16 سبتمبر 2025

تسجيل

حوارات سياسية في فيتنام

25 سبتمبر 2012

دفعتني أسباب متعددة لأبتعد عن الخليج العربي والشرق الأوسط عامة وأهوال ما يجري في أجواء هذه البقعة الجغرافية المهمة من العالم رحت إلى جمهورية فيتنام لكي أسمع من العامة والخاصة كيف هزموا كل من عاداهم من جوارهم الجغرافي ودول كبرى مثل فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في الحرب على الشعب الفيتنامي في النصف الثاني من القرن العشرين وكيف استطاعوا توحيد فيتنام شماله وجنوبه ورحت أسأل: هل هناك دعاة لانفصال الجنوب عن الشمال وما هي أحوال أتباع الديانة المسيحية في أجواء الهيمنة البوذية والشيوعية رحت أناقش من التقيت بهم من المشتغلين بالصحافة والإعلام والتعليم كيف ينظرون إلى حال العالم العربي وهل يناصرون قضاياه كما كنا نناصر ثورتهم أو إن شئت حركة توحيد فيتنام في النصف الثاني من القرن العشرين قابلت بين من قدر لي مقابلتهم أساتذة جامعات وبعض كوادر الحزب الشيوعي الحاكم المشتغلين بالتعليم والإعلام. (2) تركت الشرق الأوسط والنيران مشتعلة في كل زاوية من زواياه ونذر حرب شاملة قد تقع في أي لحظة في هذا الجزء من العالم ورحت أنشد الهدوء والتأمل وملاحظة ما يجري في العالم العربي من بعيد إلى جانب ما ذكرت أعلاه لكن لاحقتني نذر الحرب حتى في أقصى الشرق صراع قد يتصاعد إلى مواجهة مسلحة بين الصين العملاق الجامح على كل الصعد واليابان المترقب لدور يؤديه لتصفية نزاعات جغرافية بين روسيا واليابان وصراع آخر بين اليابان والصين وهو موضع الاحتكاك في تلك المنطقة من العالم.الصراع القائم اليوم بين عملاقين آسيويين يدور حول فرض السيادة على ثلاث جزر غير مأهولة لا تزيد مساحتها على سبعة كيلو مترات مربعة تقع في أرخبيل نانسي شوتو الذي يضم العديد من الجزر وتقول الوثائق اليابانية إن سيناكوكو تقع تحت السيادة اليابانية منذ عام 1895 ونظرا لهزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية وضعت نانسي شوتو تحت الوصاية الأمريكية ضمن معاهدة سان فرانسيسكو في عام 1952 وأعيدت إلى اليابان في عام 1971.أما الصين الشعبية فتدعي أن الجزيرة المتنازع عليها (دياو يو) كانت جزءا من أراضيها منذ العصور القديمة وهي مأوى لصيادي الأسماك الصينيين وكانت تحت إدارة تايوان تنازلت الأخيرة عنها لصالح اليابان عام 1895 لكنها ردت إلى الصين الشعبية في عام 1952. هذا الموضوع ألقى بثقله على المشتغلين بهموم منطقة جنوب شرق آسيا فلا يمكن الحديث مع أحد من العامة أو الخاصة إلا ويثور هذا الخلاف الصيني الياباني والتخوف مما قد يؤدي ذلك الخلاف بين العملاقين الصين واليابان على المنطقة برمتها خاصة بعد تحركات وزير الدفاع الأمريكي في المنطقة يقول أحد كوادر الحزب الحاكم في فيتنام وهو ليس من القيادات العليا في الحزب أن الصين دولة عظمى قوية عسكريا واقتصاديا يديرها حزب شيوعي بعقلية رأسمالية لديها شبق في التوسع على حساب جيرانها حتى فيتنام لم تسلم من أطماع الصين في مياهها الإقليمية نحن في فيتنام منشغلون بالنهوض ببلادنا اقتصاديا وتعليميا بعد ما لحق بنا من دمار شنته علينا الولايات المتحدة الأمريكية وكل حلفائها، ومن قبلها فرنسا واستطعنا تحقيق الانتصار وتحرير بلادنا وتوحيدها. إننا نعترف للصين بالجميل لمساعدتها لنا خلال حرب الوحدة والتحرير لكن ذلك لا يعني التنازل عن حقوقنا أو السماح بالتعدي علينا، وراح محدثي يقول: الصين واليابان لهما معنا تاريخ طويل قاومنا طموحات تمددهما على حساب سيادتنا وأراضينا ومياهنا الإقليمية ونحن رغم جراحنا من حروب مضت مع الطامعين في الهيمنة ورغم تركيزنا على التنمية إلا أننا لن نسمح بأي قوة مهما كانت قوتها أن تنال من سيادتنا ووحدتنا. قلت لمحدثي: الشيوعية انتهت في مهدها موسكو وانهارت في كل دول أوروبا الشرقية وكما قلت الصين الشيوعية تعمل اليوم بفكر رأسمالي أي أن الفكر الشيوعي قد هزم وأنتم هنا ما برحتم تتمسكون بالحزب الحاكم الوحيد أي الحزب الشيوعي ومركزية التخطيط الاقتصادي إلى متى ستبقون على هذا المنوال؟ قال: نعم الحزب الشيوعي انحل في روسيا وهناك أسباب عديدة على استعداد لتفصيلها لكن وقتك ووقتي لا يسمحان بالتوقف عند هذه النقطة لكن دعني أذكرك بأن الحزب الشيوعي الذي حكم في موسكو وأوروبا الشرقية لأكثر من سبعين عاما لم يجدد شبابه وبقيت قياداته جامدة تحكم بعقلية ما قبل الحرب العالمية الأولى إلى جانب أسباب أخرى أما في فيتنام فالوضع مختلف كليا قيادات الحزب الشيوعي عندنا ليست أبدية إنها متغيرة عبر انتخابات، لدينا رضا عام عما يفعل الحزب والدولة وهذه الميزة كانت غائبة في المجتمعات الأوروبية الشيوعية الأمر الذي سارع في انهيار تلك الأحزاب بمجرد فتح نافذة صغيرة في جدار الإصلاح. في فيتنام الحزب الشيوعي يجري عملية إصلاح في كل الحقول وقياداته العليا ووسط الهرم التنظيمي في حالة تجديد مستمرة. لقد حققنا الكثير في مجال الإعمار والإصلاح بعد تحقيق النصر عام 1974 ونعترف بأن المهمة ليست بالسهولة لكن إصرارنا على النجاح سيجعلنا نحقق أهدافنا ونحن جبهة موحدة. آخر القول: للحديث صلة في الأسبوع المقبل.