20 سبتمبر 2025

تسجيل

كيفية استغلال فائض العرض العقاري

26 مارس 2023

منذ انتهاء عمليات الإغلاق التي نجمت عن تفشي جائحة كوفيد- 19 خلال الفترة ما بين عامي في 2020- 2022، عاد العديد من الموظفين إلى مكاتبهم، ولكن الأرقام لم تعد إلى مستويات ما قبل انتشار الجائحة. وأصبح العمل من المنزل أمرًا طبيعيًا، وبينما تحتفظ الشركات الكبيرة بمكاتبها الرئيسية، غالبًا ما يحدث ذلك مع تقليص مساحتها بشكل كبير. ويحتفظ بنك HSBC العالمي بمقره الرئيسي في لندن، لكنه يخطط لتقليص مساحة مكتبه هناك بحوالي النصف، وتقليل مساحة مكاتبه في جميع أنحاء العالم بنسبة 40 ٪. وهناك نمط مماثل في العديد من الدول. وبالإضافة إلى وفرة المساحات المكتبية في مراكز المدن، قد تكون هناك مكاتب ومحلات بيع بالتجزئة غير مستخدمة في مراكز التسوق مع تحول المزيد من عمليات الشراء إلى الإنترنت، وارتفاع أسعار الفائدة ورغبة الشركات في تخفيض النفقات. وفي قطر، كان هناك فائض في المعروض من أنواع مختلفة من العقارات خلال فترة الاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022، عندما قام استشاريون مختلفون بتسويق نفس الخطط للعديد من المطورين العقاريين، كل على أساس الطلب المتوقع خلال فترة استضافة قطر لكأس العالم وفي مرحلة ما بعد انتهاء البطولة. ولم يكن هناك تنسيق بين المطورين الرئيسيين، وهو ما أدى إلى حدوث فائض في العرض بعد انتهاء البطولة خاصة في الأبراج والمكاتب الإدارية. ونظرًا لعدم وجود طلب كافٍ حاليًا، لن تكون تخفيضات الأسعار كافية لتصحيح هذا الوضع على المدى المتوسط. وهناك مبرر لتقديم قاعدة بيانات حكومية أفضل عن العرض والطلب في العقارات، وذلك للحصول على معلومات أفضل عن السوق لمنع وجود فائض أو نقص في العرض مستقبلاً. وقد أدى ارتفاع مستوى نشاط البناء في نفس الفترة إلى زيادة أسعار المواد الخام في السوق المحلي، وهو ما أفضى إلى حدوث بعض التجاوزات في تكاليف إتمام هذه المشاريع. وتتيح العقارات غير المستخدمة إمكانيات لتوظيفها في استخدامات جديدة، لا سيما لتحويل المباني المكتبية إلى شقق. وهناك فوائد متعددة من التوجه نحو الاستخدام المختلط الذي تتحول فيه المناطق الإدارية إلى أحياء سكنية، ولو بشكل جزئي على الأقل. وإذا ما حدث ذلك، من المحتمل أن تنشط حركة البيع والتجارة في بعض الشركات والمطاعم خلال عطلة نهاية الأسبوع، وسوف ينتظر الأشخاص الذين يعيشون في وسط المدينة، وخاصة العائلات، توافر المزيد من الحدائق وملاعب الأطفال، لذلك من المرجح أن يصبح وسط المدينة أكثر خضرةً وصحةً، وبالتالي سيجذب المزيد من السكان. ومع ذلك، قد يكون تحويل مبنى مكتبي متخصص إلى الاستخدام السكني معقدًا ومكلفًا. وغالبًا ما يحتوي المكتب المصمم لهذا الغرض على مساحة أرضية كبيرة جدًا، وهو ما يعني أنه من أجل تقسيم هذه المساحة بشكلٍ فعالٍ وتحويلها إلى شقق، فقد تفتقر بعض الشقق إلى النوافذ والضوء الطبيعي. وغالبًا ما تكون إمدادات المياه والسباكة غير كافية، نظرًا للحاجة إلى عدد إضافي كبير من الحمامات والمطابخ. وقد يكون من المجدي اقتصاديًا أحيانًا هدم المبنى وإعادة بنائه من جديد. وقد نجح بعض المطورين العقاريين في منطقة مانهاتن بمدينة نيويورك في تحويل المساحات المكتبية إلى شقق، ولكن الموقع في هذه المنطقة (مانهاتن) يحظى بأهمية فائقة. وقد تكون هذه التجديدات باهظة الثمن أقل جاذبية من الناحية التجارية في مواقع ومدن أخرى. وقد يكون النهج الذكي في التعامل مع العديد من المواقع هو تبني مبدأ الاستخدامات المتعددة داخل المبنى، بحيث يجمع ما بين الوحدات السكنية والمكاتب، وربما مع إضافة صالة للألعاب الرياضية ومسبح. وهذا النهج متعدد الاستخدامات شائع في هونغ كونغ وسنغافورة، ويمكن أن يحظى بشعبية لدى أصحاب العمل وشاغلي الوحدات السكنية على حد سواء. وهناك مجال كبير لتغيير الأغراض بشكل أو بآخر، وسوف يحتاج ذلك إلى تعاون المصممين مع الجهات المسؤولة عن التراخيص والموافقات والتخطيط العمراني. ويبدو أن توجه العمل في المستقبل سيكون هجينًا، أي أنه سيكون مقسمًا بين المكتب والمنزل. ومن المحتمل أيضًا أن يكون الوضع في وسط المدينة مختلطًا في المستقبل، إذ من الممكن أن تضم هذه المنطقة مزيجًا من المكاتب والوحدات السكنية ومحلات البيع بالتجزئة ومرافق الترفيه والضيافة. ولا يلبي المزيج الحالي من أنواع العقارات في العديد من المدن، بما في ذلك في منطقة الخليج، هذه الحاجة حتى الآن، لكن نماذج الاستثمار والأعمال المطلوبة للتحويل قد لا تمثل خيارًا منخفض المخاطر حسبما يبدو، نظرًا للتكلفة الباهظة لعملية التحويل وتعقيدها. ومع ذلك، يمكن أن يحقق المستثمرون الذين يتمتعون بملاءة مالية قوية ونهج مبتكر مكاسب كبيرة من جراء هذا التوجه.