13 أكتوبر 2025

تسجيل

على هامش المؤتمر الثاني لدراسة أوضاع اللاجئين السوريين

26 فبراير 2014

أتيح لي حضور جلسات المؤتمر الثاني لدراسة أوضاع اللاجئين من سوريا إلى لبنان، الذي انعقد في مدينة اسطنبول التركية في الفترة من 20ـ 22 فبراير 2014، وقد لفت هذا المؤتمر انتباهي إلى أمور متعددة، وجعلني استحضر أمورا أخرى أظن من المفيد تسجيلها، وبخاصة للمعنيين والمهتمين بالشأن السوري، وتحديدا الشأن الإغاثي والإنساني، وجوانب الحشد والتوعية المرتبطة بذلك: 1ـ النقص الكبير في عقد المؤتمرات والدراسات وورش العمل التي تخدم الشعب السوري.. نازحين ولاجئين وجرحى مصابين، وأيتام ومتضررين.. ولابد هنا من أن نشير إلى الحاجة الكبيرة لذلك، في جوانب العمل الإنساني، وبخاصة إذا أردنا أن نؤدي الأمر بحرفية ومهنية وإتقان، لتحقيق أفضل النتائج الممكنة، مع نقص معلوم في الإمكانات المادية والبشرية واللوجستية، لأسباب كثيرة أهمها: حداثة تشكيل كثير من المنظمات الخيرية والتطوعية السورية، وقلة خبرتها، وشح المعلومات والإحصاءات والدراسات المتعلقة بذلك، وضعف التنسيق والتكامل بين الجهات العاملة بين بعضها البعض من جهة، وبعضها وبين المنظمات الدولية والمانحة من جهة أخرى، وضعف التعريف بحجم المعاناة الإنسانية والتوعية بها، وحجم الاحتياج اللازم لذلك، والقصور في تسويق البرامج والمشاريع التي تسهم في سد الثغرة القائمة بين الاحتياج والمنفذ فعليا على الأرض (الإحصاءات تشير إلى أن ما يقدّم من إغاثة للشعب السوري لا يتجاوز 15% من احتياجاته الحقيقية).المطلوب من الهيئات السورية العاملة في الحقل الإنساني قبل غيرها أن تحرص على عقد مثل هذه المؤتمرات والورش وتحرص على توفير قاعدة بيانات ومعلومات، وتؤكد على الدراسات العلمية ودراسات تقدير الموقف الخاصة بذلك، سواء على مستوى الصلات فيما بينها، أو على مستوى علاقاتها بالجمعيات المانحة والجمعيات الدولية العاملة في الميدان، أو على مستوى تحديث الأمور المرتبطة بتطورات الموقف. ـ منظِّم هذا المؤتمر ـ وهو الثاني من نوعه ـ هو اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية اللبنانية لرعاية اللاجئين السوريين، وهو يخصّ اللاجئين السوريين في لبنان، ومع تقديري وشكري لجهود الاتحاد فقد كنت أتمنى ـ ومازلت ـ أن يقود ويتصدى لهذه المهمة التي تخص الإغاثة في هذا البلد المؤسسات الإغاثية السورية أو الجهات المختصة في الائتلاف الوطني لقوى الثورة، لأنهم أولى من غيرهم بهذه المهمة، وفي كل الأحوال مازال الأمر بحاجة لمزيد من الملتقيات والورش والدراسات. وقد أسعدني أن ما انبثق عنه المؤتمر من توصيات تنوّه بنية مؤسسات خليجية وإقليمية القيام بمزيد من هذه المهام المرتبطة بهذا الجانب، ومنها رغبة جمعية قطر الخيرية بتبني دراسة علمية شاملة عن احتياجات اللاجئين السوريين في لبنان.2ـ كان لافتا أن أغلب الذين عملوا في تنظيم وتسيير أعمال المؤتمر شباب سوريون في عمر الورود، ولدي سؤالي لمنسق اتحاد الجمعيات الإغاثية لرعاية اللاجئين السوريين السيد حسام الغالي عن هذه الظاهرة، تبين أن 80 % من الذين يعملون في مناشط الاتحاد الإغاثية بشكل عام هم من اللاجئين السوريين بلبنان، وهو أمر يستحق الإشادة بالاتحاد كونه يسهم في استثمار الكفاءات السورية وتشغليها، بدلا من تركها عرضة للبطالة والمساعدات في ظروف يصعب فيها العمل كلبنان، بعد إكسابها التدريب المناسب، كما أن السوري الذي يقدم المعونة للسوري في الوقت نفسه قد يكون مقبولا أكثر من غيره لدى اللاجئين، كما أشارت التجربة العملية للاتحاد.. وهي فرصة لتوصية كل الجهات الإنسانية العربية والدولية والسورية لإعطاء أولوية لتدريب وتشغيل الشباب السوري من النازحين واللاجئين في هذا الجانب.وقد سرّني أن تطلق عدة مبادرات في نهاية هذا المؤتمر تؤكد على ذلك وتشتغل عليه، ومنها مبادرة جمعية قطر الخيرية ـ مرة أخرى ـ بالتعاون مع المنتدى الإنساني وبالتنسيق مع الاتحاد من أجل حشد القدرات البشرية للمجتمع السوري لضمان الإسهام الفعال للاجئين السوريين المؤهلين في تقديم الخدمات الإنسانية لمواطنيهم فوق التراب اللبناني.3ـ كان المؤتمر فرصة حقيقية للتعريف بالمشاكل الكبيرة التي يعاني منها اللاجئون السوريون بلبنان وحجم معاناتهم الإنسانية على مستوى الإيواء والطبابة وتدبير سبل العمل لهم والتعليم لأبنائهم فضلا عن عدم تأمين الحماية الأمنية الكافية لهم، وعدم تسهيل الإجراءات القانونية لإقاماتهم. وكان من الثمرات المهمة التي خرج منها هو تمويل عدد من المشاريع الكبيرة في مجالات إقامة المأوى وإيجارات البيوت وتوفير التعليم للأطفال، وإقامة المستوصفات والمراكز الصحية وعلاج الجرحى والمرضى، وإنشاء مراكز الدعم النفسي وكفالة الأيتام وغيرها، وبقيمة وصلت إلى 12 مليون دولار.وقد ساند ذلك النجاح في التعريف بالمعاناة وتسويق المشاريع الجديدة للاتحاد وسرعة تمويلها، الأفلام القصيرة التي تركت تأثيرا واضحا عند عرضها في العشاء الخيري الذي أقيم على هامش المؤتمر، نظرا لأنها عكست الواقع الميداني للإغاثة، وقصص النجاح التي رصدتها بعناية ومهارة، وحسن الإعداد والإخراج والعرض. هذه ملاحظات سجلتها على هامش المؤتمر آمل أن تؤخذ بعين الاعتبار من قبل المعنيين والمهتمين بالشأن السوري.