15 سبتمبر 2025
تسجيلترى بعض الاتجاهات والدراسات الدولية أن الدفع بالحصانة القضائية هو في الأصل دفع بعدم الاختصاص الدولي للمحاكم الوطنية، لذلك تجد بعض الأنظمة كفرنسا مثلاً وأيضاً مصر يذهبون إلى أن الحصانات القضائية للدول الأجنبية ورؤسائها وممثليها الدبلوماسيين هي ضمن المبادئ الخاصة بالاختصاص القضائي الدولي، لذلك.. فإنهم يعتبرون الحصانة القضائية قيداً على الاختصاص الدولي للمحاكم الوطنية، وهو ما يستدل على تكييفهم للحصانة القضائية على أنه دفع بعدم الاختصاص الدولي. من جانب آخر.. يجب هنا التفرقة بين قواعد الاختصاص القضائي (الحصانة القضائية) حيث إن الحصانة القضائية تخرج عن مفهوم (الاختصاص القضائي) حيث إن الاختصاص القضائي هي قواعد داخلية سواء كان الاختصاص داخلياً أو دولياً وذلك تجسيداً للطابع الوطني لقواعد الاختصاص الدولي نفسها، لذلك فإن فكرة (الحصانة القضائية) تقوم أصلاً على مجموعة أسس ثابتة في القانون الدولي، وعندما استقر العرف الدولي على منح الدول الأجنبية وممثليها الدبلوماسيين حصانة ضد قضاء الدول الأخرى فمن ذلك يتضح أن الحصانة القضائية هي قيد على سلطة الدولة في القضاء، وذلك بناء على نصوص القانون الدولي. إذاً.. تحديد اختصاص القضاء داخل أي دولة فإن الدولة بدورها تتولى بنفسها تنظيم سلطتها في القضاء، وذلك بوضع قواعد الاختصاص الدولي، وتستبعد الخلافات التي ترى عدم اختصاص محاكم دولتها بالنظر فيها، رغم تمتع الدولة بالسلطة القضائية الكاملة بالنظر بشأنها، لذا.. فإن الدولة عندما تترك أي منازعات تكون طرفها دولة أجنبية أو رئيس هذه الدولة أو ممثليها الدبلوماسيين والذين جميعهم يشكلون مدعى عليهم، فإن هذه الدولة لا تترك ذلك بمحض إرادتها، ولكن لعدم قدرتها على بسط سلطة قضائها عليها. لذلك.. فإن (الحصانة القضائية) ليست مجرد قيد على الاختصاص الدولي للمحاكم الوطنية، ولكنها أيضاً هي قيد على سلطة الدولة في القضاء وذلك وفق مبادئ القانون الدولي. من جانب آخر.. هناك من يرى أن القيد المفروض على الدولة بخصوص (الحصانة القضائية) في القانون الدولي ليس إلا بمحض إرادتها، وبإمكان هذه الدولة أن تنفذ تشريعاتها دون النظر لأحكام القانون الدولي الخاص (بالحصانة القضائية)، وقد تملك المنظومة الدولية توقيع الجزاء على هذه الدولة. لذا.. فإن الدفع (بالحصانة القضائية) لا يمثل دفعاً بعدم الاختصاص الدولي للمحاكم الوطنية، ولكن له طبيعة خاصة، لذلك.. يرى البعض بأن الدفع (بالحصانة القضائية) هو دفع بعدم قبول الدعوى القضائية. - الوصف الإجرائي السليم للدفع بالحصانة القضائية الدفع بالحصانة القضائية لا يتعلق بالحق موضوع النزاع، لذلك لا يعتبر دفعاً موضوعياً، ولا يتعلق بإجراءات الخصومة، وبالتالي لا يعتبر دفعاً شكلياً، ولكن الموضوع يتعلق بصفة المدعى عليه وهي الصفة التي جعلت منه أنه لا يخضع للقضاء الإقليمي، أي يتعلق بمدى حق المدعي في رفع دعواه، وهو ما في الأمر، لذلك هو بالوسط بين الدفوع الموضوعية والدفوع الشكلية، وهذا المركز القانوني هو: (الدفع بعدم القبول في القانون الداخلي). - إن الربط بين حصانة الأشخاص الاعتبارية الدولية والأعضاء الدوليين المعتمدين وبين الولاية القضائية ما هي إلا تأييد ومناصرة لموضوع الامتيازات الأجنبية، والذي يتمثل مضمونه في الخروج على سيادة الدولة. هذه الأفكار والتي لاقت تأييداً من البعض لا تتفق مع الاتجاهات القانونية الحديثة، وهو أصلاً طبيعته عزل الحصانة عن الولاية القضائية، وحتى لو تم تكييف الدفع بالحصانة القضائية بأنه دفع بعدم الاختصاص المحلي حيث يمكن للخصوم التنازل عنه ولكن يجب أن لا نتجاهل الفارق بينهما والمتعلق بميعاد الدفع حيث إنه لابد من إبداء الدفع بعدم الاختصاص المحلي، وذلك قبل التحدث في موضوع الدعوى القضائية، وقبل أي دفوع أخرى، وهذا هو أصلاً ما يشترط في الدفع (بالحصانة القضائية) والذي يجوز إبداؤها في أي مرحلة تكون عليها الدعوى، حيث إن هذا التنازل لابد من وجود قرينة له ولا يثبت هذا التنازل لمجرد التحدث في موضوع (الدعوى القضائية). وقد جاء في اتفاقية فيينا في المادة (٣١) بخصوص المبعوثين الدبلوماسيين هذا المبدأ حيث قررت أن: "تمتع المبعوث الدبلوماسي بالحصانة القضائية في الدولة المعتمد لديها لا يعفيه من قضاء الدولة المعتمدة". وحيث إن هذه النتائج لا تأتي إلا مع الاعتراف بوجود حق الدعوى، وليس وجوده فقط بل استمراريته قائم في مواجهة صاحب الحصانة القضائية، فوجود هذا الحق هو الذي يبنى عليه متابعة المتمتع بالحصانة وبالتالي مقاضاته أمام محاكم دولته، وبالتأكيد دولته ترفض ولاية محاكم الدولة الموفد إليها المبعوث الدبلوماسي، وتقرر طبعاً ولايتها هي وذلك في النظر في أي دعاوى وطلبات تقدم في مواجهة هؤلاء المتمتعين بالحصانة القضائية. لذلك.. الحصانة ترتبط بالولاية، لذا فإن الدفع بالحصانة هو دفع بانتفاء الولاية القضائية خبير ومستشار قانوني [email protected]