11 سبتمبر 2025

تسجيل

"شل" تستحوذ على "بي . جي" في أكبر صفقات العام

25 نوفمبر 2015

أدى الانخفاض في أسعار النفط وما ترتب عليه من هبوط أرباح الشركات العالمية الكبرى المتخصصة في هذا المجال إلى بدء موجه من الاستحواذات، ولعل أكبرها هذا العام قد تمثل في استحواذ شركة "شل" الهولندية على منافستها الأصغر مجموعة "بي. جي" في صفقة بلغت قيمتها 47 مليار جنيه إسترليني بخلاف سدادها لديون متراكمة على الشركة قيمتها 8 مليارات جنيه أخرى لتصبح القيمة الإجمالية للصفقة نحو 55 مليار جنيه إسترليني لتمثل أكبر صفقة في قطاع الطاقة خلال السنوات العشر الماضية. هذا وسوف تزيد هذه الصفقة من سيطرة شركة شل على قطاع الغاز الطبيعي على مستوى العالم من خلال هيمنتها على المشروع الضخم للغاز الطبيعي المسال في "كوينز لاند كورتيس" بأستراليا ووضع يدها على استكشافات الغاز الكبرى لمجموعة "بي. جي" أمام سواحل تنزانيا، والغاز الكثيف بمياه المحيطات العميقة بالبرازيل والتي تعد بمثابة الجائزة الكبرى لشركة شل في هذه الصفقة لبلوغ إنتاج "بي. جي" من غاز البرازيل قبل نهاية العقد الحالي إلى المكافئ لنحو 550 ألف طن غاز يوميا والذي يمثل أربعة أضعاف إنتاجها الحالي، بالإضافة إلى امتلاك مجموعة "بي.جي" لأكبر أسطول ناقلات للغاز، ومن ثم تفوقها في مجالات التخزين والتكرير والإسالة والنقل والتوزيع، وهي القطاعات التي تتمتع بدرجة أقل من المخاطرة ودرجات أعلى من الربحية. ومما يؤكد من أهمية هذه الصفقة أنها سوف تُمكن شركة شل من رفع احتياطياتها من الغاز بأكثر من 25% وتزيد من إنتاجها بمعدل 20%، كما أنها سوف تعزز من قدرة الشركة "مع بداية عام 2018" على ضخ أكثر من 40 مليون طن غاز طبيعي سنوياً بالأسواق، أي ما يقرب من 17% من تجارة الغاز الطبيعي العالمي، بالإضافة لضخها لكميات ضخمة من النفط، مما يجعلها من أكبر منتجي الوقود في العالم، ومن ثم فإن شركة شل بعد هذه الصفقة سيتركز نشاطها على إنتاج الغاز أكثر من النفط، كما تؤكد هذه الصفقة على أن الغاز أصبح هو التجارة الواعدة الحقيقية عالمياً وتعاظم دوره وأهميته أكثر بكثير من النفط في ظل تزايد مؤيدي الطاقة النظيفة والتطلعات البيئية العالمية.إلا أن جميع الامتيازات السابقة لا تعني أن شل سوف تجني الأموال والأرباح بسهولة ويسر، إذ مازالت صناعة الغاز العالمية تعاني من صعوبات جمة وتكاليف مرتفعة بعمليات التنقيب والاستخراج خاصة ما كان منها بمياه المحيطات العميقة "كما هو الحال في البرازيل"، كما تعاني كذلك من تنافسية الأنواع والمصادر الأخرى للطاقة وفي مقدمتها انخفاض أسعار النفط إلى مستويات قياسية، وكذا وفرة إمدادات النفط الصخري الأمريكي، بالإضافة إلى حالة الركود الاقتصادي العالمي وانخفاض معدلات النمو بدول الأسواق الناشئة وفي مقدمتها الصين.ويؤكد مديرو شركة شل أن فكرة الاستحواذ على مجموعة "بي.جي" كانت موضع نقاش منذ أكثر من عشرين عاماً، وأن ما ساعدهم على إتمام الصفقة في الوقت الراهن هو انخفاض أسعار النفط الخام على المستوى العالمي بأكثر من 50% خلال الاثني عشر شهراً الماضية ومن ثم انخفاض إيرادات الكثير من الشركات العاملة في هذا المجال وما ترتب على ذلك من خفض تقييمات العديد من شركات الطاقة وخفض قيمة أسهمها وفي مقدمتهم مجموعة "بي. جي" التي انخفض سعر سهمها خلال الشهور الماضية بنحو 28% مما جعل منها صفقة مغرية لا تفوت.هذا وسوف تفتح هذه الصفقة باب الاستحواذات والاندماجات في مجال الطاقة على مصراعيه، ومن المتوقع أن تحذو شركات طاقة عملاقة أخرى حذو شركة شل، في ظل ثبات نفس الظروف والاعتبارات ومن أهمها انخفاض أسعار النفط وانخفاض إيرادات شركات الطاقة وتحقيق البعض منها لخسائر، والدليل الأكبر على ذلك هو تراجع أرباح شركات النفط والغاز العالمية في النصف الأول من هذا العام، حيث تراجعت أرباح شركة "بريتش بتروليوم" بنسبة 26% وأرباح شركة "شل" بنحو 22%، وأرباح شركة "توتال" بمعدل 21%.لذا فمن المتوقع أن تكون صفقة استحواذ شل مؤشراً على بداية موجة من صفقات الاستحواذ العملاقة، ومن ثم إعادة ترتيب وهيكلة صناعة النفط والغاز العالمية، ومن أهم الشركات المرشح الاستحواذ عليها شركة بريتش بتروليوم البريطانية، وذلك من قبل الشركات العالمية الأخرى المنافسة كشركات إكسون موبيل وسيفرون وتوتال، في محاولة منها لاستعادة الهيمنة والسيطرة على الأسواق العالمية، وذلك بعد أن ضمنت صفقة استحواذ شل على مجموعة "بي.جي" تفوق شل على شركة إكسون موبيل اعتبارا من 2018 في إنتاج وتصدير كميات أكبر من النفط والغاز، ومما جعل منها أكبر شركة طاقة غير مملوكة للدولة في العالم.