09 سبتمبر 2025

تسجيل

تسامحي مع المدخنين (1-2)

25 نوفمبر 2018

تسامحي مع المدخنين كلفني الإصابة بالسرطان في جزء من الحنجرة وتحديدًا في الحبل الصوتي عام 2001. وقد شفاني الله وشفيت تمامًا من هذا المرض، ولله الحمد، أحببت أن أعرض قصتي مع المرض هنا لكم في أكثر من مقال بعد أن نَشَرتها مسبقًا الجمعية القطرية للسرطان ضمن كتيب صغير، ارتأيت عرضها في صباح الأحد لتسليط المزيد من الإيضاح، متمنيًا أن يستفيد المدخنون والمدخنون السلبيون من هذه التجربة. أسترجع معكم أحد أيام عام ٢٠٠١ في لندن، جلست مع الطبيب ليشرح لي وضعي الصحي، حيث لاحظت في البداية تغيّر نبرة صوتي ومن ثم تمّ اكتشاف حقيقة الأمر عن طريق الفحوصات التي أجريت، فوجئت به يخبرني بأن حالتي مطابقة لإصابة مدخن شره، سبب تفاجئي هو أنني لم أدخن سيجارة واحدة في حياتي وأتخذ موقفًا رافضًا لهذا الفعل منذ صغري. بعد أن أكدت له أنني لا أدخن أبدًا أخبرني أن هناك احتمالاً واحدًا وهو أن ما أصابني إنما هو من تأثير التدخين السلبي! وبالفعل تذكرت لحظتها كل ما مرّ معي في سنوات عمري حيث كنت متسامحًا جدًا مع أصدقائي وزملائي المدخنين، ولم أبدِ تضايقًا مع أحد يدخن بجانبي حتى إن كان يدخن داخل سيارتي أو في مكتبي، وها أنا أدفع الثمن غاليًا لهذه المجاملات الفادحة التي كلفتني الإصابة بسرطان الحنجرة! أما اليوم فقد تغيّر موقفي تمامًا من المدخنين من حولي وأصبحت لا أخجل من إبداء تضايقي ممن يدخن ولو عن بعد فأبدأ بالسعال وإظهار الانزعاج، بل وأطلب منه التوقف عن التدخين، وهذه رسالة أوجهها لمن يتسامح مع المدخنين أن يحذو حذوي، فآثار التدخين السلبي خطيرة وقد تتسبب في إصابتك بالسرطان لا قدر الله. مررت بمراحل علاج السرطان المتعبة بأعراضها الجانبية التي تغيّر حتى من الشكل الخارجي للإنسان، منعت من الكلام والتزمت الصمت المطبق بينما كان الصخب في داخلي شديدًا وموجعًا، ولطالما تساءلت في لحظات الضعف ما إذا كنت سأرى أرض الوطن مجددًا أم سأعود له جسدًا بلا روح، اختلطت في المستشفيات بمرضى السرطان على اختلاف أوضاعهم، فمنهم من أقيمت له حفلة وداع بعد شفائه، ومنهم من فارق الحياة أمام أعيننا، تلك المشاهد المتناقضة والمؤثرة تحفر في الذاكرة وتغيّر نظرة الإنسان للحياة وتعيد ترتيب أولوياته، لا شيء يريح النفس ويرفع المعنويات إلا الإيمان الحقيقي والثقة بالله، والحمد لله. إن من نعم الله عليّ أن منّ عليّ بالاكتشاف المبكر للمرض، حيث دفعني التغيّر الذي طرأ على نبرة صوتي للبحث عن الأسباب، ومن هنا أدعو الجميع لتجنّب تأجيل أو تجاهل أي تغيير يطرأ على الصحة العامة مهما بدا عاديًا فبعض الأمراض الخبيثة تتخفى في بدايتها وراء أعراض بسيطة. ◄آخر الكلام: لا بد أن نستفيد ونفيد من تجاربنا مهما كانت مؤلمة وقاسية. - سأستعرض معكم في المقال القادم إن شاء الله الدور الهام الذي تقوم به الجمعية القطرية للسرطان في المجتمع.