12 سبتمبر 2025

تسجيل

إلا قطر والبقية تعرفونها

25 ديسمبر 2018

السودان يثور! ربما استغرب كثيرون من مظاهرات السودان التي امتدت لليوم السادس على التوالي، وبدأت على شكل احتجاجات صغيرة قبل أن تتشكل على هيئة مظاهرات جامحة سقط على إثرها بعض القتلى، ذلك أن هذا البلد الذي تفجرت على مقربة منه ثورة يناير في مصر والتي أعقبها انقلاب لا تزال مصر تعاني من آثاره المدمرة لم يتأثر آنذاك وظل يراوح مكانه بين الاستقرار والاحتجاجات المؤقتة على تردي بعض الأمور والمعيشة والغلاء الذي يمس المواطن السوداني من أصحاب الدخل المحدود، ورغم أن هذه المظاهرات شكلت صوتاً غاضباً وهديراً عالياً جعل الحكومة السودانية تقر بأن البلاد تتعرض لتحركات شعبية ليست كالتي سبقتها وماتت في مهدها إلا أن بعض السودانيين كانت لهم مفاهيمهم المغلوطة بشأن الاتصال الهاتفي الذي أجراه سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد حفظه الله بالرئيس السوداني عمر البشير وفسروه بألف تفسير وصلت معظمها للإساءة التي نرفضها في المساس بموقف قطر الذي لا يقبل التشكيك فيه أو المساومة، فقطر كانت وما زالت نصيرة الشعوب وداعمة للشعوب العربية وأياديها البيضاء امتدت إلى كافة البقاع المحتاجة في العالم، ولذا استغربت شخصياً أن تشن هذه الهجمة غير المسبوقة من كثير من فئات الشعب السوداني الغاضب على قطر في موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) واجتهاد حسابات موثقة في تنظيم هذه الحملة التي بُنيت على باطل ولا نقبل كمغردين من أهل قطر أن يقود هذه الهجمة ذباب سعودي أو إماراتي ومحاولة الصيد في المياه العكرة ونحن الذين تربطنا مع الشعب السوداني علاقة احترام ومحبة كما يحظى السودانيون في الدوحة بمعاملة طيبة ومعيشة جيدة كجالية لها احترامها ومكانتها، ولذا نتمنى ألا يسمح هؤلاء لمتصيدي الفتن أن يجعلوا من تويتر ساحة معارك يحمى وطيسها كلما اشتدت مظاهرات الخرطوم ومحافظات السودان الشاسعة، فالموقف القطري لا يمكن أن يزايد عليه أحد وعلاقة البلدين علاقة وثيقة لا تقبل ترهات من يحاول الرسم على الماء أو ركل الهواء بما يمني به هؤلاء المرضى النفسيين!. كلنا نتذكر حقبة الربيع العربي التي طافت رياحها ببعض الدول العربية مثل تونس التي بدأت هذا الربيع بحادثة مؤسفة ذهب ضحيتها الشاب محمد بوعزيزي الذي أحرق نفسه لتنطلق شرارة ثورة الياسمين التونسية وجعلت بن علي يهرب مثل الفأر المذعور إلى أحضان الرياض التي لا تزال تأويه رغم مطالبة تونس المتكررة بتسليمه ومحاكمته، ثم انتقلت هذه العدوى التي كانت نشطة جداً في تلك الفترة لتستقر في مصر وما أدراك ما هي ثورة يناير العظيمة التي دفع المصريون أرواحهم ثمناً باهظاً لنجاحها مؤقتاً في حينها، وأعلن مبارك تنحيه عن الحكم من خلال رئيس جهاز المخابرات الراحل عمر سليمان، وهاج المصريون فرحا وسعادة بسقوط من وصفوه بالعسكري الديكتاتوري الذي حكم البلاد بالدم والنار لمدة تزيد على ثلاثين عاماً، وكنا نظن أن الفرحة التي شعر بها التونسيون في نجاح ثورتهم واستمرار هذا النجاح سيستمر المصريون بالشعور بها حتى سقطت ثورتهم بانقلاب السيسي ثم بمجزرة رابعة والنهضة التي سقط على إثرها أكثر من 2000 مصري على يد الجيش السيساوي الذي لا يزال يحكم مصر وسط ظروف وتقلبات اقتصادية مأساوية يكتوي بنارها الشعب المصري المغلوب على أمره ثم امتدت نسخ الثورات (الفاشلة) إلى سوريا واليمن وها هي تحط رحالها متأخرة في السودان الذي لم يستطع شعبه كما يقول الصبر على سياسة البشير القائمة على تضييق الأحوال الاقتصادية على شعبه ليواجه اليوم ذاك الغضب الجارف الذي يعلم الله وحده إلى أين سيمضي، لكن من المؤكد أن قطر ستكون مع خيارات الشعوب الحرة أينما كانت ولن نبرر يوماً سياساتنا التي تجد كل الثقة في الداخل القطري، وعليه فإن كا ما شهده العالم من التفاف أهل قطر حول حكومتهم وأميرهم المفدى إنما هو من الثقة العمياء التي نوليها لقيادتنا الأبية التي تجد احتراما وتقديرا من جميع حكومات العالم نظراً لسياساتها التي لا تقبل القسمة على اثنين بخلاف من يطرح ويقسم ثم يريد ناتجاً يتمتع فيه!. فاصلة أخيرة: هي بلادكم فافعلوا ما تشاءون بها ولها.. ولنا (قطر) ندافع عنها بأرواحنا وسيظل ما نقدمه لها قليلا قليلا!. [email protected]