14 سبتمبر 2025

تسجيل

دفع القيمة في زكاة الفطر

25 يوليو 2013

اهتم الإسلام بالزكاة وجعل إطعام المسكين من لوازم الإيمان، وحذر من منع الزكاة، وتوعد المانع بالعقوبة الأخروية (فبشرهم بعذاب أليم) وبالعقوبة الدنيوية من قحط وإفلاس، بالإضافة إلى العقوبة الشرعية من قتاله، وأخذ جزء من ماله، كما اعتبر جاحدها كافراً، وذلك لأهمية الزكاة على الفرد والمجتمع، فضلاً عن التزكية والتطهير التي يحصل عليها المزكي.. والتخلص من البخل وفي الحديث "خصلتان لا تجتمعان في مؤمن البخل وسوء الخلق". وقد توسع العلماء في مسائل الزكاة وأفردوا لها مجلدات، ومن المسائل التي حظيت باهتمامهم مسألة إخراج القيمة في زكاة الفطر.. وسبب الخلاف يعود إلى اختلافهم في حقيقة الزكاة، هل هي عبادة "غير معللة" أم حق واجب في مال الأغنياء قصد به سد حاجة الفقير، ليكون عضواً إيجابياً في المجتمع.. فمن غلّب جانب العبادة والقربة أوجب إخراج الأصناف التي جاء ذكرها في السنة الشريفة، ومنع إخراج القيمة، ومن غلّب جانب المالية وأن القصد سد حاجة الفقراء جوّز إخراج القيمة. وحاصل أدلة المانعين أنه خلاف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم لحديث "كنا نخرج زكاة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من شعير، وصاعاً من أقط، وصاعاً من تمر، وصاعاً من زبيب" رواه مسلم، ومخرج القيمة مخالف للنص فلم يجزئه. وذهب القائلون بجواز إخراج القيمة إلى أن الواجب في زكاة الفطر ما ذكر في الحديث، وأما صفته فهو وجوب المنصوص من حيث إنه مال متقوّم على الإطلاق، لا من حيث إنه عين، فيجوز أن يعطي عن جميع ذلك القيمة دراهم او عروضاً أو ما شاء.. لأن المعتبر حصول الغنى وذلك يحصل بالقيمة كما يحصل بالحنطة، والمال أقرب إلى منفعة الفقير، فإنه يشتري به للحال ما يحتاج إليه، والتنصيص على الحنطة والشعير كان لأن البياعات في ذلك الوقت بالمدينة يكون بها، وأما اليوم فإنها تجري بالنقود، وهي أعز الأموال، فالأداء منها أفضل.. فهم راعوا تغير الحال. وأطالوا النَفَس في استدلالهم بما يزيد على ثلاثين دليلاً يصعب على المسلم تجاوزها، ورأيهم أوفق لمقاصد الشرع، وأرفق بمصالح الخلق، وإلى هذا ذهب علامة العصر الشيخ القرضاوي، وأيّد رأيه بما لا مزيد لمستزيد.. والله أعلم.