12 سبتمبر 2025

تسجيل

الأسواق المالية والعوامل النفسية

25 ديسمبر 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); استفاد المتعاملون في أسواق الأسهم كثيرا من ثورة المعلومات التكنولوجية نظرا لتمكنهم من الوصول إلى أي سوق يريدون الاستثمار فيه، وأي سهم يريدون شراءه من خلال الإنترنت. ولا شك أن هذا التطور بقدر ما يحمل من فوائد فإنه يحمل مخاطر كبيرة بالنظر لاتساع رقعة المخاطر التي يتعرضون لها. لكن ما يلفت النظر أن القاسم المشترك لهذه العوامل هو دور العوامل النفسية وغير المحسوسة والتي كثيرا ما لاحظنا أنها تلعب دورا هاما في أسواق المال بغض النظر عن هويتها الوطنية.فنحن عندما نتابع اتجاهات وتداولات أسواق الأسهم الخليجية بصورة مستمرة لمحاولة فهم واستيعاب ما يدور فيها، تجبرنا هذه الاتجاهات والتداولات للعودة للنظر في دور العوامل غير المحسوسة والنفسية التي تحرك هذه الأسواق، خصوصا أن هذه العوامل تتحرك - بعض الأحيان - في اتجاهات غير متناغمة - وبعض الأحيان متعاكسة - مع العوامل الأساسية (Fundamentals).ومن بين العوامل النفسية التي لاحظنا أن العديد من المستثمرين يتأثرون بها بدافع غريزي وبدون التدقيق في نتائجها هو الولاء الذي يظهرونه لأسهم بعينها ودون سواها. فنجدهم يعمدون إلى التعامل في هذه الأسهم مهما اختلفت الظروف في السوق. ومن التصرفات السلوكية التي يمكن ملاحظتها في أسواق الأسهم سواء في منطقتنا أو في مناطق عديدة أخرى هي غريزة الركض وراء الجموع. وهكذا نجد المستثمر يتلقف أول إشارة لوجود إقبال على سهم معين ليبادر إلى الانضمام إلى الركب دون أن يتوقف لحظات كافية ليسأل نفسه لماذا هذا الإقبال ولماذا الانضمام إلى الركب.ويفترض أن المستثمر المتزن والذي يهتم بتنمية مدخراته أن يحصن نفسه ضد هذه المخاطر والانفعالات النفسية، فعليه أولا وقبل المباشرة في العملية الاستثمارية أن يتأكد أنه متفهم لظروفه المالية الخاصة، عارف لمتطلباته الآنية واللاحقة وبالتالي هيأ نفسه لقبول النتائج والتعايش معها مهما بلغت. بعد هذه المرحلة من الإعداد النفسي تأتي مرحلة البرمجة والتخطيط، ويعتبر التنويع في الاستثمار من أهم أسس هذه المرحلة. فتنويع الاستثمارات على قطاعات متعددة بقدر الإمكان يقلل من فرص الصدمات النفسية المفاجئة. فالمحفظة المتوازنة والتي تشمل أسهم وسندات شركات ذات طبيعة ودورات اقتصادية متعاكسة تعتبر من أفضل الوسائل الوقائية من المخاطر الموروثة بالسوق، وهذا تأكيد للمثل القائل بعدم وضع البيض جميعه في سلة واحدة. أما إذا وجد المستثمر نفسه مضطرا لهذا الموقف، فعليه عندئذ أن يتأكد أن السلة الوحيدة هذه تعتبر غير مثقوبة من الأسفل.من الأسس الأخرى الهامة في تلافي الانفعالات النفسية أيضا هو أن لا يقيد المستثمر كافة الأموال في الأصول المالية بصورة كاملة، لأن ذلك يحرمه من الدخول السوق حينما تهبط الأسعار وتسود ظروف ما يطلق عليها بسوق الدب، إذ إن الذين يتمتعون بقدر من المرونة في استثماراتهم فإن كساد السوق وهبوط الأسعار يخلق لهم ظروفا ملائمة لتحقيق بعض الاستثمارات الناجحة.كذلك لا بد من الإشارة هنا إلى ملاحظة جديرة بالذكر وهي أن العوامل النفسية تتسع رقعة أهميتها وحجم تأثيرها كلما ضاقت قاعدة الإفصاح المالي وتوفرت البيانات والمعلومات المالية الخاصة بالشركات المتداولة في السوق "للمتعاملين الداخليين" فقط. إن غياب هذه البيانات والمعلومات بشكل متساو لكافة المتعاملين يفسح المجال أمام الاجتهادات الشخصية والشائعات. لذلك فمن الضروري العمل على تطوير قواعد ومتطلبات الإفصاح المالي في الأسواق المالية الخليجية واتخاذ مزيد من الإجراءات لحماية مصالح صغار المستثمرين فيها.