12 سبتمبر 2025
تسجيلتُعد قاعدة (الأصل في الأشياء الإباحة) من القواعد الشهيرة في الفقه الإسلامي وبالتالي فإنه لا يجوز الحد من الحرية الشخصية لأي إنسان أو هضم حقوقه التي كفلها له الدستور والقانون، ذلك لأن الحقوق الشخصية للفرد محمية بموجب الدساتير العالمية والقوانين المحلية. حيث نصت المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه: (لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسُّفًا) وهي تقابل المـادة 36 من الدستور الدائم لدولة قطر والتي نصت على أن: (الحرية الشخصية مكفولة ولا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون). هذا الأصل المذكور في الحرية الشخصية للفرد لا يتم المساس به إلا بواسطة إجراءات قانونية تصدرها السلطات المختصة وفقاً لمقتضيات معينة وأهداف مشروعة تهدف في الأساس الى حماية الفرد والمجتمع وتحقيق العدالة الناجزة وصيانة الحقوق، ومن هذه الإجراءات ما يعرف بأوامر القبض والإحضار. وتعتبر أوامر القبض والإحضار من أشد الإجراءات التي تمس الحرية الشخصية لأي فرد، لما فيها من تقييد لحريته واعتراض لحركته وتنقله وبرغم ذلك، فهي تعد وسيلةً ضروريةً يتم اللجوء إليها تحقيقاً لإجراءات معينة وفق ضوابط محددة، نظمها المشرع القطري في قانون الإجراءات الجنائية رقم (23) لسنة 2004م في المواد 104 وما بعدها حيث إن هذه الأوامر تصدرها النيابة العامة وتكلف بموجبها رجال السلطة العامة بالقبض على الشخص المعني وإحضاره للمثول أمامها، وتشمل هذه الأوامر اسم الشخص المراد القبض عليه ولقبه ومهنته ومحل إقامته، كما تحتوي على بيان للتهمة الموجهة اليه، وتصدر هذه الأوامر ممهورة بتوقيع عضو النيابة الذي أصدرها واسمه وختم النيابة وتاريخ إصدارها، وسبب كتابة تاريخ الإصدار لبيان مدة سريان هذا الأمر حيث أنه يكون سارياً لمدة ستة أشهر لا يجوز عقبها التنفيذ بهذا الأمر الا بتجديده كما أنه يشترط الا يكون المقبوض عليه قد أحاطه المشرع ببعض القيود الإجرائية كأن يكون من أعضاء المجلس أو من أعضاء السلطة القضائية أو متمتعاً بالحصانة الدبلوماسية ونحوها وبالتالي فإن هذه الضوابط المنصوص عليها إذا لم تتبع يمكن أن تؤدي الى بطلان هذه الأوامر مما يترتب عليه بطلان أي إجراءات اتخذت بناءً عليها . هذه الأوامر تكون عادةً بعد تكليف الشخص بالحضور أمام النيابة العامة كونه متهماً في جريمة، فإذا لم يحضر بعد تكليفه بالحضور دون عذر مقبول، أو إذا توقع هروبه، أو إذا لم يكن له محل إقامة معروف في قطر، أو كانت الجريمة في حالة تلبس، جاز القبض عليه وبالتالي فهي إجبار للمتهم على الحضور تمهيداً لاستجوابه أو سماع اقواله، وخاصةً في الجرائم التي يجوز فيها توقيف المتهم، وهو إجراء ينتهي بمجرد انتهاء الأمر الذي شرع من اجله، الا اذا تقرر توقيف المتهم لاستكمال إجراءات في التحقيق وهنا نجد أن القانون لم يلزم عضو النيابة بتسبيب أمر القبض بصفة عامة، ولكن بيانات الامر المطلوبة قانوناً تؤدي إلى معرفة سبب إصداره، فعند اطلاع المتهم عليه سيعرف على الفور التهمة المنسوبة إليه ومواد التجريم المتهم بها، وهنا نجد أن هذه الأوامر المتعلقة بالقبض والإحضار وحيث انها سلطة أصيلة للنيابة العامة، الا أن القانون كذلك منح هذه السلطة لمأمور الضبط القضائي (وهو عضو النيابة العامة ورجال الشرطة والموظفين المخول لهم ذلك بقرار من النائب العام) في أحوال معينة جاء النص بها في المادة 41 وما بعدها من القانون المذكور، كما أن إجراء القبض والإحضار يتم عادةً للحيلولة دون هروب الجاني ولضمان تنفيذ الأحكام القضائية عليه، وذلك من قبل محكمة التنفيذ هنا يجب أن نعلم انه متى ما تم إجراء القبض على أي شخص متهم بجريمة، فإنه من الواجب معاملته بما يليق بكرامته وإنسانيته ولا يجوز إيذاءه بدنياً أو معنوياً، وقد نص ذلك على الدستور الدائم لدولة قطر في المادة (36) منه وتبعته القوانين المحلية في ذلك تماشياً مع القوانين العالمية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، استناداً على قرينة البراءة حيث ان المتهم بريء حتى تثبت إدانته.