13 سبتمبر 2025
تسجيلإن غالبية المصلين تخلو صلاتهم من الخشوع مع أنه لب العبودية وجوهرها، وفي التنزيل (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون)، سورة المؤمنون، وكأنهم غير مخاطبين بها، وسبب هذا الشرود هو قسوة القلوب والافتتان بالدنيا، والانشغال بها، حيث وجد الشيطان مرتعاً خصباً لإلهاء المصلين، وإن وجد الخشوع على بعضهم، فهو في الغالب خشوع النفاق وهو أن ترى الجسد خاشعاً والقلب ليس بخاشع.. والأصل خشوع القلب وقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك في قوله (أول شيء يرفع من هذه الأمة الخشوع حتى لا يرى فيها خاشع). ولا نستبعد هذا فقد قال بعض الحكماء قديماً: إن من يعبد الله كثير ولكن من يحسن العبادة منهم قليل. لذا كان من الأهمية بمكان تذكير المسلمين بأهمية الخشوع خصوصاً وأنه روح الصلاة وأن الصلاة هي أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة فإن قبلت قبل سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله. وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "أعوذ بك من قلب لا يخشع" (رواه مسلم) وفي التنزيل (وقوموا لله قانتين) ومنه ذهب الفقهاء بالقول بفرضية الخشوع في الصلاة ووجوبه إذ هو لب الصلاة. يدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم (ليس للرجل إلا ما عقل من صلاته) رواه أحمد. والصلاة بالخشوع هي التي قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم أرحنا بها يا بلال، لأن الخشوع هو الذي يخرج الصلاة عن العادة إلى العبادة، وهي التي تشرح القلب وتزيل الهم وتريح النفس وتجد فيها لذة القرب من الله تعالى، والتي عبر عنها بعض الصالحين بقوله: "إنا نجد في الصلاة لذا لو وجدها الملوك لجالدونا عليها بسيوفهم". وتورث الصلاة صاحبها حسن الخلق وتهذيب النفس وتدفعه إلى الإخلاص في العمل (واعبدوه مخلصين له الدين) ومن يقرأ سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي جعل قرة عينه الصلاة يعرف انه كان يقوم الليل ويصلي حتى تبتل لحيته بالدموع ويسجد حتى تبتل الأرض، وكذلك كان الصديق رضي الله عنه يصلي ويقرأ القرآن ولا يملك نفسه من البكاء، وكان عثمان رضي الله عنه يقول: لو أن قلوبنا طهرت ما شبعت من كلام ربنا، وكان ابن الزبير إذا صلى كأنه غصن شجرة، وللوصول للخشوع يستلزم استحضار عظمة الله تعالى وهيبة الوقوف بين يديه ونسيان الدنيا ومجاهدة النفس بالتفكير والتدبر والتأني للوصول إلى الخشوع. (والله أسال أن يرزقني وإياكم نعمة الخشوع وأن يوفقنا لما يرضيه عنا برحمته إنه ولي ذلك والقادر عليه).