16 سبتمبر 2025
تسجيلليبيا وقد إنشرخت إلى نصفين يخوض كل نصف عدواناً شديد الضراوة ضد بعضه البعض المأساة العربية أن هناك حروباً عربية كثيرة وليست حرباً واحدة لوعدنا إلى فترة التوازن بين القطبين الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والشرقي بقيادة الاتحاد السوفييتي السابق نجد بسهولة أن هناك ما يشبه الانضباط بين العملاقين في مشاكل وأزمات دولية سياسية وعسكرية واقتصادية وغيرها بخلاف الماضي الذي عانى العديد من قضايا الفراغ وعدم الانضباط حيث كانت تحدث بين فترة وأخرى بعض الاختراقات السياسية المباشرة وغير المباشرة متمثلة في حدوث احتكاك عسكري بين دولتين كل واحدة منهما حليفة لأحد المعسكرين الغربي أوالشرقي وكانت مثل هذه الأزمات الصغيرة تستمر لعدة أيام أوأسابيع وقد تطول لسنوات تنتهي لخدمة ومصلحة الحليفين لتعويض البلدين عن خسائرهما خلال حربهما الماضية. وكانت معظم دول العالم تعرف بسهولة أن مثل تلك الاحتكاكات هي تعبير غير معلن عن عدم رضا الشرق أوالغرب حول موضوع معين بينهما وان قضية معينة تهم كل من العملاقين أو تهم أحدهما من ناحية ربما تكون عسكرية أو تجارية أو جغرافية إلى أخر الأسباب التي تؤدى إلى الخلافات السياسية والتي بدورها تتعدى المكان إلى مثل تلك المناطق المهيأة للاحتكاكات بين الحلفاء الصغار للجانبين. ذلك كان حال العالم في حقبة أو زمن العملاقين الأمريكي والسوفييتي، ولكن يبدو أنه قد حصل بعض التغير في الفترة الراهنة ويتبين ذلك من حروب الدول الأقل أهمية على مستوى العالم وعلى الأخص في منطقة الشرق الأوسط التي تزداد اشتعالا وخسائر بشرية كبيرة خاصة وان هذه الحروب تزداد اشتعالا بين الجماعات الأكثر تعصبا دينياً في الدولة الواحدة والأكثر في الدول العربية التي تعتبر أكثر حساسية ولهيبا خلال السنوات الأخيرة حول ما يتعلق بالجماعات الدينية المتطرفة. وفي الوقت الذي تقول الدول العظمى إنها تحارب الجماعات المتطرفة مثل القاعدة والدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وغيرها وفي الوقت الذي تكاد مثل هذه الحروب في الدول الهامة على مستوى العالم شبه معدومة وكأن هذه الحروب على موعد مع حروب أو حرب أكثر ضراوة والتهابا من حيث كثرة ضحاياها وأضرارها الاقتصادية والسياسية والعسكرية والبيئية والمتوقع أن تلتهب خلال مرحلة قادمة من مراحل تزاحم أو احتكاك المصالح حول مثل هذه الحروب الصغيرة. والمريب خلال السنوات الأخيرة ذلك التدخل الكبير الذي حدث ويحدث بين فترة وأخرى بين بعض الأنظمة في المنطقة وبين هذه الجماعات إضافة إلى التدخلات العسكرية بين هذه الجماعات التابعة للدول الكبرى مثل روسيا وأمريكا عندما يتدخلان بغارات جوية ضد ( داعش) لدرجة أن الدولتين العظميين تحاولان أن تجعل من (داعش) دولة عظمى، ولذلك تقوم الدولتان العظميان بغارات جوية ضد الدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش) مما جعل العالم يتساءل باندهاش حول وصول جماعات مثل ( داعش) إلى هذا المستوى