13 أكتوبر 2025

تسجيل

صـرخــات ميتــة !

25 يونيو 2019

أين نحن من بعد صرخات الربيع العربي، وماذا بعد صيحات الولادة التي أعقبتها؟!. كيف سارت هذه الدول بعد أن قيل إن كراسي الظلم قد حطمها أحرار أرادوا الحياة يوماً فاختاروها؟!.. فتونس صاحبة ثورة الياسمين النار التي أشعلت فتيل الثورات العربية وبعد أن سقط أدعياء حريتها من أذناب السلطة البائدة لاتزال في عراك جزئي مع حكومتها التي عجزت عن إثبات أهليتها في تصريف أمور البلاد والعباد بما يشاء الشعب وليس كما تريد السلطة، فهي تبدو على مفترق خطير خصوصاً أن الأحزاب المنقسمة حول الحكومة لا تخفي أنيابها للنهش في جهودها التي تحاول التخفيف من حدة الغضب عليها وانتظار ما ستسفر عنه من إصلاحات وتعديلات في حال المواطن التونسي الذي أحرق محمد البوعزيزي نفسه لأجل أن يوجه العالم إلى قضيته التي دفع حياته ثمناً لها وتفجرت بحور الغضب لأجلها، وغدا عزيز تونس ذليلها ولو بعد حين وهاجر أهل البوعزيزي أنفسهم إلى كندا بعد أن تحول رماد ولدها إلى هباء تذروه رياح التخبط !.. وماذا بعد ثورة مصر التي تقف حتى هذه اللحظة ظروف مأساوية بعد انقلاب غادر دموي أسقط الرئيس الدكتور محمد مرسي رحمه الله الذي انتخبه المصريون عبر صناديق الاقتراع رئيساً لهذه الدولة العظيمة التي ابتعدت سنين طويلة عن قيادتها وريادتها للأمة وعادت وقد كنا على وشك القول ان العود أحمدُ لولا الفلول الذين مارسوا أقذر لعبة عرفها التاريخ المصري وهي خيانة الأرض وهدر دم المواطن المصري على حساب تكملة سلسلة مصالحهم الشخصية في البلاد التي لن تنتهي ما دام هناك من لايزال يقدم لهم الولاء ولا يشق عليهم عصا الطاعة بأي حال من الأحوال!. فقد انقضت ثورة يناير والمصريون أنفسهم شعروا فعلاً بأن هناك من يحيد عن أهداف الثورة وأن مندسين خونة بينهم يحاولون التقليل من الفرحة بتحقيق هدف الثورة الحقيقي وهو إسقاط حكم استمر ثلاثين عاماً تقدمت فيه أرض الكنانة إلى الخلف وإن كل ذلك لا يعد هدفاً حقيقياً لبعضهم الذين أودعوا مبارك السجن على سرير المرض لكنهم انقلبوا على حكومة الإخوان والتي مثلها الشهيد محمد مرسي الذي كان يوضح في كل مرة أنه يريد حقن الدماء بالحوار ويتخذ قرارات ثم يعود عنها ليس باعتباره إنسانا مترددا كما يحلو لأعدائه أن يصفوه ويشككوا ثقة شعبه به لكنه يريد الأصلح والأقدر على حقن دماء شعبه التي باتت تسال وكأنها عصير يقدم لضيوف العنف والشر ومن يريد بالقاهرة الذل والهوان!.. ولتقف مصر اليوم على رأس منحدر خطير بعد أن نجح الانقلاب إلى تنصيب قائده القاتل ومعتقل شباب وفتيات مصر رئيساً لدولة استكثرت على ثوار يناير أن يعيدوا ذكرى ثورتهم بما يليق لها وإسقاط انقلاب يعزز من حكم الفلول ولكن بصورة أشد إرهاباً ودموية وبوليسية قضت على شباب البلد ما بين شهيد ومعتقل ومطارد !.. لذا كانت ولازالت أحداث مصر أخطر من الثورة ويجب أن يعي فيها شعب مصر بأن أذناب الفلول ممن أخذ كفايته من الشهرة والمال والمجد والمنصب لا يمكن أن يستمر في فحشه هذا إلى الأبد فميدان التحرير كان ساحة شهداء تقاسم ساكنوه الهم والألم والفرح والصبر والحب والتعاون والآهات والأوجاع والبرد ولسعات الشمس الحارقة التي أثبتت بأن هناك من يشابهها جلداً وصبراً واحتمالا !. وليبيا وليت الزمن توقف عندها لنهدأ قليلاً ! فان يموت رئيس فإن ذلك يعني استنفاراً لجميع رؤساء العالم بأن يعدوا خطبهم وعبارات المواساة والتعزية لكن أن يموت في حفرة للصرف الصحي كالجرذ الخائف وينتهي بجثته في ثلاجة لحفظ اللحوم الحيوانية فإن ذلك هو نهاية العالم الذي لم تعرفها البشرية حتى اللحظة، لكن القذافي عرف بموته كيف يوقف الساعة عنده تحديدا ومات القذافي وخرج الثوار يحتفلون فقد كسبوا معركة ضد المخبول وقواته ومع ذلك فإن ليبيا التي تحررت لاتزال تحت قيود وسلطة التقسيم والأحداث تتوالى وتتوالد فيها ما بين تمرد يقوده حفتر وشرعية الوفاق. ومثلها اليمن وسوريا والسؤال يتعاظم وهو متى يقف النزيف ويبرأ الجرح ويرتاح البقية الباقية من الشعب؟! ولكن الأمر لن يتوقف عند الجزائر والسودان فالمستقبل غامض والخونة كثيرون !. ◄ فاصلة أخيرة: ليست كل صرخة ولادة تعني حياة ! [email protected]