12 سبتمبر 2025
تسجيللغة: مصدر: ضرع يضرع ضراعة مأخوذ من مادة (ض ر ع) الدَّالّة على لين في الشّيء، ومنه ضرع الشّاة، سمّي بذلك لما فيه من لين ، يقال: جاء فلان يتضرّع ويتعرّض بمعنى إذا جاء يطلب إليك حاجة، وفي التنزيل- تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً"[1] تدعونه مظهرين الضّراعة وهي شدّة الفقر والحاجة إليه - عزّ وجلّ- وحقيقته الخشوع [2] قال ابن منظور: ضرع إليه يضرع ضرعا وضراعة: خضع وذلّ وفي التنزيل "فَلَوْلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا"[3] أي: تذلّلوا وخضعوا، وقوله "لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ"[4] في البصائر: معناه يتذلّلون في دعائهم إيّاه والضّارع المتذللّ للغنيّ وفي حديث الاستسقاء «خرج مُتَبَذِّلًا مُتَوَاضِعًا مُتَخَشِّعًا مُتَضَرِّعًا »[5] والدّعاء تضرّع؛ لأنّ فيه تذلّل الرّاغبين. وفى الاصطلاح: قال المناويّ: الضّراعة: أن تدعو الله- عزّ وجلّ- بخضوع وتذلّل. [6] طلب كشف البلاء من القادر عليه[7]. فلم يخرج الفقهاء عن المعنى اللغوي للضراعة. في القرآن الكريم الأمر والتوجيه بالضراعة: في موضعين بالأعراف "ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ"[8] "وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ"[9] والأمر في هذين الموضعين للوجوب ولا صارف له إلى الندب. وبه تقرر حكم الضراعة، والأخذ بالبأساء والضراء رجاء التّضرع: في أربعة مواضع من كتاب الله، اثنان في الأنعام + واحد في الأعراف + واحد في المؤمنون. 1* وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "[10] وَالتَّضَرُّعِ: عِبَارَةٌ عَنِ الِانْقِيَادِ وَتَرَكِ التَّمَرُّدِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى أَعْلَمَ نَبِيَّهُ أَنَّهُ قَدْ أَرْسَلَ قَبْلَهُ إِلَى أَقْوَامٍ بَلَغُوا فِي الْقَسْوَةِ إِلَى أَنْ أُخِذُوا بِالشِّدَّةِ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فَلَمْ يَخْضَعُوا وَلَمْ يَتَضَرَّعُوا، وسبب ذلك قسوة في القلوب وتزيين الشيطان لأعمالهم. 2*"قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ"[11] 3"وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ"[12] 4" وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ * .."[13] قال وهب بن منبه: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَعْطِفُهُ عَلَى النَّاسِ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِهِمْ إِلَّا التَّضَرُّعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَرْحَمَهُمْ، وَلَا يَسْتَخْرِجُ أَحَدٌ مِنَ اللهِ شَيْئًا مِنَ الْخَيْرِ بِحِيلَةٍ، وَلَا مَكْرٍ، وَلَا مُخَادَعَةٍ، وَلَا أَوْبَةٍ، وَلَا سَخَطٍ، وَلَا مُشَاوَرَةٍ، وَلَكِنْ يَأْتِي بِالْخَيْرِ مِنَ اللهِ رَحْمَتُهُ، وَمَنْ لَمْ يَتَّبِعِ الْخَيْرَ مِنْ قِبَلِ رَحْمَتِهِ لَا يَجِدْ بَابًا غَيْرَ ذَلِكَ يَدْخُلُ مِنْهُ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يُنَالُ الْخَيْرُ مِنْهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ، وَلَا يَعْطِفُ اللهَ عَلَى النَّاسِ شَيْءٌ إِلَّا تَعَبُدُّهُمْ لَهُ وَتَضُرُّعُهُمْ إِلَيْهِ حَتَّى يَرْحَمَهُمْ، فَإِذَا رَحِمَهُمُ اسْتَخْرَجَتْ رَحْمَتُهُ حَاجَتَهُمْ مِنَ اللهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ يُنَالُ الْخَيْرُ مِنَ اللهِ مِنْ وَجْهٍ غَيْرِ ذَلِكَ"[14] الناظر لأحداث الأمة من حوله يجد توالي النكبات، وتتابع النوازل، وتعاقب الشدائد، ولا سبيل لكشف هذه الكربات وإزالة هذه الغمة إلا باللجوء إلى الله تعالى تضرعا وخفية.3-أصحاب الغار الثلاثة في الصحيح " انْطلق ثَلَاثَة نفرٍ مِمَّن كَانَ قبلكُمْ حَتَّى أواهم الْمبيت إِلَى غارٍ فدخلوه، فانحدرت صخرةٌ من الْجَبَل فَسدتْ عَلَيْهِم الْغَار، فَقَالُوا: إِنَّه لَا ينجيكم من هَذِه الصَّخْرَة إِلَّا أَن تدعوا الله بِصَالح أَعمالكُم. – وحصر كل واحد منهم ذهنه فيما أخلص فيه النية من بر الوالدين وتقديمهما على من سواهما، ومن ترك المعصية مع القدرة عليها استحياء من الله، وسد حاجة المرأة لوجه الله، ومن المحافظة على حقوق العمال واستثمارها وعدم أكل عرق الأجير وكان تضرع كل منهم اللَّهُمَّ فَإِن كنت فعلت ذَلِك ابْتِغَاء وَجهك فافرج عَنَّا مَا نَحن فِيهِ، فانفرجت الصَّخْرَة، فَخَرجُوا يَمْشُونَ[18] ".