الذي أصبح قادرا على مقاومة الدول العظمى ضد جماعة متطرفة مثل ( داعش). وحول ما يقال إن الدول العظمى ملت الأنظمة العربية أو أنها لم تعد قادرة على تحمل استبدادها ضد شعوبها وجمودها البليد حول مصالحها الخاصة وفي نفس الوقت لا تريد التخلص منها بواسطة هذه الجماعات المتطرفة وغيرها في المنطقة المعروفة ماضيا وحاضرا بتبنيها لمثل تلك الجماعات. وعندما نحاول مقارنة هذه الحروب بين دول عظمى وهذه الجماعات يأتي ذلك من تعظيم وتضخيم هذه الحروب من قبل الدول العظمى ويجعلنا نشبهها بحرب عالمية ثالثة نظرا لاستمرارها منذ سنوات وما تزال تواصلها بنفسها الطويل وهذا ما يؤثر على تفكيرنا ببعض الشكوك عندما نلقي نظرة متأنية حول هذه الحروب الصغيرة المشتعلة من قبل دولة كبرى ضد مجموعة صغيرة في دولة صغيرة وسط ضجة إعلامية ضخمة. وإذا ما قفزنا من القارة الآسيوية إلى القارة الأفريقية سوف نجد الشقيقة ليبيا وقد إنشرخت إلى نصفين يخوض كل نصف عدوان شديد الضراوة ضد بعضه البعض ويخوض كل نصف المعركة لصالحه وبهذا التوجه تتعرض ثروة ليبيا النفطية للضياع ويجعل أنصار القذافي يفخرون بعهده الذي استمر حوالي ( 40) عاما ولم يتجرأ أي ليبي إطلاق رصاصة واحدة خوفا من عقاب العقيد الذي لا يرحم ورغم جبروته إلا انه كان أصلح وأفود لهذا الشعب الليبي المتهم من البعض على انه متسرع في القرارات الفردية. ولشدة الحرب الليبية بين الأشقاء وخوفا على ضياع الثروة تدخلت الدول الأوروبية بهدف إخراج البلاد من هذه الحرب الأهلية التي تحرق الأموال الليبية من أجل تمكين الشقيق من قتل شقيقه ولعل وعسى أن تصل الوساطات الدولية إلى حل يرضى جميع المجانين في ليبيا والمتوقع تحويل ليبيا إلى دولة فقيرة إذا استمر هذا الجنون. وحتى تونس التي فرح المواطن العربي بأنها قد توصلت إلى نظام ديمقراطي لا يختلف عن الأنظمة الأوروبية وأتاح لتونس مسيرة جديدة إلى جانب أرقى دولة ديمقراطية أوروبية ولكن ذلك يتعرض بين فترة وأخرى إلى هزات عنيفة تصل ضحاياها إلى مستويات كبيرة نتيجة العنف الكبير الذي تتعرض له بعض الدول لفترات. وإذا ما تركنا القارة الأفريقية العربية وعدنا إلى آسيا فإننا سوف نجد بعض البلدان العربية المتوقع أن تحوشها نار الحرب العالمية الثالثة الجارية الآن في العديد من الدول العربية.. ومع ذلك سوف نعتبر أنه لم يحن وقتها ونذهب إلى اليمن البلاد العربية المتبقية في هذا المجال وهي التي إذا ما دخلت أي حرب أهلية فإنها تتفوق على الجميع من حيث شدة الكوارث في قتل الأطفال قبل الكبار وما يجري هذه الأيام يؤكد وبقوة حجم الكارثة العسكرية اليمنية. وهكذا تتضح المأساة العربية أن هناك حروبا عربية كثيرة وليست حربا واحدة.. حرب في العراق وحرب في سورية وحرب في اليمن وحرب في ليبيا وما خفي أخطر.. وهذه الحروب كلها تشهد المزيد في ضراوتها إلى المستوى المتوقع أن يؤهلها إلى أن تكون ضمن الحرب العالمية الثالثة عندما تزداد عددا وعدة وينضم إليها الحلفاء وعشاق الحروب في العالم. [email protected]