11 سبتمبر 2025

تسجيل

ستجازى على حسن النية

26 يناير 2021

هل مررت بلحظة ما شعرت بها أنك لا تعلم الى أين أنت متجه؟ أن تكون في طريق لا تعلم الى أين قد يؤدي بك في النهاية، ولكن بالرغم من ذلك تستمر في المضي قدماً، لأنه ليس لديك خيار آخر سوى التنفس والاستمرار بالتحرك، ذاك أن خيار التوقف غير موجود لدى كثير منا، لكون حركتنا مرتبطة بالساعة التي خلقت لحظة ولادتنا، فالساعة لا تتوقف وكذلك يوم أي انسان لا يتوقف إلا بموته أو سقوطه مغشياً عليه. إن هذا النظام الذي نسير عليه، والذي يحتاج لحركة مستمرة، يتطلب في المقابل تلبية عدد من الاحتياجات الغذائية والجسدية وكذلك النفسية والروحية، أن تكون مستيقظاً بمعدل ١٦ ساعة في اليوم أمر جلل، سواء كان لك هدف سامٍ في حياتك أم كنت تعيش هذه الحياة بشكل عشوائي، فالأمر سيان. فأنت لديك احتياجات غذائية يومية لابد لك من اتمامها بالاضافة الى رغبات جسدية تحاول تلبيتها، منها ممارسة الرياضة وغيرها من الأنشطة، بالاضافة الى الاحتياجات النفسية والروحية التي يتجاهلها العديد منا، ولكن لا يمكنك المضي قدماً دون أن توفرها لذاتك، وقد تختلف استجابتنا لهذه الاحتياجات النفسية باختلاف المواقف وضغوط الحياة والأيام، ولكن من المهم أن نستجيب، لأن عواقب عدم الاستجابة على فكرنا وروحنا قد تكون كبيرة. فنجد البعض يتجه لخلوة خاصة بعيداً عن الجميع، فالشخص مهما كثرت ارتباطاته اليومية لابد أن يكون له لحظات خاصة، لحظات يحاول فيها التجاوز عن بعض الأمور المعلقة والتي تؤرق صبحه ومساه. ويحضرني في هذا الموضوع قصة حدثت لأحد معارفي وهي أم لعائلة متوسطة الحجم قيل عنها بأنها لا تلبث أن تخرج وتتسوق وتمارس أنشطة أحياناً تكون بعيدة عن عائلتها، وهو في عرفنا وعاداتنا للأسف أمر غير مقبول، وكأن أي أم ما هي إلا أداة تربية مكلفة بالجلوس في المنزل طوال فترة حياتها للعناية بهؤلاء الابناء ولا يحق لها الخروج مع الأصدقاء للتنفيس عن نفسها. فكان الاتهام الموجه لها يقول: "هي أم مهملة دائمة الخروج!" ولكن لحظة هل قارنت ساعات خروج هذه الأم مع ساعات وجودها مع ابنائها أم هو مجرد اتهام وكفى؟. إن تفسيري لهذه الممارسات يتمثل في كونها عنصرا لتلبية احتياج نفسي وروحي للتنفيس عن الذات ومحاولة لملمة هذه الذات المبعثرة وارجاع الأمور لنصابها، فكل فرد منا يمر بأمور مماثلة منها ضغوط نفسية أو اجتماعية تحتاج منا أن نجابهها، ولا يمكننا مجابهتها ونحن مثقلون بكل تلك الضغوط، لا بد لنا من التنفيس وإخراج هذه الضغوط من حياتنا سواء بزيارة صديقة والتحدث معها أو من خلال القيام بنزهة في الهواء الطلق الى آخره من الانشطة التي يمكن أن تعيد لذاتنا نصابها. وهو أمر شبيه لما كتبته الممثلة “ليف أولمن” في مذكراتها بقولها: “ضميري يعذبني لأني أم فاشلة لأني أم مقصرة، أشرب القهوة مع إحدى الجارات وأنتحل الأعذار لكل ما أفعل لأني أعرف أنها لن تفهم مطلقاً لماذا أجد ذلك مهما بالنسبة إلي”. للأسف البعض يبدأ قصصه عن الآخرين بأفكار مسبقة عن نياتهم ورغباتهم من وراء الفعل هذا أو ذاك، مما يدعو المستمع للتساؤل عن القدرة الجبارة لديهم لقراءة أفكار الآخرين، وكأنهم امتلكوا فجأة قدرة ميل جيبسون الخارقة في قراءة أفكار النساء في فيلمه “ما الذي تريده النساء”. فتتحول القصة أو “السالفة” من موضوع متسلسل الى تحليل لكل تصرف وتنبؤ بالمستقبل. والأمر يستدعي الاستغراب مما آل اليه أمر المسلمين في مجتمعاتنا المنغلقة، والتي تبحث عن المعلومة الجديدة على حساب المصداقية، بل إن أصحاب التأويلات يجدون العديد من المستمعين وأصحاب التأييد لهذه القصص. متناسين أن لكل شخص نية لا يعلمها إلا هو ومن خلقه، ومهما تحدثنا تبقى أحاديثنا مجرد تأويلات لا تسمن ولا تغني من جوع، بل تزيد من حجم الغيبة التي يقع بها المتحدث. سيئ النية يجد دوما أسبابا سيئة للأعمال الحسنة توماس فولر [email protected] @shaikhahamadq