12 سبتمبر 2025
تسجيللا يوجد منا ولا بيننا في الأسرة والعمل والمجتمع، وسواء كانت مجتمعات عربية على الوجه العام، وخليجية على الوجه الخاص ما يعانى من نظرات المجتمع والأفراد فى الجوانب الاجتماعية والنفسية والصحية، وللأسف تدعمها وسائل الإعلام المختلفة، وسواء كانت المرئية منها وغير المرئية، وتدق ناقوس القلق النفسي والنظرة الاجتماعية القاتلة التى تحمل معها العديد من الأمراض النفسية والاجتماعية، ولو رجعنا إلى الأسباب الحقيقية وراء هذه النظرة من خلال مراجعة الأطباء والاختصاصيين النفسين والاجتماعيين، سنجد أسبابها الحقيقية ليست أسباباً صحية تحتاج إلى عقاقير طبية، ولكن ترجع إلى أسباب نفسية واجتماعية بالدرجة الأولى، وعلى الرغم من أن كل أسرة قطرية وخليجية وعربية لا يخلو بيتها من هذه النظرة التى دمرت العديد من أفرادها، وتختلف طرق القضاء عليها، ومحاربة هذه النظرة بناء على إرادة الشخص نفسه والعوامل التى تدعمه لمحاربتها، ولو ألقينا الضوء على نماذج النظرات التى نتعرض لها فمنها النظرة للمرأة المطلقة، ومهما كانت أسباب طلاقها أخطأت أم لم تخطئ، لم يرحمها المجتمع ولا أسرتها بالدرجة الأولى، وتحاسب محاسبة الملكين وكأنها أجرمت جرماً كبيراً، حينما فكرت الانفصال عن زوجها، وإن كان زوجها غير صالح وأسباب الطلاق تعود بالدرجة الأولى له، وسواء كان من تدني أخلاقياته، وما صاحبها من خيانات زوجية، وضرب وإهانة لفظية وجسدية أو انعدام وجوده وتحمله لمسؤولية أسرته، من حيث المادة والرعاية الاجتماعية لزوجته وأبنائه، وتتحملها المرأة، وربما لأسباب الضعف الجنسي وتتحمل المرأة الصمت حفاظاً على خصوصية أسرارها الزوجية، وتفضل المرأة الانفصال بعد معاناة طويلة بسنوات قضتها من عمرها تحت أسوار من العذاب النفسى والاجتماعي، ورغم ذلك لم يرحمها المجتمع من هذه النظرة، وتخرج من عذاب الزوج إلى عذاب من نوع آخر، وهو الأسرة والإعلام والمجتمع، وكأنها أجرمت فى حق البشرية، وتدخل المطلقة فى دوامة أخرى تفسد حياتها النفسية والاجتماعية، ولو طرقنا باباً آخر من أبواب النظرات الصائبة على المرأة التى تمت خطبتها فترة من الوقت، ولم تتعد أشهراً، وربما ترجع الأسباب إلى عدم التوافق النفسى والاجتماعى بينهما، أو لعدم التوافق الصحى من خلال التقارير الطبية، أو لظهور أسباب ما، تتعلق بأحد الأطراف منهم، ويحدث الانفصال وقت الخطبة، ولم يحدث الدخول، ولكن يتسلمهم المجتمع والعلاقات الاجتماعية، ويبدأون يبحثون عن الأسباب، ولماذا تم الانفصال وربما تتحمل الفتاة كافة الأسباب مهما كانت، فتلقى على عاتقها بالكامل وإضافة إلى الحرص الشديد من الشباب والعوائل على الإقبال من خطبة فتاة قد سبق لها الخطبة أو الزواج من قبل، وذلك ـ وبالطبع ـ قد حدثت بينهم خلوة وإن كانت هناك (ملجة) عقد قران، ورغم ذلك لا ترحم الفتاة من المجتمع، وإذا نظرنا إلى الفتاة بمجتمعنا الراقي والمتحضر، والتى تأخر زواجها، وذلك يرجع إلى القسمة والنصيب وقدرة الله فى تيسير زواجها وليس لها أى يد فى ذلك الأمر، وقد تقدم لها الكثير ورغم ذلك تمتاز بدرجة عالية من الجمال والمكانة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ولكن تأخر لظروف تتعلق بأمور إلهية، ورغم ذلك لم ترحم من كافة النواحي سواء بالأسرة أو المجتمع، ويبدأ التطفل بأشكال مختلفة للأسباب فى تأخر الزواج والأسئلة الجارحة والتى منعت العديد من الفتيات من حضور التواصل الاجتماعى وحضور العديد من المناسبات الاجتماعية سواء كان بالأسرة أو أى دعوات اجتماعية وفى أمور ليس لها أى ذنب فيها سوى قدرة الله، وأما النظرة القاتلة لذوى الإعاقة والحالات الحرجة أو من في الأسرة بعض الأبناء الذين لديهم أمراض نفسية أو حالات حرجة، فللأسف يعانى منها الوالدان أو الأسرة بجانب معاناتهم من الحالات الصحية التى يعانى منها أبناؤهم، ومحاولتهم دمج أبنائهم فى الأوساط التربوية والاجتماعية، سواء كان فى الأسرة أو المدرسة أو المجتمع، ولكنهم يعانون معاناة لا حصر لها فى التحديات الصارمة من الأشخاص والنظرات القاتلة والكلمات الجارحة التى تسبب للعديد من الأسر ضربات وأزمات نفسية واجتماعية فوق الأعباء التى يتحملونها فى جهود مضاعفة لعنايتهم بأبنائهم، وتعويضهم الجوانب الناقصة فى قدراتهم الصحية والعقلية والنفسية، ولكن المعاناة الأولى ليست بالدرجة الأولى مع أبنائهم، ولكن فى ظل مجتمع لا يرحم هذه الفئات الحرجة التى تحتاج إلى كافة الدعم النفسى والاجتماعى من خارج نطاق الأسرة والمجتمع وجميع شرائح المجتمع المختلفة، والتى يعملون فى دائرة واحدة لخدمة بعضهم البعض، في تقديم هذه الخدمات الإنسانية بشكل يحترم خصوصيات هذه الفئات، وليست بتعديل نظرة، ولكن لاحتضانهم بصورة أفضل من هذه النظرة، وأن نتعامل معهم كأنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع، ولهم دور فعال، وحالهم حالنا لا ينقص منه شيء، ولذا وبعد إلقاء الضوء على العديد من النظرات الصائبة التى يعانى منها الجميع، أن تتغير هذه النظرات فى ظل الانفتاح الثقافى والاجتماعى الذى تمر به قطر، وتحتاج إلى ترفع عن العديد من السلوكيات الاجتماعية التى تعرقل التنمية الثقافية والاجتماعية القادمة، ونحن قادرون على ذلك.