16 سبتمبر 2025
تسجيلتقاس الاستثمارات عادة بالأرقام والعائدات والأرباح، وبمستوى السوقين المحلي والعالمي، وهي بلا شك مقاييس ومعايير فاعلة وضرورية، ولكن الاستثمار في الإنسان هو المكسب الحقيقي والاستحقاق الأهم في مسيرة الأمم والشعوب، بل هو الضمان الأكيد لتحقيق التنمية والازدهار الدائم للمجتمعات بصورة أشمل. عندما أفكر في القيم الرئيسية في هذه الحياة، أجدُ نفسي أميل إلى قيمة الاستثمار في العلاقات الإنسانية، وتعميق العلاقات بيننا كأفراد، أخوة، أزواج، أبناء، آباء، أبناء عمومة، أصدقاء، جيران، الاستثمار في نوعية العلاقات التي تُبنى بيننا، وطريقة امتدادها، لتبقى عميقة، قوية، مرنة، صالحة في كل زمان ومكان، علاقات تتصدى لكل الأزمات لا تميل حيث تميل الظروف. أنا مؤمنة بشكل رئيسي بأنه كما تزرع تحصد، مؤمنة بأن ما نبذله من جهد في تعزيز القيم والمفاهيم والمبادئ في نفوس أبنائنا اليوم، سنراه جلياً في شخصيتهم غداً عندما يكبرون، مؤمنة بأن التربية بعد حفظ الله ورعايته هي كلمة السر، وصمام الأمان لبناء إنسان قوي قادر على العطاء والإنتاج والعمل والتطوير. فالتربية السليمة والمسؤولية المشتركة هما الوعاء الحافظ للإنسان بأفكاره، ومعتقداته، وخططه ومشاريعه أيضاً. يقال إن أغلى ما تملكه المؤسسات والشركات ليست المباني ولا المصانع ولا الإمكانيات اللوجستية وإنما هو العنصر البشري متمثلاً في موظفيها وعلى وجه التحديد الموظفين المتميزين منهم، كذلك هو الحال في بناء الأسرة ليس الأهم ضخامة البيوت وفخامتها وتجهيزاتها وما تملكه تلك الأسر من ممتلكات ومقتنيات وأسهم وسندات، الأهم هو أفراد تلك الأسرة في توادهم وتراحمهم وتفاهمهم، بل وتمسكهم بالقيم العائلية التي تُسهم في تعزيز الترابط الأسري والحد من المشاكل كقيمة الصدق، التعاون، الثقة، التسامح، حسن الخلق، وتطبيقها التطبيق الأمثل بين أفراد الأسرة الواحدة. القيم العائلية هي تلك الجوهرة المتماسكة التي يتفق عليه أفراد العائلة الواحدة بنسب متساوية وتورث لأبنائها من الأجيال الجديدة، هي تلك الصفات والأفعال والخصال التي يحترمها الجميع ويحاول كل في مجاله أن يبرزها ويصقلها وينقلها للآخرين، القيم العائلية عندما نؤمن بها نحاول جاهدين أن نرسخها في عقول المحيطين بنا، فهي الهُوية التي تُمثلنا وبعد ذلك نتشارك بها مع الأسر التي تشابهنا في المجتمع الواحد مكونين قيما عُليا مشتركة كالعقد المنضود الذي يكون الأساس المتين والقيم الاجتماعية التي يتفق عليها جميع أفراد المجتمع. القيم العائلية هي الاستثمار الأغلى والقيمة العُليا لوجود الإنسان في الحياة، فكما تُعطي ستأخذ وكما تزرع الحب ستجني الاهتمام، وكما تزرع التسامح ستحصد السلام، علاقاتنا عبارة عن معادلة واضحة المعالم، فنحن كبشر نحتاج لبعضنا البعض، ونكمل بعضنا البعض، ونتشارك أحلامنا وأفكارنا وحياتنا بشكل متوازٍ، فحفاظنا على القيم العائلية هو حفاظٌ على أهدافنا ورؤيتنا ومشاريعنا في هذه الحياة. صوت: حفاظنا على القيم العائلية، هو حفاظ على قيمنا العامة وعلى أنفسنا وعلى مجتمعنا بشكل عام، ودمتم.