12 سبتمبر 2025

تسجيل

روبين ويليامز ومارلين مونرو

25 أغسطس 2014

جاءتنا الأنباء فى الآونة الأخيرة (11 أغسطس 2014 ) تحمل لنا نبأ موت الفنان العالمى الأمريكى الجنسية والمولود فى 1951 .. وأن وفاته كانت نتيجة لإنتحاره وهذا هو الجانب المؤلم فى الأمر كما قالت التقارير الإخبارية الكثيرة .. والذى بعث الحزن فى نفوس الملايين من عشاقة ومحبيه أن موت الفنان المحبوب أو بالأحرى إنتحاره كان مفاجئا للجميع لأنه أخفى عن الجميع حقيقة مرضه النادر الذى أصيب به وهو " داء باركنسون " اللعين والمدمر والذى لا يترك المرء حتى يلفظ أنفاسه حيث أنه – أى المرض – يهاجم الجهاز العصبى للإنسان حيث يبدأ برجفة فى اليدين ويتسبب فى تصلب الأطراف وبطء الحركة وجمود فى ملامح الوجه .. وفى النهاية يؤدى إلى اكتئاب من النوع الثقيل وفى بعض الأحيان يتسبب فى حالة خرف مما يدفع بالمريض إلى الإنتحار . يا إلهى .. روبن ويليامز الذى أدخل البهجة وأضحك الملايين لسنوات طويلة لا يعرف كيف يتحكم فى أطرافه ولا فى تعبيرات وجهه التى هى أساس براعة الممثل إلى جانب أشياء أخرى كثيرة بطبيعة الحال .. لقد أخفى مرضه عن أقرب الأقرباء حتى يظل محتفظا بصورته فى أذهانهم .. ولكن قلبه لم يحتمل كل هذه المعاناة وهو الذى ملأ الدنيا بالضحكات .. فكانت النتيجة أنه أقدم على التخلص من حياته بالإنتحار وأوصى بحرق جثمانه .. وهو ما تم بالفعل . " روبن ويليامز " الذى بكاه الملايين من الناس ومنهم الكثير من العرب الذين تابعوا فنه الجميل ومنها مسلسل الخيال العلمى الكوميدى " مارك ومايندى " والذى يعتبره العديد من النقاد المسلسل الأكثر تشويقا فى النصف الأخير من القرن العشرين .. وكان ويليامز يلعب فى هذا المسلسل دور كائن قادم من الفضاء الخارجى من كوكب خيالى أو إفتراضى إسمه " أورك " .. هذا الكائن هبط على الأرض ويجد نفسه متورطا فى مواقف غريبة ومثيرة تنتزع الضحكات من الكبار والصغار على حد سواء . وهو نفسه " روبن ويليامز " الذى أدى دور البطولة فى الفيلم الأكثر تميزا " صباح الخير يا فيتنام " حيث كان يقوم بدور طيار قامت إدارته بتكليفه للقيام بإذاعة برنامج ترفيهى للجنود الأمريكيين فى فيتنام والتنقل من جبهة إلى أخرى لأداء هذا الغرض وقد كان ذلك فى إطار مفارقات كوميدية أفاض فيها " ويليامز " وأضفى من روحه وفنه الكثير مما جعل الصحف العالمية تكتب عنه أنه قدم لوحة إبداعية نادرة . وكان أداء " روبن ويليامز " الصوتى مميزا ولديه مقدرة فائقة على تقليد ومحاكاة الأصوات مما رشحه للقيام بذلك فى الكثير من الأفلام الكرتونية . ويبدو أن " روبين ويليامز " يأبى إلا أن يكون نادرا ومتميزا حتى بعد موته حيث كان " الهاشتاج " الذى يحمل إسمه فى قائمة الكلمات الأكثر تداولا على " تويتر " حيث كتبت ما يزيد عن مليونى عبارة وتعليق نعى وعزاء خلال نصف يوم بعد ذيوع خبر وفاته . وإذا ما نظرنا للأمر من جانب آخر .. فإن العديد من المشاهير قد أقدموا على الإنتحار لسبب أو آخر .. ولكنهم يشتركون فى شئ واحد .. وهو أن ذلك تم وهم فى أوج مجدهم وقمة شهرتهم .. ليس فى أوطانهم فقط ولكن فى العالم كله .. فمثلا الكاتب الأمريكى الأشهر " إيرنست هيمينجواى 1899 – 1961 " مؤلف الروايات الأكثر شهرة فى العالم مثل " وداعا للسلاح " و " لمن تقرع الأجراس " والحاصل على جائزة نوبل عن روايته " العجوز والبحر " قد مات منتحرا . وفى مجال الفن وعلى وجه التحديد الرسم .. لدينا " فان جوخ " الرسام العالمى الأشهر فى العالم والمولود فى 1835 وصاحب اللوحات الشهيرة " عباد الشمس " و " ليلة النجوم " فضلا عن أكثر اللوحات شهرة على الإطلاق " زهرة الخشخاش " .. هذا الرسام الهولندى الذى اكتسب شهرة عالمية لم يصل إليها أحد حتى الآن قد أنهى حياته بنفسه وأقدم على الإنتحار عام 1890 . ولدينا أيضا الكاتبة الروائية "فيرجينيا وولف 1882 – 1941 " صاحبة روايات " الأمواج " و " الليل والنهار " وأيضا أكثر الروايات التى تحولت إلى أفلام شهرة وهى " السيدة دالواى " والتى انتحرت كذلك . والقائمة لم تنته بعد فهى تضم المطربة العالمية " داليدا " صاحبة أغنية " حلوه يا بلدى " والتى لم تحظ أغنية بشهرتها بعد .. والمطرب العالمى " ألفيس بريسلى " فضلا عن المغنى " مايكل جاكسون " .. وبطبيعة الحال الممثلة العالمية وجميلة جميلات القرن العشرين وكل القرون " مارلين مونرو 1926 - 1962 " والتى لا يذكر إسمها إلا ويتداعى للذهن كل آيات الدلال والجمال والإغراء والسحر والأنوثة والعذوبة والبراءة فى آن واحد . وهنا يتداعى إلى الذهن سؤال غاية فى الأهمية عن السبب فى إنتحار هؤلاء المشاهير برغم الثروة والمجد وحب الناس وعشقهم إياهم .. لقد قلنا أن الشئ المشترك بين كل هؤلاء هو أنهم فنانون وبطبيعة الحال فإن الفنان يكون مرهف الحس جياش المشاعر.. ولكن هل هذا السبب يكفى للإقدام على الإنتحار ؟ .. والإجابة بالنفى طبعا لأن الإنتحار ليس مقصورا على أهل الفن والكُتاب فقط من أصحاب الحس المرهف والمشاعر الجياشة .. ولكن هناك الكثير غيرهم من الناس قد انتحر ربما يأسا من الحياة أو قنوطا من التخلص من المشاكل . ونحن هنا لسنا بصدد مناقشة هذه الظاهرة ولكننا نكتفى بأن ننصح أى إنسان يواجه مشكلة يستعصى عليه حلها أن يترك أمره لخالقه وهو الذى سيتولى أمره وقادر على حلها أو التخفيف من حدتها .. وقد تتاح لنا الفرصة فى المستقبل لتناول هذا الأمر الذى يستحق تناوله والكتابة عنه . وإلى لقاء قادم ومقال جديد بحول الله . بقلم : د . مصطفى عابدين شمس الدين E mail : [email protected] [email protected]