10 سبتمبر 2025

تسجيل

الباحثون عن الحب

26 مارس 2013

في كل يومٍ تأتينا دراسات وتتعدد، فما أن نفتح صفحات مجلة أو جريدة حتى نجد من يتخذ الحب وأهميته موضوعا لدراسته، فهناك التي تأتي بنتيجة دراسة تؤكد، وغيرها من يأتي بنتائج تنفي، فمنها ما تخرج لنا أن الحب ما هو إلا وهم يعيشه الإنسان، ويضيع الكثير من الفرص والوقت في البحث عنه، وإنه من قد يُغيّب الإنسان عن واقعه، وتأتي نتائج أخرى تؤكد أن الحب من الأمور الهامشية في الحياه وغيرها يؤكد بضرورته. لكن الحقيقة أن كل تلك الأبحاث وتحليلها للحب لا يعنيني بقدر أن أقول بأن الحب ضرورة في حياتنا نحتاجه احتياج الهواء والماء، إنه القوة التي تدفعنا للحياه والفرح وللإنجاز، ومهما قام البعض بتحجيم دوره إلا أنني لا أعترف إلا بوجوده الطاغي وباحتياجنا الماس له. فهناك من يأتي بنتائج أبحاث تخيب آمال أولئك الباحثين عن الحب ولكنها لا تستطيع أن تجعلهم يغيرون مسارهم وإرادتهم في البحث حتى عن الفتات منه، وحتى الفشل أحيانا في البحث عن الحب لايداويه إلا الحب ولا يبرأ إلا بالحب. هناك فئة من الناس رقيقة المشاعر، لكنهم يفتقرون إلى الحب لأسباب حياتية كثيرة، وهنا أتذكر ابن جيراننا في بيتنا القديم الذي ارتبط في ذاكرتي بحزنه والتصاقه الدائم بالحائط وبعد أن كبرت، أخبرتني أمي عن قصته حين انفصلت والدته عن والده، وارتبطت برجل آخر فظ غليظ، فكان يقسو عليه بينما كانت والدته تقف مكتوفة الأيدي، فكان يأكل ويبكي ويتأمل تحت ذلك الحائط الذي ربما كان يراه أحن كثيرا ممن يعيش معهم، وكبر وعاد ليبحث عن والده ولا شك أنه عاد يبحث عن شيء من حب، ولاشك أيضا إن افتقاده للحب كان سبب تعاسته وتعثره في حياته. إن الحقيقة البشرية تؤكد أننا نولد بالحب ونحب أن نحيا به، ونخاف أن نفطم منه، والباحثون عن الحب كثيرون في هذا العالم، ومن لايشعرون بهم إما أن يكونوا غارقين في الحب، أو قد فقدوا القدرة على الحب حين جففوا مشاعرهم كي لا يؤخذ عليهم بأنهم باحثون عنه. أعجبتني جملة جميلة في أحد الأفلام الأجنبية القديمة، حين قالت الأخت الكبرى الناضجة لشقيقتها الصغيرة التي كانت تتخبط في علاقة حب من طرف واحد، فقد كان من تحبه لا يهتم بها، بينما كان أحد شباب القرية يحبها كثيرا ويحاول أن يرتبط بها، حين قالت لها: (( عليكِ أن تتحكمي في عاطفتك، وأنت تفكري بعقلك كي يسعد قلبك، عليك أن تختاري من يقدم لكِ الحب بسخاء، كي لاتعودي تبحثي عن الحب عند من لا يقدمه)). ولا شك إن الباحثين عن الحب مرهفون وليسوا مذنبين فقلوبهم الشفافة لا تستطيع أن تحيا دونه،ولأن قلوبهم تبث الحب وتقدمه بسخاء فبأقل القليل منه يستشعرون عظمته. وطالما اعتقدت أن الحب ضرورة لإحياء كل شيء، فإن أحببنا من حولنا، وعملنا، وحياتنا استطعنا أن نقطع مسافات في السعادة. فالحب ضرورة لأنه طاقة، ورفض لتصحر القلوب، تترجمه قلوبنا إبداعا في حياتنا ونقاء في قلوبنا، وجمالا على وجوهنا يزيدنا إشراقا وقبولا. اغمر حياتك بالحب، ابحث عنه بكل قوة، إنه سر جمال الحياة...