18 سبتمبر 2025

تسجيل

لن ننسى بنة آل إسحاق

25 ديسمبر 2012

يوم الثامن عشر من ديسمبر غمرت الفرحة كافه أنحاء البلاد بأكملها فى كل أسرة ووزارة ومؤسسة، مع رفرفة العلم عمت كل مشاعر الحب والولاء لوطننا الغالي قطر ولأميرنا الغالي الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وولي عهده الأمين حفظهما الله. ولكن فى نفس اليوم عم الحزن عائلتنا الكريمة بفقدان رمز من رموزها القيادية والادارية والاجتماعية الوالدة بنة محمد آل إسحاق رحمها الله وكان خبر وفاتها نقمة كبيرة على قلوبنا، وهذا ليس اعتراضا على قضاء الله عز وجل ولكننا فقدنا قدوة كبيرة فى عائلتنا فى المكانة والعزة والكرم والشموخ، ومدى حكمتها فى إدارة العديد من الأمور فى أوساط العائلة وخارجها بالعلاقات الاجتماعية. فهذه المرأة منذ فتحت عينى على الدنيا، وكنت أراها شامخة فى عقلها وقوتها الاجتماعية والاقتصادية وعلى المستوى العائلى لدينا كان لها صدى كبير فى المكانة الاجتماعية المرموقة فى تواصلها الاجتماعى مع جميع أفراد العائلة من النساء والرجال من خلال قيامها بكافة الواجبات الاجتماعية التى تتعلق بالعائلة من مناسبات سارة أو حزينة تجدها تتقدم الجميع وتصحب معها بناتها وزوجات أبنائها وأحفادها وذلك لتغرس بداخلهم اهمية التواصل والواجبات الاجتماعية وصلة الأرحام، وهذا بجانب ما كانت تقوم به فى المناسبات الدينية كشهر رمضان الكريم والأعياد وحرصها على توزيع الأكلات التقليدية والشعبية كالهريس حتى أصبحت عادة يعتاد عليها جميع أفراد العائلة فى كافة المناسبات بارسال هريس أم عبدالله إليهم، وهذا بجانب إذا طلب منها أحد من العائلة هريسا أو غيره فى أى مناسبة له لم تتأخر عنهم فى تلبية حاجتهم. واضافة إلى حكمتها الرائعة وهى بين أبنائها وكانت تحرص على تجمعهم حولها بصفة دائمة فى منزلها خاصة نهاية الأسبوع تجد جميعهم حولها على وجبتي الغداء والعشاء، ولو تحدثنا عن إدارتها لحل مشاكل كل منهم سواء كان مع زوجته أو زوجها أو كان لديهم أى مشاكل خارجية سواء كان فى العمل أو مع العلاقات الاجتماعية داخل أو خارج العائلة، فكانت تمتاز بالحكمة والصبر فى تهدئتهم واعانتهم على حل مشاكلهم وحفظ أسرار ابنائها بشكل لا يشعر به أحد. ولو نظرنا إلى سعادتها الغامرة حينما تطرق بابها فى أى وقت وتجدها جالسة فى صالتها وتستقبلك بأجمل ما عندها من ابتسامة وحفاوة استقبال بالحديث منذ استقبالك وتخرج لك أجمل ما عندها من ضيافة وتلومك أشد اللوم بأنك لم تعطها خبرا بزيارتك لها حتى تجهز لك وليمة غداء أو عشاء تليق بتشريفك لها. وحينما تتأخر عنها فى الاتصال أو الزيارة لها فى بيتها تلومك أشد اللوم لانقطاعك عن زيارتها فترة، وتنسى هذا اللوم بمجرد دخولك عليها بيتها. ونظرة الأمل والتفاؤل التى تبثها بين أبنائها حينما يلجؤون إليها فى مشاكلهم الخاصة بهم وترشدهم بالصبر والتأنى لتجاوز محنهم وظروفهم الخاصة بهم. ولو تحدثنا عن حبها للخير ومساعدة الأسر المتعففة فكان لها باب كبير فى عمل الخيرات وكانت تسعى فى سد حاجة كل من لجأ إليها، أو طلب منها حاجة لأسر محتاجة فكانت تحث أبنائها على ذلك وتقوم هى بعملية التواصل وجمع المبلغ من أبنائها. وناهيك عن لبسها ثوب الصبر حينما مرضت الفترة الأخيرة قبل وفاتها وحينما كنت أقوم بالاتصال بها ما تسمع منها غير كلمة الحمد لله على لسانها، وأنها راضية بقضاء الله وقدره وأنها أفضل من غيرها فى الصحة والعافية وكل ذلك كانت تردده رغم كبر سنها ومعاناتها مع المرض بعكس نماذج كثيرة نراها أمامنا كل يوم غير راضية وناقمة على حالها. لقد تركتِ يا أم عبدالله بصمة اجتماعية ونفسية فى العائلة وتعلمنا منكِ الكثير من الخصال الحسنة التى نتمنى أن نستمر عليها ونعمل بها مثلما زرعتِها فى نفوس كل أبناء وبنات العائلة، ولقد فارقتِنا بجسدك وليس بروحك وطبائعك بيننا، ولن ننسى أنا وغيرى حبك للخير وسعيك وراءه ونتمنى أنا وغيرى من أبناء العائلة أن نكمل مسيرتك فى الخير والطاعة والصبر والعطاء اللامحدود. فتحياتى لكل كبير أو كبيرة السن فى كل عائلة وبيت وأسرة قطرية صنعوا الكثير والكثير من أجلنا فى ظل ظروف اجتماعية واقتصادية قاسية ورغم ذلك تجد تاريخهم مشرفا للغاية لكل منا لما قدموه من رحلة الكفاح والعمل والجهد والصبر والعطاء بسخاء بعكس ما نحن فيه الان من توفير كل وسائل الراحة والرفاهية المفرطة ورغم ذلك ما قدمنا ربع ما قدموا وليس لدينا نصف الصبر الذى يتنعمون به فى مشوار حياتهم ولذا أتمنى أن نكون نموذجا للأجيال القادمة كنموذج أم عبدالله وغيرها من كبار العائلة وأن نواصل ونستمر على ما قدموه وزرعوه فى نفوسنا وتاريخنا المشرف بهم ونحن قادرون على ذلك.