13 سبتمبر 2025
تسجيليقول صن تسو "إن كنت تعلم قدراتك وقدرات خصمك، فما عليك أن تخشى من نتائج مائة معركة، وإن كنت تعرف نفسك، وتجهل خصمك، فمقابل كل انتصار ستعاني من هزيمة، إذا كنت تجهل نفسك كما تجهل عدوك، فسوف تواجه الهزيمة في كل معركة" (كتاب فن الحرب). حتى تستطيع ان تؤثر في الاخرين يجب عليك أولا ان تتعرف وتستكشف نقاط القوة والضعف في شخصيتك او في أسلوب قيادتك، فمتى استطاع القائد ان يفهم نفسه استطاع فهم الاخرين والتعامل معهم بناء على قدراتهم ومهاراتهم وخبراتهم، فليس من المعقول ان تكون قادرا على التأثير دون ان تكون قادرا على استيعاب حدود قدراتك وامكانياتك، فالقائد الذكي هو الذي يجبر الاخرين على الدخول في محيط قوته، لأنه اكثر ابداعا وابهارا في هذه المنطقة، وأيضا اكثر تأثيرا، وبعيدا عن هذه المنطقة يكون مكشوفا ومعزولا عن مصادر قوته، فالقائد الجيد لا يعتبر نقاط ضعفه عجزاً او قصورا في كفاءة انما يتعامل معها كعراقيل او تهديدات لنجاحه، ولابد من إيجاد الحلول والأساليب المناسبة، اما للتخلص منها نهائيا او تحييد اثرها السلبي على كفاءته وإنجازه. فالهروب منها او تجاهلها هو خطأ لا يغتفر، فهي بهذا تصبح قنبلة موقوتة يمكن ان تنفجر في أي لحظة وفي أي موقف دون سابق انذار، وحينئذ تكون الخسائر فادحة ومدمرة. لذلك تعتبر نقاط الضعف في شخصية القائد من اهم العوامل التي تؤثر سلبا على أداء المهام والمسؤوليات واتخاذ القرارات وبالأخص الحاسم منها، فهي العدو الذي يجب ان يواجهه القائد وينتصر عليه أولا قبل ان يبدأ في مواجهات العقبات وإدارة الاخرين. ولعل سرعة الغضب والمزاجية والتسرع في اتخاذ القرارات، وكذلك الخوف من المواجهة والكذب او عدم المصداقية والقائمة تطول، وكلها امثلة على نقاط الضعف التي يمكن ليس فقط ان تؤثر على قدرات القائد القيادية، ولكن أيضا يمكن ان تستغل من قبل الاخرين سواء كانوا أعداء او منافسين او استغلاليين في محيط بيئة العمل. وللتغلب على نقاط الضعف والسلوكيات السلبية في الشخصية يجب أولا تحديدها بدقة والاعتراف بها ومن ثم التعرف على مسبباتها حتى تصبح معالجتها ممكنة، فمن غير الممكن ان توضع حلول او استراتيجيات للتغيير دون تحديد الأهداف وادراك المخاطر ومن ثم مواجهة المخاوف وتعزيز الثقة بالنفس. ان الخبرات والمعارف وسعة الاطلاع والثقافة العامة كلها أدوات واسلحة يمتلكها القائد الجيد، فهي تعزز الثقة بالنفس لمواجهة المخاوف حتى في احلك المواقف، فالقائد الذي يعي جيدا ما يدور حوله ويمتلك المعرفة والخبرة يسهل عليه تحليل الأمور وتقييمها بالشكل الصحيح مما يسهم في اتخاذه للقرارات المناسبة. من الطبيعي ان يشعر الانسان بالخوف في بعض المواقف ولكن الامر الخطير ان يتمكن الخوف منه ويقهره، والقائد الناجح هو الذي يواجه الخوف والمخاوف بشجاعة، ودائما ما يحاول إيجاد حلول وسبل لتجاوزها، فليس كل القادة الناجحين يتساوون في تعاملهم مع مخاوفهم من نقاط ضعفهم، ولكن جميعهم استطاعوا ان يتوصلوا الى استراتيجيات وحلول لتخفيف اثارها عليهم بلاشك. ان الكمال لله وحده سبحان وتعالى وجميعنا ناقص وفي هذا حكمة، فنحن دائما في حاجة للآخرين، وكذلك القائد فهو في حاجة لفريق عمل وبطانة جيدة من حوله حتى يستطيع أداء مهامه وواجباته وتحقيق النجاح، وهذا ما سوف نتحدث عنه في المقال القادم بإذن الله من هذه السلسلة. @drAliAlnaimi