12 سبتمبر 2025
تسجيللن تنجح إدارات العلاقات العامة دون هياكل تنظيمية متحركة متطورة تواكب العصر مررنا بمخاطر أزمة سياسية فهل كانت كل إدارات العلاقات العامة في الدولة بنفس الجاهزية نحتاج لإستراتيجية وطنية وتغيير شامل ولإشهار جمعية العلاقات العامة بين الحين والآخر تقوم وسائل الإعلام والكتاب بصب جام غضبهم على وزارة أو مؤسسة أو هيئة، وبغض النظر عن صحة أو خطأ النقد، واقعيته أم المبالغة فيه، إلا أن كل نقد ينتهي بتحميل إدارة العلاقات العامة في كل مؤسسة المسؤولية عن هذا الخلل، وناتج ذلك بلا شك أمران، الأول أن من يتصدر المشهد للشرح أو التبرير أو الاعتذار في كل أزمة هو مدير العلاقات العامة كجزء من واجبه الوظيفي، والثاني جهل الناقد بطبيعة عمل المنقود وظروف المنتقد. قد تكون شهادتي مجروحة في هذا المقال للطرفين، في الطرف الأول بصفتي إعلاميا عشت المهنة بكل قنواتها الصحفية والتلفزيونية والإذاعية والإلكترونية، والطرف الثاني بصفتي الوظيفية كمدير للعلاقات العامة في المؤسسات التي عملت بها، لكني سأتجرد من تنازع كل طرف من أجل تقديم نقد عقلاني خبير بكل طرف. في إعلامنا المحلي هناك 3 نماذج من العمل الصحفي، وكل منها يعاني من إشكالية في التعامل مع إدارات العلاقات العامة، وهنا شرح مبسط لكل منها: أولا: الصحفي في الصحف: وهذا الصحفي تعتمد علاقته على التواصل اليومي مع إدارات العلاقات العامة ويطلب منها رداً فورياً على كل شيء ومعلومة عن كل شيء في كل وقت، وهو ما قد لا يكون متاحاً أحياناً، وقد لا يكون مسموحاً في أحيان أخرى، فيحدث الصدام، و العلاقة بين المؤسسة الصحفية والعلاقات العامة مستمرة ما استمر العمل الصحفي، وعليه فإن حالة الصدام متوقعة أحياناً، تمارسها الصحف للضغط أحياناً للحصول على امتياز الأخبار الحصرية، وأحياناً لخلافات مع المؤسسة. ثانياً: الصحفي في التلفزيون والإذاعة: وعمله المتابعة الخبرية أكثر من النقدية وعلاقته مع إدارات العلاقات العامة محدودة وغير تصادمية. ثالثاً: النقاد والكتاب: وهنا المشكلة، فإن لم تكن للكاتب علاقة شخصية بمدراء العلاقات العامة فإن أي وصول للمعلومة يكون ناقصاً، ليس لأن الأبواب تسد في وجهه، ولكن لأن كثيرا من الكتاب لا يكلفون أنفسهم البحث عن الحقيقة بقدر النقد عطفاً على ما ينشر من أخبار أو تصل إليه من معلومات. لكن كتاب المقالات (أو من تحول منهم للتغريد) في الغالب يواجهون إشكالية فهم طبيعة عمل العلاقات العامة في كل مؤسسة، وقد واجهت شخصياً في مؤسسات عملت بها نقداً لاذعاً للمؤسسة لكنه لم يكن صحيحاً ولا ينطبق عليها، بل إن زيارة واحدة للكاتب إلى الموقع الإلكتروني كان يكفيه عناء الكتابة، وكان كافياً ليوضح له أن ما ينتقدنا به ليس من اختصاصنا ولا من مهام هذه المؤسسة أو الهيئة. أعود لسؤال المقال، هل لدينا أزمة علاقات عامة في مؤسساتنا، الواقع يقول نعم، وذلك يعود لعدة اعتبارات: • لم تنجح مؤسساتنا في التعاطي مع التحديثات التي طرأت على عالم الاتصال، ويعود ذلك إما لجمود الهياكل الوظيفية وعدم تطويرها بإضافة أقسام جديدة، أو بسبب تحديث الهيكل دون الأخذ بالاعتبار رأي أهل المهنة والاختصاص فيكون هيكلاً شكلياً يختلف واقع تطبيقه عن شكله الإداري، فكم مؤسسة لدينا اليوم فيها قسم للعلاقات الإعلامية وهو قسم بات مهماً في كل المؤسسات الكبرى في العالم، وكم مؤسسة لدينا فضلت إنشاء قسم لإنتاج المحتوى أو للتواصل الاجتماعي بدل التعاقد مع شركات خاصة تتقاضى مبالغ فلكية. • مازال الفهم المنقوص لوظيفة إدارات العلاقات العامة يسيطر على الكثير من القيادات العليا في المؤسسات، فما زال ينظر لها كأنها إدارة بروتوكول للاستقبال والتوديع، وما زال البعض يعتبرها "مكباً" لكل موظف غير صالح أو مغضوب عليه، فيتم تحويله لإدارة العلاقات العامة، ورغم أن الهياكل الجديدة في كثير من المؤسسات حلت هذه المعضلة البروتوكولية بإنشاء مكاتب علاقات عامة في مكتب المسؤول الأول بمهام بروتوكولية فقط، إلا أن النظرة العامة ما زالت مستمرة. • اختيار كوادر العلاقات العامة في المؤسسات ما يزال دون الطموح، فالبعض يعتقد أن مدير مكتب الرئيس أو الوزير ومدير العلاقات العامة منصبان يجب أن يكونا حكراً على أصدقاء الرئيس، بغض النظر عن كفاءة الشخص، ومعايير التعيين في كثير من المؤسسات مغيبة، وهو ما ينتج عنه قيام كل إدارة بإدارة علاقاتها العامة ومشاريعها بشكل منفرد. إن واقع العلاقات العامة في مؤسساتنا يحتاج إلى انتفاضة حقيقية على مستوى وعي المسيرين للمؤسسات بها، هياكلها التنظيمية ومهامها الوظيفية، التطوير والتدريب، اختيار الكوادر، والوعي الإعلامي والمجتمعي بدورها واختصاصاتها. لقد عانت بلادنا قبل عام ونصف العام من اختراق لوكالة الأنباء القطرية، ولولا العلاقات العامة التي أرستها بلادنا طوال سنوات مضت على المستوى السياسي والاقتصادي لكان كثير من المواقف صدقت أكاذيب دول الحصار وفبركاتها، وقد كنت في الأيام الأولى للحصار قلقاً من قدرة إدارات العلاقات العامة في البلاد على التعاطي مع سرعة التدفق الخبري وكثرة الفبركات والأكاذيب والشائعات. اليوم ونحن نقترب من عامنا الثاني في الحصار أتساءل: هل لدينا إستراتيجية مشتركة لإدارة العلاقات العامة في الأزمات ؟ هل لدينا فريق إعلام وعلاقات عامة مصغر لإدارة الأزمات ؟ هل هناك إستراتيجيات داخلية في كل مؤسسة ووزارة للتعاطي مع الأزمات التخصصية فيها ؟ ونحن نتحدث عن العلاقات العامة أيضاً فإنها كمهنة تتطلب حماية العاملين فيها، خاصة مع التغيير الدوري لمن يشغل منصب مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام في بعض المؤسسات لدرجة أن تصل إلى 3 أو 4 مدراء في العام الواحد. ولعل المشرع القطري لم يغفل حماية أي مهنة من خلال السماح له بتأسيس جمعيته الأهلية التي تعبر عنه وتساهم في تطويره وتحمي حقوقه، وأرى أن إنشاء جمعية العلاقات العامة في قطر بات أمراً لازماً لما تتطلبه المهنة وما نحتاج إليه مما سبق ذكره في هذا المقال. إن جمع المختصين في مجالات العلاقات العامة وفروعها تحت مظلة واحدة يسهم في رقي العمل المهني، ويصوب الكثير من خطواتها، ويصحح الصورة النمطية غير الحقيقية عن العلاقات العامة ودورها في المجتمع والمؤسسات. [email protected]