20 سبتمبر 2025

تسجيل

ثقافة المشروع وليس العلاج بالثقافة

25 أغسطس 2021

ثقافة المشروع تعني تلك الوضعية التي تجعل من الواقع المعاش أساساً لمشروعها، منه تنطلق ومع عناصره ومعطياته تتفاعل، أما العلاج بالثقافة فهو البحث والتنقيب في ملفات تاريخ الأمة السابق لإيجاد الحلول رغم تغير الأزمان وتبدل الأحوال أي اعتماد النقل فيما يتحمل إجهاد العقل فيه لإيجاد الحلول. أعتقد بأننا كأمة بحاجة إلى ثقافة المشروع وليس في حاجة إلى الحل الثقافي بمعنى اللجوء إلى الثقافة لإيجاد الحلول لمشكلاتنا المعاصرة، وهناك فرق كبير بين الاعتبار بالماضي وحوادثه وبين استيراد الحلول من بين جوانبه وملفاته. بينما ثقافة المشروع تعني إيجاد الأرضية المناسبة لقيام مشروع عربي لمواجهة تحديات الأمة وإيجاد مثل هذه الأرضية يحتمل أبعاداً كثيرة ومتعددة، بحيث تأخذ شكل انصهار يعقبه تشكل لرؤى جديدة (في مناطق متعددة من العالم تشكلت مثل هذه الأرضية بعد الدخول في حروب أهلية طويلة). إن أهمية مثل هذا المشروع تتأتى لكونه الحل الوحيد لمواجهة الأخطار التي تلمّ بالأمة من كل حدب وصوب. فالاستفراد الأمريكي بقيادة العالم والسيطرة الاقتصادية والإستراتيجية عليه تتطلب مواجهته أو مقاربته أو على الأقل تحييده قيام مشروع محدد الأهداف. ولسنا أكثر تقدماً من أوروبا التي أدركت ذلك وأدركت أنها تواجه (50 دولة) هي في المجموع الولايات المتحدة الأمريكية، فلذلك كان المشروع الأوروبي شوكة في خاصرة الولايات المتحدة الأمريكية وشركاتها العملاقة، فكانت الإيرباص نداً للبوينغ ومشروع أيريان للفضاء منافساً لوكالة ناسا الفضائية الأمريكية وطائرة اليورو فايتر الأوروبية نداً للطائرات الحربية الأمريكية وأخيراً اليورو في وجه الدولار الأمريكي. والأمثلة كثيرة ومتعددة في جميع المجالات الحيوية. لا يمكن مواجهة العصر ومتطلباته دون ثقافة تمهد لقيام مشروع جمعي بما يخدم مصالح أصحاب ذلك المشروع. والآن سواءً من آمن منا بأن الولايات المتحدة الأمريكية عدو وبالتالي يجب التصرف معه على هذا الأساس أو من يدرك بأن الأمر ليس كذلك وإنما يمكن تعديل الوضع ويطرح العديد من البدائل. فعلى كلا الحاليين الأمر سوف يتطلب قيام المشروع العربي المقابل. ووضعنا العربي اليوم ينطلق من ثقافتنا، من لغتنا، وليس من واقعنا، من ماضينا وليس من حاضرنا، من طواحين الهواء وليس من مصانع الإنتاج، ثقافة المشروع تتطلب الحاضر والواقع، استدعاء الثقافة لعلاج مشاكل الواقع كعدل عمر وبطولة صلاح الدين ينتج مخيالاً لا يزال يكبر في أذهان الأجيال حتى يصبح عقبة لا يمكن تحققها في الواقع، لكن ثقافة المشروع تضع خريطة طريق وخطوات عمل راهنة تحقق العدل والمساواة بوسائل يمكن قياسها، كما يفعل الغرب والشرق وكل الأمم الحية، ليس لدينا ثقافة مشروع ولكن لدينا ثقافة متخمة نستخدمها لجميع الأغراض بل حتى للأمر ونقيضه. [email protected]