14 سبتمبر 2025
تسجيلأحاط قانون الموارد البشرية المدنية رقم 15 لسنة 2016 بمختلف الجوانب التنظيمية للتوظيف بالجهات الحكومية، وتناول بالتفصيل الحقوق والالتزامات المتقابلة بين الموظف والجهة الحكومية ضمانا لتدبير المرافق العامة في جو يسوده احترام القانون والوعي به من قبل الجميع. ومن أهم الموضوعات التي تناولها هذا القانون بالتنظيم هي المستحقات المالية للموظفين بأنواعها وشروط استحقاقها وأسباب إسقاطها عنه، وذلك حتى لا يترك الأمر لإرادة الجهة التي ترغب في التوظيف في تحديد مستحقات الموظف المالية وفق ما يتماشى مع مصلحتها فقط. ومن أكثر الحقوق المالية للموظفين التي أثارت سجالات قانونية عديدة هي مكافأة نهاية الخدمة، فهذه المكافأة لها خصوصيتها الواقعية والاجتماعية بحكم أنها آخر رابطة مالية تجمع الإدارة بالموظف سيتوقف عن تقديم خدماته لصالح الجهة الحكومية بسبب من الأسباب المنصوص عليها قانونا. وهنا نكون أمام معادلة مختلفة الرؤى، من جهة يرغب الموظف أن تكون قيمة مكافأة نهاية خدمته عالية ومتناسبة مع الجهود التي قدمها في سبيل خدمة المرفق العام وسنوات خبرته، ومن جهة أخرى ترغب الإدارة ألا تتكبد تكاليف مادية وتقدمها لفرد من المجتمع لن يصبح ملزما بعد ذلك بتقديم خدمة لتسيير مرفقها العام. إن انتهاء الخدمة في الوظيفة العمومية أمر طبيعي، لأن الإنسان مهما بلغت طاقة التزامه وقدرته على العطاء الفكري والجسدي إلا أنها تظل محدودة ولا يمكن استغلالها طوال العمر، والأفراد عموما بطبعهم يطمحون لتحقيق الأفضل والتغيير الإيجابي في نمط حياتهم، لذلك سمح المشرع للموظف أن يختار إنهاء خدمته في الوظيفة العمومية إذا رأى في ذلك تحقيقا لتطلعاته. لكن هذا التغيير أو هذا الانتهاء من الخدمة العمومية لأي سبب من الأسباب قد يؤثر في البداية على قدرة الموظف في الوفاء بالتزاماته المادية، لأنه كان يعتمد على راتب شهري للإنفاق على مصاريفه، وتوقف ذلك الراتب الشهري سوف يؤثر بالنتيجة على استقرار معاملاته المالية، وهنا يبرز الدور الحقيقي لمكافأة نهاية الخدمة التي تكون بمثابة مورد مالي يمكن أن يغطي مصاريف الموظف لحين الحصول على مدخول مادي من وظيفة جديدة أو أي مصدر دخل آخر. وأمام هذا الدور الاجتماعي والاقتصادي لمكافأة نهاية الخدمة فقد أحاطها المشرع بتنظيم مفصل، وأقر شروط استحقاقها في أن يكون الموظف قد أمضى سنة كاملة على الأقل في خدمة الجهة الحكومية، وليس مستحقا لمعاش وفق الضوابط التنظيمية الواردة في قانون التأمينات الاجتماعية، أو مستحقا لمعاش وكان قد أمضى عشرين سنة من الخدمة الفعلية أو أكثر. يتم احتساب مكافأة نهاية الخدمة لكل موظف بالاعتماد على راتبه الأساسي ومدة خدمته الفعلية بالوظيفة، إذ تتحدد مكافأة نهاية الخدمة لكل من أمضى على رأس وظيفته مدة بين السنة والخمس سنوات في راتب أساسي لشهر واحد عن كل سنة، ويستحق كل موظف عن السنة السادسة إلى العاشرة من الخدمة الفعلية راتبا أساسيا لشهر ونصف عن كل سنة، بالإضافة لرواتب أساسية خمسة شهور عن السنوات الخمس الأولى. أما من أمضى في الخدمة الفعلية أزيد من عشر سنوات يستحق مكافأة نهاية الخدمة عن السنوات العشر الأولى كما ذكرت سابقا، إضافة إلى راتب أساسي شهرين عن كل سنة موالية لها. ويختلف احتساب مكافأة نهاية الخدمة بالنسبة للموظف غير القطري الذي أمضى سنة كاملة من الخدمة الفعلية، إذ يستحق فقط راتبا أساسيا شهرا واحدا عن كل سنة، بشرط ألا تتجاوز قيمة مكافأته ما يعادل عشرة أشهر راتب أساسي حتى لو عمل فعليا أزيد من عشر سنوات، بمعنى إذ عمل الموظف غير القطري بجهة حكومية لمدة عشرين سنة مثلا، فإنه لا يستحق مكافأة نهاية الخدمة إلا ما يعادل رواتب أساسية عشرة شهور عن عشر سنوات.