12 سبتمبر 2025
تسجيلاختُتمت يوم الثلاثاء الموافق 10/12/2019 الدورة الأربعون للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في الرياض. وأكد البيان الصادر عن القمة على "ضرورة تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دول مجلس التعاون الخليجي في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها". والذي يرجعُ بالذاكرة إلى عام 1981، عندما أُنشئ المجلس، وتم اعتمادُ النظام الأساسي له، سيَجد أن المادة الرابعة ( التي تشكّل أهداف المجلس، ينصُّ البندُ الأول منها على " تحقيق التنسيق والترابط بين الدول الأعضاء، في جميع الميادين، وصولاً إلى وحدتها". ولا نعلم ما هي الأهمية الآن " لتذكير" الخليجي بهذا الهدف الذي لم يتحقق منه الكثير، بل على العكس، وُجدت على الأرض الخليجية مُمارساتٌ أبعدَ ما تكون عن التعاون والترابط، وتم استعداءُ الشعوب على بعضها، بل وتم تشتيتُ الشعوب والعائلات الخليجية، بدلاً من العمل على وحدتها. كما جاء في البيان: " أن أمنَ المجلس وحدةٌ لا تتجزأ"، مشيراً إلى أن أي اعتداء على دولة من الدول الأعضاء، هو اعتداء عليها جميعاً. وأيضاً لم نجد صدى لهذا البند على أرض الواقع، وما جرى خلال الأربعين عاماً الماضية يتناقض مع روح النصّ المذكور؛ بل إن إحدى دول المجلس تعرّضت لاعتداءات طالت أحاسيسَ الناس، وأمنَهم، واقتصادَهم، وعائلاتِهم، ولم نَجد من يرفض أو " يَستنكر" تلك الاعتداءات التي خالفت النظامَ الاساسي، بل حصلت مُنازعاتٌ على أرض الواقع، ولم يتم تفعيلُ (هيئة تسوية المنازعات)، كما ورد في النظام الأساسي، وشملت اختصاصاتها: " تختص الهيئة عند تسميتها بالنظر فيما يُحيلهُ إليها المجلس الأعلى، من: أ- منازعات بين الدول الأعضاء. ب- خلافات حول تفسير أو تطبيق النظام الأساسي لمجلس التعاون." فلا المجلسُ الأعلى أحالَ المنازعات التي حصلت، إلى هذه الهيئة، ولا طالبت الأمانةُ العامة لمجلس التعاون بذلك، وقد مضى على إقرار تشكيل هذه الهيئة حوالي 40 عاماً. وتحدّث البيانُ عن الأمن الجماعي، الذي يُناط به الدفاع عن كيان ومقومات ومصالح دول المجلس، وأراضيه، وأجوائه، ومياهه الإقليمية، التي تضمنتها اتفاقية الدفاع المشترك التي تم إقرارها عام 2000. السؤال المُضحك المُبكي في هذا النص، هو: هل مَن صاغ هذا النص، من دهاقنة القانون في الأمانة العامة لمجلس التعاون، يُدرك مدى " الحلم" الذي يعيشه البعض، ومدى " التلاعب" بمشاعر أهل الخليج الطيبين، الذين صدّقوا ( خليجنا واحد.. ودربنا واحد)، وهاموا في الشوارع مُهللين لوحدة خليجية لم تبدأ خطوتها الأولى، بقدر ما تراجعت هذه الخطوة أربعين عاماً إلى الوراء. وما جرى خلال حوالي الألف يوم من عُمر أبناء مجلس التعاون، يتعارض مع هذا النصّ!؟ فأين الأمن الجماعي، في ظل محاولة البعض زعزعة أمن دولة عضو في المجلس؟ أليس من حقنا أن نقول لدهاقنة القانون في الأمانة العامة، ( العيال كِبرت)، وما عادت هذه التدبيجات تصلح لعصر الإنترنت والتويتر والانستغرام!؟ ولا بد من الخروج من "كهف" التاريخ، والإعلام المُوجّه، ومواجهة العالم بروح من المصداقية والوضوح، فما عاد أهلُ الخليج يُصدّقون بياناتٍ تُخالفها الأفعالُ على الأرض. والنصُّ المُضحك المُبكي أيضاً، الذي يتحدث عن الوحدة الاقتصادية! يقول: " ضرورة تحقيق الوحدة الاقتصادية من خلال تسريع استكمال التشريعات والقرارات اللازمة لتنفيذ ما تبقى من خطوات التكامل الاقتصادي بين دول المجلس، بما في ذلك الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة والتكامل المالي والنقدي، وصولاً لتحقيق المواطنة الخليجية الكاملة، والوحدة الاقتصادية بحلول عام 2025!. فمن أين يتحقق التكامل الاقتصادي، وبعض حكومات الخليج يغلقون الأجواءَ والطرقَ والبحارَ على بعضهم البعض؟ ويمنعون انتقال البضائع لأهليهم في قطر؟ ومن أن يتحقق " التكامل المالي والنقدي،وصولاً لتحقيق المواطنة الخليجية الكاملة"، في الوقت الذي تُحارَب فيه العُملة الخليجية، وتُستباحُ ممتلكاتُ المواطنين القطريين في بعض دول المجلس؟ وأي مواطنة تتحقق عندما يُحرَم الطلابُ من مواصلة دراستهم الجامعية في جامعات خليجية؟ وهُم على وشك التخرج؟ بل أية مواطنة ستتحقق في ظل عدم استطاعة مواطن خليجي السفر إلى بلد شقيق ليدفن قريباً له، أو ليُبارك له في حفل زواج ؟ هذا النكوصُ في تفعيل مجلس التعاون، والضحكُ على أبنائه، والتلاعبُ بأقدارهم، ما عاد يُناسب الوقت، فالعالم كلهُ مفتوح على بعضه، والإعلام تجاوز الرقابة التقليدية والمنع والتهديد بالسجن والاقصاء!؟ كما أن اللعب على أوتار العاطفة، هو الآخر ما عاد يناسب العصر، لأن جيل اليوم أصبح ( براجماتياً) معتمداً على اللوح الإلكتروني، وليس على " لوح المدرس"!؟ والنص المُضحك المُبكي أيضاً، ما تعلق بـ " استكمال متطلبات التنافسية العالمية، لتحقيق أهداف الرؤية". ونحن ندرك أن المجلس لم يحقق التعاون مع بعض التكتلات الاقتصادية، ومنها الاتحاد الأوروبي، الذي تعثّرت المفاوضات معه منذ أكثر من ثلاثين عاماً، حيث توجد خلافاتٌ حول التشريعات المحلية، التي لا ترضى بها دولُ الاتحاد الأوروبي. ثم كيف تتحقق التنافسية العالمية للمجلس، والعالم يشهد كلَّ هذه الانشطارات والنكوص في تحقيق أهداف المجلس؟ إن العالم المُتحضر يُدين – في مواقف عدة – ما يجري في منطقة الخليج، ويُدركُ خطورةَ اللعب بالنار، التي تمارسها بعضُ الدول في المنطقة، ولن يقف العالمُ مكتوفَ الأيدي، فيما لو حاولت بعض الأيادي عرقلة تدفق النفط والغاز إلى أسواق العالم!؟ فأية " تنافسية عالمية" يريدُ المجلسُ تحقيقها، إذا كان لم يستطع أن يُحقق تنافسية خليجية صحيحة!؟ بيانُ القمة أرجعنا أربعين عاماً إلى الوراء، ولم يُرسل ذؤابةَ شمعةٍ إلى الظلام المُهيمن على المنطقة منذ حوالي ألف يوم.