14 سبتمبر 2025

تسجيل

قوانين اللعبة التي تغيّرت

25 نوفمبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); 35 عاما من علاقة دول الخليج العربي المتوترة مع النظام الإيراني، اعتبرها البعض كسنوات الحرب الباردة، رغم سخونتها، وتحولها إلى مواجهة في بعض مواقع الصراع، تختلف حدتها من موقع إلى آخر. هي علاقة غريبة نوعا ما، كانت إيران ترفع وتيرة المواجهة فيها إلى أكثر من مرحلة تهريب الأسلحة، التي تعدتها إلى تنفيذ عمليات إرهابية من اغتيالات وخطف وتفجير وإرهاب وصل إلى الحرم المكي، بل وصل إلى احتلال تام لثلاث جزر إماراتية، كما هو معلوم. مع ذلك، كنا نتابع تفاصيل غريبة في المشهد، فالسفراء باقون في طهران رغم كل السلوك العدائي من نظام الملالي، مع ردات فعل غاضبة ومتفاوتة، ما تلبث أن تعود، وكأن شيئا لم يحدث.من أفضل ما قرأت شرحا لتلك المواقف السياسية، ما كتبه قبل أشهر، الباحث بمعهد دراسات الأمن القومي (INSS) يوئيل جوازنسكي، من جامعة (تل أبيب) في فلسطين المحتلة. كتب ذلك الباحث مقالا بعنوان: "أدوات السياسة الخارجية للقوى الصغرى: التحوط الإستراتيجي في الخليج".كتب الباحث الصهيوني محللا الأدوات التي تستخدمها دول الكويت وقطر والبحرين والإمارات وعمان في إطار تعاملها مع إيران.في بداية بحثه، شرح الباحث ماذا يعني بالتحوط الإستراتيجي، حيث فسره بأنه مبدأ قائم على مسايرة السلوك الإيراني، مع العمل في الوقت نفسه، على تطوير قوة هذه الدول بما يوازي هذا السلوك، ما يقلل – من وجهة نظره- من خطورة الصراع مع إيران على المدى القصير، سعيا للحفاظ على أي خطط طارئة في المستقبل لمواجهة أي تهديد إيراني على المدى البعيد. ذكر الباحث أن دول الخليج الصغيرة كانت تسعى لحلول وسطى، تعزز موقفها من الدول الكبرى، في الوقت الذي يجنبها أي مواجهة كبرى مع تلك الدول. بمعنى، محاولة امتصاص أي سلوك عدواني إيراني بالدبلوماسية، مهما كان ذلك السلوك!.الباحث الصهيوني فصّل في تلك العلاقة، فبينما وصف علاقة الكويت بإيران بأنها "اقتراب حذر"، اعتبر علاقة قطر بها، بأنها محاولة لموازنة القوة والنفوذ ضد السعودية. الباحث أشار إلى التناقضات في علاقة الإمارات مع إيران، فاحتلال الجزر الإماراتية، لم يمنع الإمارات أن تكون أفضل شريك تجاري مع إيران، ناهيك عن سعي الإمارات –كما يقول الباحث- إلى تحقيق المصالح مع إيران وتجنب الصراعات!انتقل بعدها الباحث إلى البحرين، التي اعتبرها الأكثر احتكاكا وعداء، بسبب التدخلات الإيرانية الفاقعة في أحداثها السياسية، مع ذلك يذكر الباحث أن البحرين قد وقعت مع إيران عقودا استثمارية وصلت قيمتها إلى 4 مليارات دولار خلال الـ25 سنة القادمة!عمان لها علاقة خاصة، أمنية وتجارية ودبلوماسية، وهي تبدو أكثر الدول الخليجية قربا من إيران. الباحث لم يتكلم عن المملكة العربية السعودية فيما بحثت، لكنه أشار إلى العلاقة بين دول الخليج العربي وأمريكا. أترك ما كتبه الباحث الصهيوني جانبا، لأتحدث عن تلك الرؤية، ومدى دقتها بعد عاصفة الحزم. عاصفة الحزم، قد خلطت الأوراق، فما عادت سياسة التحوط الإستراتيجي قائمة بالنسبة لكل دولنا الخليجية كما كانت في السابق. علاقة طهران بالمملكة العربية السعودية والبحرين بلغت حدا متطورا من التوتر. حتى سحب السفراء الذي كان يتم على استحياء سابقا، بات حاسما اليوم. صراع الأجندتين بات جليا في اليمن وسوريا، كما بات واضحا في لبنان والعراق. العلاقة بين غالبية دول الخليج مع أمريكا لم تكن كما كانت من قبل، وإن كان هذا الحديث نسبيا، فقد يتغير بناء على الحزب الأمريكي الحاكم. لكن يبقى أن هناك مواجهة واضحة على الأرض في أكثر من ميدان، وتحت الطاولة في كل ميدان.لعل دول الخليج اكتشفت متأخرة جدا، أن الأجندة الإيرانية، لا يصلح التعاطي معها بسياسة ضعيفة، تسعى للتحوط الإستراتيجي، أمام عدو كلما رآك ضعيفا تقدم، حتى أسقط عواصمنا العربية واحدة تلو الأخرى!.أمريكا وروسيا والمملكة المتحدة وفرنسا، وغيرها من دول الغرب الإمبريالي، ستظل مع إيران، تنام على سرير واحد أمام العالم، مادامت مصالحها السياسية والاقتصادية تقتضي ذلك.دولنا عليها اليوم أن تستوعب حجم المخاطر، وأن تغير علاقتها ليس مع إيران فقط، بل حتى مع الدول العربية القريبة، التي باتت تمثّل خطرا على أمنها القومي سياسيا وإستراتيجيا واقتصاديا وجغرافيا.