25 سبتمبر 2025
تسجيليهلّ على الشعب السوري رمضان آخر ، وهم يواصلون حراك ثورتهم المباركة، في أجواء مختلفة تتمثل في أمرين اثنين : الأول زيادة المعاناة الإنسانية للمدنيين بسبب القتل والمجازر الجماعية والاعتقالات وحركة النزوج الناجمة عن عنف النظام وأجهزة أمنه وقواته العسكرية ، وبسبب تدمير الحياة الناتجة عن الوضع الأمني المزري، وهدم وحرق البيوت، وقتل البهائم وتجريف الأراضي الزراعية ، وتوقف الأعمال ، وارتفاع معدلات التضخم ، وغلاء الأسعار، وشح المواد التمونية والغذائية الأساسية. لكن مقابل ذلك هناك تطورات ميدانية مهمة وبشارات عظيمة تمثلت في : توجيه ضربة موجعة لقيادة النظام (خلية الأزمة )، وتمكّن الجيش الحرّ من بسط سيطرته على أكثر من سبعين بالمائة من أراضي البلاد، ودخول مدينتي حلب ودمشق بقوة على خط الحراك الشعبي ، وسيطرة الجيش الحر سيطرة كاملة على مناطق كبيرة في الريف الحلبي وإعلانها كمناطق محررة مثل إعزاز ومنبج ، والسيطرة على عدد من المعابر الحدودية مع تركيا والعراق، وتمكن الجيش الحر من دخول مدينة حلب ودمشق بقوة ، وتنفيذ عمليات نوعية فيهما وتحرير أحياء كاملة بحلب، وتزايد الانشقاقات من صفوف جيش النظام . وفي شهر له خصوصيته لدى المسلمين، ليس للإنسان إلا أن يكون متفائلا بالفرج القريب فيه رغم شدة الكرب وعظم المحنة لأسباب كثيرة ، كما لابد في هذه السانحة من توجيه رسائل لأهلنا في سوريا ، وفي العالمين العربي والإسلامي : أما سبب التفاؤل رغم الأوضاع الصعبة القائمة في سوريا فلأن رمضان شهر الصبر والتضحية، شهر القرب من الله والمنح الكثيرة ، وشهر الانتصارات لدى المسلمين عبر تاريخهم القريب والبعيد، وآخرها سقوط طرابلس الليبية وانتهاء حكم القذافي ، وبخاصة ونحن نشهد مزيدا من انتصارات الثورة السورية التي تتحقق يوما تلو الآخر، وهنا لا بد أن نقول لأهلنا في سوريا ، اصبروا وصابروا ورابطوا ، فما النصر إلا صبر ساعة ، وأنتم قطعتم شوطا كبيرا ومهما ونوعيا في الثورة ضد النظام وطغمته ، وصبرتم على الكثير ـ ولم يبق إلا القليل بإذن الله ، فاستعينوا بالله والعاقبة لكم ولثورتنا ، راجين الله أن يورثكم أرض وديار الظالمين ، ويعيد الحق لنصابه، كما حصل في تونس وليبيا ومصر. وللذين لم يحسموا أمرهم من أبناء الامة ، نقول: لم يعد للتردد مكان ، ولا للفرجة موضع ، ولا للتأني وقت ، لا بد من اتخاذ موقف لنصرة هذه الثورة، وكسب شرف المشاركة فيها قبل فوات الأوان ، إذ لا يمكن أن يستوي من ناصرها بكل ما أوتي من قوة بمن وقف متفرجا عليها طيلة ستة عشر شهرا ، ولا يستوي المناضلون والقاعدون . إننا نرجو لمواجهة الظروف الصعبة أن تسود روح التكافل والتعاون والتآزر بأبهى صورها، وأن تقتسموا اللقمة والمنزل فيما بينكم ، وهو ماتعلمناه من قيم ديننا ، وعرفناه في عاداتنا الأصيلة ، فالملمّات تلم الشمل وتقويّ الصلات وتمتّنها، وترصّ الصفوف.. كما قال الشاعر : لمّت الآلام منا شملنا .. ونمت ما بيننا من نسب. أما رسالتنا للشعوب العربية والإسلامية في شهر البذل والإنفاق ، والعطاء والتراحم ،والدعاء الذي لا يرد للصائمين .. نقول وأنتم ترفلون بنعمة الأمن والأمان ، ووفرة الغذاء ، وعدم انقطاع مورد العيش والرزق، نقول: تذكروا إخوانكم بالدعاء، فللصائم دعوة مستجابة لا ترد عند فطره، اجعلوها طوال هذا الشهر ضراعة للمولى من أجل نصرة أهل الشام وجبر خواطرهم ، وهزيمة عدوهم، وأرفعوا الأكفّ في وقت السحر ، واغتنموا لحظات إجابة الدعاء الأخرى للدعاء لإخوانكم ، فالدعاء أمضى من آي سلاح آخر. تذكروهم أيضا بزكواتكم وصدقاتكم ..فإنهم بحاجة لكل درهم يبذل لنصرة قضيتهم ، لتجهيز غازيهم ، للتخفيف من معاناة جراحهم ونازحيهم ولاجئيهم ، لمساعدة الأسر الكثيرة التي تضررت وفقدت المعيل او مصدر الزرق ، و"الله في عون العبد ماكان العبد في عون أخيه" . يحتاج أهلكم في الشام لإطلاق مزيد حملات التبرع في هذا الشهر الكريم، واستنفار الهمم لتوفير مزيد من الدعم المالي والعيني لمتضرريهم لأن الرقع اتسع على الراقع. كما يحتاجون لرفع وتيرة الفعاليات الاحتجاجية الشعبية ضد سفارات نظامهم وسفارات الدول المؤيدة له، لكي تشدّوا من عزيمة الثائرين وأزر التواقين للحرية ، فالمسلم ضعيف بنفسه قوي بإخوانه. الرجاء بالله أن يكون شهر رمضان موسم فرج على الشعب السوري المستضعف ، ونصر له على الطغاة الظلمة الذين يسومونهم سوء العذاب منذ أكثر من أربعين عاما . نسائم رمضان في ربيع الثورات العربية مختلفة ، تعبق منها روائح الجهاد والاستشهاد ، وتنشر أنفاس الحرية وتحيي الأمة بعد موات... اللهم إنا نسألك أن تتقبل أعمالنا فيه، وأن تتقبل جهود المخلصين الذين يناضلون من أجل خير هذه الأمة ورفعتها ونصرة قضاياها واستعادة دورها الحضاري.