11 سبتمبر 2025
تسجيلكثير من الناس يخلط عن قصد أحياناً أو دون قصد في كثير من الأحيان بين الغرور والثقة بالنفس، وخصوصاً حين لا يستطيعون تحديد الفرق بينهما. فالغرور آفة وخلق مذموم، يقود صاحبه إلى التعالي على الناس وازدرائهم والتقليل من شأنهم، ويدفعه إلى الاعتقاد بأنه أفضل منهم جميعاً وأن لا أحد منهم قادر على أن يماثله أو يشابهه، بينما الثقة بالنفس هي خصلة محمودة وصفة محببة ترفع من قدر صاحبها وتدفعه إلى حب الناس وإحسان التعامل معهم بصرف النظر عن مستوياتهم المادية أو الاجتماعية ليكسب في النهاية حب الجميع ومودتهم واحترامهم. عدم حسن الظن بالنفس أو الركون إليها، والابتعاد عن الغرور والعجب، هي من علامات تغيير ما بالنفس، واليقين بأنها لن تدفعنا في يوم من الأيام لفعل الخير ابتغاء مرضاة الله، فالنفس أمارة بالسوء كما أخبرنا الله سبحانه وتعالى: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم) يوسف 53. ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم دائم التحذير من شرها، فقد قال يوما لحصين بن المنذر رضي الله عنه: (قل: اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي) وفي خطبه صلى الله عليه وسلم كان يقول: (... ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا). معروف على النفس البشرية أنها حريصة على الركون إلى الدنيا وزخرفها، وإيثارها على الآخرة، فكانت تعمل جاهدة أن تأسر صاحبها بهواها، فيكون لها عبدا وعاملا، وبعيدا عن طريق الآخرة. وكم من بلية أرادتها بك نفسك فعزم الله عز وجل لك على تركها وأيقظك وأزال عنك غفلتها فعصمك منها، وكم من حق الله عز وجل قد هممت بتضييعه، فأبى الله عز وجل إلا أن يوفقك لخلاف ما هممت به، فقوى ضعفك، ونور قلبك وأعانك عليها حتى رفضت كثيرا مما تهوى، وتركت كثيرا مما تحب. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: (اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر جدي وهزلي، وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير). - همسة يستحيل إرضاء الناس في كل الأمور، ولذا فإن همنا الوحيد ينبغي أن ينحصر في إرضاء الله سبحانه وتعالى ثم إرضاء ضمائرنا.