11 سبتمبر 2025

تسجيل

الرموز.. نقد أم إساءة ؟

25 ديسمبر 2018

ليس هناك عمل فوق النقد.. ولا شخص أفضل عملاً من ابن الخطاب وابن الوليد إن التاريخ العربي زور كثيره... فذكر بعض من حقيقته اليوم مؤذية للمزورين نقف ضد الإساءة الشخصية والسب واللعن لكننا قادرون على الرد بأخلاقنا في يوم من الأيام كان هناك رجل مشرك، قاس على من يدخل الإسلام، شاهد في لحظة بعض المسلمين في حالة فرح، فانقض عليهم وقتل منهم من قتل مع فرسانه، وهدد حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقلب نصر المسلمين إلى هزيمة في معركة عسكرية، هذا الرجل المشرك اهتدى إلى الإسلام بعد ذلك، وأطلق عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد أكثر الألقاب في التاريخ مهابة وفخامة، إنه سيف الله المسلول خالد بن الوليد. هل إننى أسأت إلى خالد بن الوليد عندما قلت إنه كان مشركاً، أو انه قلب نصر المسلمين إلى هزيمة وتسبب في مقتل بعض صحابة رسول الله ؟ بالطبع لا، فقد ذكرت حقيقة تاريخية يعرفها الجميع، ولأن الرجل أسلم، فإن الإسلام يجب ما قبله، فقد ذهب خالد للقاء ربه بأعمال جليلة يتمناها كل منا، نسأل الله له القبول والمغفرة والرحمة. اليوم هناك خلط في الفهم ما بين نقد عمل الأشخاص وبين نقد سلوك الأشخاص وأسرارهم الشخصية، فنقد العمل صحي لتقويمه، ونقد العاملين في المجال واجب لتصحيح خطأهم أو تذكيرهم بأن هناك من يتابع عملهم وسير الإنجاز فيه. ودعونا نوضح بمثال تقريبي للقارئ: عندما أقول إن المسؤول الفلاني قد فشل أثناء إدارته للمؤسسة في تحقيق سبعة أهداف من عشرة أهداف التي كان قد وضعها في بداية تعيينه، فإنني لا أهاجمه، ولا أسيء إليه، وكلمة فشل ( غير المقبولة في ثقافتنا) ليست مؤذية، وليس البديل عنها «لم ينجح»، لأن الناقد يرصد الظاهرة ويقدمها بتجرد مع نقد الأداء المقدم من الناحية العلمية. أما عندما ينتقل هذا الناقد ليقول إن هذا المسؤول لم يكن ملتزماً بصلواته أو كان يشرب الخمر أو يدخل في نشر مشاكله الأسرية، فقد تخطى باب النقد للإساءة، أو يتعدى باب النقد للقذف بوصفه بصفات قبيحة أو يشتمه بكلمات لا أخلاقية. وهذا الأمر ينطبق على الأحياء والأموات، فنقد عمل الأشخاص لا يعني أنه يجب أن يكون طالما كان الشخص على قيد الحياة، بينما عند الميت نستخدم عبارة «اذكروا محاسن موتاكم»، فالنقد الأدبي العلمي يجوز للاثنين، فعمل الدنيا يجب علينا نقده وتدوين تاريخه، أما عمل الآخرة فبين الرجل وربه حياً كان أم ميتاً. اليوم يغضب البعض بسبب ما نشره برنامج ما خفي أعظم من دور الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله حاكم الإمارات السابق في العملية الانقلابية عام 96، وكيف انه كان «الرئيس التنفيذي» لهذه العملية الانقلابية بمساعدة أبنائه خليفة «الحاكم الحالي» ومحمد «ولي عهده» من باب أنه رمز خليجي، ومن باب «اذكروا محاسن موتاكم» ومن باب أن الرجل قدم الكثير من الإيجابيات لشعبه وبلاده، وهنا يجب أن نقف عند بعض النقاط المهمة: أولاً: إن التاريخ لا يغضب، وما فعله الرجل عن اقتناع في ذلك الوقت يجب أن يكشف للأجيال، فكما يروج لخير عمله، فإننا يجب أن نعرف شر عمله أيضاً، ورئاسته للعملية الانقلابية الأولى، ومحاولته الانقلابية الوحشية الدموية الثانية جزء من عمله، وتاريخه في الحكم، أساء فيه إلى قطر وأهلها، ولو نجح في تنفيذ مخططه لكنا اليوم نتحدث عن مدن قطرية مسح أهلها ورموز قطرية صفيت بوحشية. ثانياً: «اذكروا محاسن موتاكم» حديث ضعيف، الحديث رواه أبو داوود والترمذي من حديث عمران بن أنس المكي عن عطاء عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اذكروا محاسن موتاكم، وكفُّوا عن مساويهم. قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث غريب، سمعت محمدًا - يعني البخاري رحمه الله - يقول: عمران بن أنس المكي منكر الحديث، وروى بعضهم عن عطاء عن عائشة. والحديث حكم عليه الشيخ الألباني -رحمه الله- بالضعف، حتى إن صح الحديث فرضاً فإنه بالتأكيد ينطبق على الأمور الشخصية لا أمور العامة وعمل المرء في شأنهم. ثالثاً: إن الشيخ زايد قدم للإمارات وشعبها الكثير، ونحن نقر بذلك ولا ننكره، فإن عمل خيراً لأهل الإمارات فله الشكر منهم والتكريم، وإن عمل خيراً في حياته لا نعلمه فجزاؤه رحمه الله خيراً عند ربه، لكننا نتحدث عن عمل قام به الرجل ضد قطر وقيادتها وشعبها ونسرد تاريخاً في جزئية معينة تعنينا، فإن كانت غير صحيحة فليثبت الإماراتيون ذلك، فالبينة على من أدعى، والمدعي أثبت ما يدعيه، والآن جاء دور المتهم لتبرئة نفسه. رابعاً: نحن ضد أي إساءة لأي رمز خليجي، ضد السب والقذف واللعن لأي فرد كان، حياً كان أو ميتاً، مواطناً عادياً أم قائداً تاريخياً، وعلينا إن وجدنا من يقوم بذلك أن ننكر عليه. خامساً: الإساءة للرموز نرفضها جملة وتفصيلاً لأنها تفتح باباً لا نهاية له، لكن هذا الكلام هو الخلق العام للشعب القطري وقيادته، وهو الذي يعاني من 22 عاما من سوء الخلق والإساءة المستمرة له ولقيادته من قبل الإمارات والسعودية والبحرين، ولذلك يجب أن يتوقف الثلاثي المحاصر عن قذفنا بالحجارة.. طالما أن بيتهم من زجاج. كلنا خطاؤون، ومن لا يريد أن ينتقد عليه أن يجلس في بيته ولا يمارس وظيفة عامة تمس حياة الناس ومعيشتهم، فكيف بمن يستغل عمله في إيذاء الناس. التاريخ لا يرحم، وما لا يكشف اليوم، ستكشفه قادم السنوات، وإن غداً لناظره قريب.