10 سبتمبر 2025

تسجيل

المغامرون لأجل الحقيقة في غزة!

25 نوفمبر 2023

نقلت بعض الوكالات مقطعا مصوّرا، ليلة الإثنين 20/11/2023، لنقل جثمان أحد شهداء غزة للمستشفى فوق سيارة حوضية لنقل الماء! وعند مدخل الطوارئ قال أحدهم للمصوّر: لمَنْ تُصوّر؟ وهل هناك أحد يَهْتَمّ لأمرنا؟ وهذه رسالة غزاوية مؤلمة للعالم الذي يُتابع القتل والتهجير والخراب «الإسرائيلي» عبر شاشات التلفاز، وشبكة الإنترنت، بفضل جهود المغامرين من الصحفيين والناشطين، ومع ذلك فالعالم يتفرج، ولا يتحرك لإنقاذهم! والصحافة ليست مهنة شهرة وعلاقات على حساب الوطن والناس، بل عين الوطن والمواطن، والأداة الفاعلة لنصرة الإنسان، بعيدا عن الخنوع والمتاجرة بالقضايا العادلة المرتبطة بالوطن والناس! وتعتبر الشجاعة والجرأة والتحمل في مقدمة الصفات الواجب توفرها بالفرق الإعلامية في أرض المعركة، وكذلك الدقة والحيادية في نقل الوقائع للعالم وسط الركام والحطام، وتحت براكين الصواريخ، وهدير الطائرات! والرسالة الإعلامية تُعَرِّض صاحبها لأكبر الصعاب والمخاطر، التي قد تنتهي بالتغييب في السجون والاغتيال والموت! ولعب الإعلام الميداني دورا حيويا وبارزا في نقل إرهاب «إسرائيل» للعالم، ويمكن القول إن الإعلام كان القوة الموازية للبندقية الفلسطينية في مواجهتها لهمجية «إسرائيل»! ودفعت الأسرة الصحفية عشرات الشهداء والجرحى في معركة «طوفان الأقصى»، وكأنّ «إسرائيل» تتعمّد استهداف الصحفيين لأنهم العين الناقلة والكاشفة لجرائمها البشعة المستمرة في غزة بحق المدنيين والمرضى! وتقطع «إسرائيل»، باستمرار، الاتصالات والمواصلات عن الكوادر الإعلامية حتى تكون جرائمها بعيدة عن الرأي العام، لكن، ومع كل المضايقات، نجحت وسائل الإعلام في نقل الحقيقة وبيان همجية «إسرائيل»! وقد سعت بعض القنوات العالمية لكشف الحقيقة للعالم، وهذا الدور يُلجم الأصوات المشككة بالإعلام الفلسطيني والعربي، وبهذا فقد ساهمت تلك القنوات في كشف وجه «إسرائيل» الحقيقي للعالم! وهنالك بأرض غزة اليوم أكثر من ألف صحفي ومصور من جنسيات مختلفة يعملون تحت النيران، وهم عرضة للقتل في أي لحظة، وربما، لا قدر الله، يقتلون على الهواء مباشرة! ولغاية يوم 21/11/2023 قتلت إسرائيل (62) صحفيا، وذلك لتخوفها من التصوير المباشر لجرائمها، وبالذات من القنوات العربية والغربية التي أوقفت غالبية برامجها وانشغلت بنقل جميع أخبار غزة، وعلى مدار الساعة! وتحاول «إسرائيل» إخلاء مسؤوليتها عن سلامة الصحفيين، وأكدت بعد الطوفان بأنه: «لا يمكن ضمان سلامة الصحفيين»! وهذه التصريحات «الإسرائيلية» لا يمكن معها إخلاء مسؤوليتها القانونية والأخلاقية لاستهدافها المتعمد والدقيق للصحفيين والطواقم المرافقة لهم! فمَنْ الذي يُطلق النيران، أليست هي قوات الاحتلال التي لا تفرق في ضرباتها بين خطوط المواجهات، والمناطق السكنية، والمستشفيات، ودور العبادة، والفرق الصحفية؟ واستهداف عائلة الزميل وائل الدحدوح مدير مكتب قناة الجزيرة بغزة لم يكن عبثيا، بل كانت رسالة دموية لإسكات الدحدوح وقناة الجزيرة المستمرة بنقلها للأحداث لحظة بلحظة، وعلى مدار الساعة! وقد دفع بعض الصحفيين ضريبة مواقفهم الإنسانية لعدم تناول القنوات والصحف التي يعملون معها لأحداث غزة بحيادية وموضوعية، وقد طردوا من وظائفهم أو استقالوا بسبب مواقفهم النبيلة، وهذا قمة الموقف الصحفي المهني الأصيل! لقد ساهمت الصحافة في تحقيق النصر الذي توج بإرغام إسرائيل على توقيع الهدنة الإنسانية، الخميس الماضي، لسحب قواتها المتورطة في أوحال غزة! وقبل الهدنة بساعات ذكرت صحيفة بوليتيكو الأمريكية، بأن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن «قلقة من احتمال وصول الكثير من الصحفيين إلى غزة عقب الهدنة الإنسانية، ما سيساهم في الكشف عن المزيد من الوحشية الإسرائيلية المرتكبة هناك»! هم يعلمون بأن الصحافة عين الناس في العالم، فهل ستحاول «إسرائيل» القضاء على جميع الصحفيين بأرض غزة للتغطية على جرائمها؟