يوم منح القوة والشجاعة للروس وعلى مدى أعوام، في التجرؤ على أوكرانيا وغير أوكرانيا، فضلاً عن تشجيعه للنظام بتطوير أدوات إرهابه وبطشه من بطش بالداخل إلى بطش بالخارج، تمثل بتصديره للعالم إرهاب الحشيش، واللاجئين، والإرهاب بشكله الحقيقي ممثلاً بمليشيات طائفية.