11 سبتمبر 2025
تسجيلفي مقال الأسبوع الماضي تحدثنا عن قصة شركة كهرمان العظمى والتي كما ذكرنا أنها تعمل في جزيرة من جزر بحر الروم، ولقد التبس على الكثير من القراء الأعزاء بين قصة كهرمان العظمى وبين أسطورة ترويها كتب الأساطير والخرافات تتحدث عن شركة يتشابه أسلوب تعاملها وصيغ عقودها مع المشتركين بشركة كهرمان، فهذه الشركة وكما تقول الأسطورة إنها تسمى «شركة ماريدو العملاقة» وقد كانت ماريدو أيضا تعمل في نفس الجزيرة ولكن في مجال واختصاص حيوي آخر، فقد كانت المزود الوحيد لهذه الخدمة في الجزيرة لفترة طويلة من الزمن وكانت تتحكم في كل مفاصل هذا النوع من الخدمات بدون أي منافس، ولكن بعد ذلك دخلت شركة أخرى تقدم نفس الخدمات على الجزيرة، مما أحدث نوعا من المنافسة التي لم تتأثر بها الشركة الأسطورية العملاقة. ويقال إن شركة ماريدو العملاقة (والتي اشتق اسمها من اسم المارد والذي تعني العملاق أو الضخم على حسب بعض المصادر) توسعت في تقديم خدماتها ليشمل استثمارات في جزر أخرى في بحار أخرى كبحر الظلمات وبحر التنين بالإضافة إلى بحر الروم، ولكن المضحك المبكي في قصة ماريدو العملاقة، أنها تقدم خدماتها في تلك الجزر بأسعار مخفضة جدا يشيب لها شعر الوليد مقارنة بأسعار خدماتها في الجزيرة الأم، ويعزو المؤرخون والكُتاب ذلك لشراسة المنافسة في تلك الجزر مع شركات الخدمات المماثلة بما حدا بماريدو بأن تقدم عروضا قوية وتكلفة خدمة رخيصة جدا حتى تستطيع أن تعمل في تلك الجزر، وبالرغم من أسعارها المخفضة هذه التي بالكاد تغطي نفقاتها التشغيلية، إلا أن شركة ماريدو استمرت في العمل في هذه الجزر، وبالمقابل فالمشتركون في خدمات ماريدو بالجزيرة الأم يشعرون بالظلم والأسى والغضب على أسعار الخدمات في جزيرتهم التي تمزق جيوبهم تمزيقا دون رأفة أو رحمة. ويذكر في أحد الكتب التاريخية القديمة أن مكافآت مجلس إدارة شركة ماريدو سنويا قد تصل إلى 5 % من صافي الأرباح، ويقول مؤلف كتاب «القول المفيد في التاريخ البعيد» إنه في إحدى السنوات بلغ صافي ربح الشركة أكثر من مليار حرتوش (الحرتوش هو اسم عملة الجزيرة ويعادل في وقتنا هذا حوالي 27 سنتا أمريكيا) أي أن مكافآت مجلس الإدارة بلغت حوالي 50 مليون حرتوش. ويتابع الكاتب تأريخه في قصة شركة ماريدو ويقول إن هذه المكافآت عن أرباحهم في الجزيرة الأم فقط، بينما لو جمعت مكافآتهم عن باقي صافي أرباح الجزر الأخرى لأصيب القارئ بالذعر والهلع. ولعل سيناريو عقود الإذعان في شركة كهرمان الكبرى يتكرر مرة أخرى في شركة ماريدو العملاقة، فهي أيضا تلزم مشتركيها بعقود إذعان مماثلة تصب في مصلحة الشركة فقط دون أدنى اعتبار لحقوق المشتركين، ففواتير شركة ماريدو ملزمة الدفع دون أي اعتبارات لاحتمالية حدوث أخطاء حسابية أو إدارية، وإنما على المشترك الدفع أولا ومن ثم الشكوى حتى يتم النظر في مشكلته، وفي الغالب تكون نتيجة شكواه أن المشترك مخطئ بنسبة 99.99 في المائة، ولو استطاع أحد المشتركين أن يتجاوز خطوط دفاع خدمة المشتركين الحديدية وأثبت أنهم على خطأ في فواتيرهم التي دفعها، فليس بإمكانه استرداد أمواله وإنما يقال له سوف تضاف إلى حسابك وتخصم من مستحقات الفاتورة القادمة، أي بمعنى آخر أن «الحرتوش» الذي يدخل إلى خزانة ماريدو لا يعود إلى الحياة مرة أخرى وعلى المشترك أن يكبر عليه أربعا.