10 سبتمبر 2025

تسجيل

تقــــدم تـركيـــا وتخاذل العـرب !

25 أكتوبر 2021

طالبني البعض بأن أبدي رأيي فيما يخص دور تركيا المتوسع في المنطقة، والواقع أنني أود أن نكون صريحين فيما يتعلق بجمهورية تركيا الشقيقة وهي أنها تحولت من بلد مغمور سياسيا إلى بلد مشهور بها بسبب السياسة التي سار عليها الرئيس المحنك رجب طيب أردوغان، الذي يعود له الفضل بعد الله إلى إعلاء كلمة المسلمين في وسط أوروبا وفي بلاده أيضا، والحقيقة أنني أبدو مهتمة بدور تركيا في منطقتنا العربية وهي التي بات لها دور في سوريا وليبيا وقضية العرب المصيرية في فلسطين، لأننا لم نكن لنسمع بأي دور تركي في مثل هذه القضايا سابقا وشاءت طرق السياسة الوعرة أن تجرف أنقرة نحو شواطئنا العربية باعتبار حدودها المشتركة مع سوريا واستنجاد حكومة الإنقاذ الليبية الشرعية بحكومة أردوغان لرد عدوان العقيد المتقاعد والمتمرد خليفة حفتر الذي يحاول بشتى الطرق التسلل إلى وسط العاصمة الليبية طرابلس بعد أن أقام قواعده العسكرية في عدد من ضواحي العاصمة، وأهم مدنها مثل عنتاي وبنغازي وغيرهما وواجه مقاومة باسلة من قوات الإنقاذ الحكومية المدعومة من قبل تركيا التي استطاعت مساهمتها العسكرية واللوجستية في دحر عدوان حفتر وتحقيق هزائم كبيرة بقواته بسبب هذا التدخل الذي استنكرته جامعة الدول العربية مدعومة ببعض الدول العربية التي رأت من هذه المساعدة تدخلا سافرا في شأن عربي خاص، ولكنها تناست أنه في الوقت الذي اعترف العالم بمؤسساته الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة ومجلس الأمن بحكومة الوفاق رئاسة معترف بها على ليبيا لم تلق هذه الحكومة أي تأييد سواء معنويا أو ماديا أو لوجستيا إلا من بعض الدول، وأهمها دولة قطر التي رأت في ثورة ليبيا ربيعا عربيا مشروعا لشعب خرج من نظام حكم قسري استمر ما يزيد على أربعين عاما، ونادى بحريته التي وجدت طريقها لحكومة الوفاق التي تحاول اليوم بكل الطرق صد عدوان المتمردين على العاصمة برئاسة حفتر الذي يعلن نصرا واحدا بين كل عشر هزائم له وهو أمر إن كان يراه بعض العرب بأنه شأن عربي داخلي ليس من حق تركيا التي تقع بين شقين آسيوي وآخر أوروبي، فهم أنفسهم لا يمسكون بعصا السياسة الوسط ويميل أكثرهم لمساندة حفتر على الوفاق الوطني المعترف بها دوليا كحكومة تتولى شؤون البلاد والعباد معا، ولذا لم يكن بمستنكر على الوفاق أن ترى في تركيا الجار الذي يفصلها عنه البحر الأبيض المتوسط المعين الحقيقي لها بعد أن تمايلت المواقف العربية على حبل تمايل هو الآخر بين كفة القبول بها أو الرفض لها، ولذا فإن الذين ينتقدون الموقف التركي اليوم من جانب القضايا العربية فإن موقف أنقرة يبدو مبررا لا سيما وأنها تشترك مع سوريا الملغمة اليوم بعشرات الهويات الأجنبية والقوات التي تقاتل فيها إلى جانب حكومة بشار الذي قامت ضده ثورة لم يكتب لها الله النجاح كالثورتين اللتين سبقتا انطلاقها في كل من تونس ومصر، واستمرت اليوم لتصبح أقرب إلى الفوضى المختلطة بأكثر من هوية وجنسية وحرب شوارع شعواء ناهيكم عن المقاتلات التي تزخر بها سماء سوريا محملة بالقنابل والمقذوفات التي لا تترك كائنا حيا كان إنسانا أو حيوانا إلا واستهدفته بوحشية وإرهاب لا تلق بعدها سوى عبارات هشة من التنديد والشجب ودعوات لتشكيل لجان تحقيق تتعثر خطواتها حتى قبل أن تغادر مقرها متوجهة إلى ذلك البلد العربي المنكوب فعلا والمحاط بقواعد تمثل إحداها الخطر الحقيقي والمتفرع إلى وجهين أيضا أحدهما جماعات معارضة للحكم التركي، وتتخذ حدود سوريا مقرا لتنفيذ هجماتها الخاطفة على تركيا التي استطاعت حتى الآن وقف سيل هجمات هذه الجماعة المصنفة كجماعة إرهابية، بينما يتمثل الوجه الآخر والأشد سيطرة على الواجهة التركية هو تدفق اللاجئين السوريين على الأراضي التركية والتي وجدت حكومة أردوغان نفسها وحيدة أمام استقبال ما يزيد على 4 ملايين لاجئ سوري حتى الآن، ومطالبة بتوفير المساعدات الإنسانية لهم وبإيوائهم في ظروف معيشية باتت فوق مقدرة أنقرة وتخل بتركيبة البلاد السكانية، ولذا يبدو دور تركيا في منطقتنا أشبه بالمهمة المستحيلة التي تخلى عن قيادتها بعض العرب للأسف!. [email protected] ‏@ebtesam777