14 سبتمبر 2025

تسجيل

"عنف" المكان

25 مايو 2022

أقام بعض أهل الريان ممن عاش في البحرين «صنادق» أكشاكاً ووضعوا أمامها طاولات وكراسي للعب الكيرم والدامة والورقة «الزنجفة» وتناول الشاي أو المرطبات وسماع الأغاني عن طريق مايكروفونات مثبتة، فلجأنا إليها كشباب خاصة في عطلة الصيف الطويلة المملة، مما أغاظ حفيظة «الشيبان»، واعتبروا ذلك خطراً على مستقبل أبنائهم، فتنادوا محذرين ومتوعدين الأبناء بأن لا يذهبوا ولا يجلسوا في هذه الأماكن، وأتذكر أنه في تلك الأثناء لأول مرة استمع إلى كوكب الشرق السيدة أم كلثوم، وهي تشدو بأغنية «أمل حياتي» أما التهديد الخطير الثاني فكان افتتاح نادي الريان، وكلمة «نادي» لها مدلول سيئ لدى «شيبان الريان وقطر عموما، وعانى المؤسسون للنادي من صعوبات وترحيل وشكوى بين الحين والآخر من الجيران وإعدام أي كرة تتعدى حدود النادي داخل بيوت الجيران ناهيك عن تحدٍ سابق كانوا يواجهونه بحزم وهو وجود قهاوي الهنود وتكاثرها حتى أصبحت «الكيمة» و»السبجي» وهي أكلات هندية وهي من الأطباق المفضلة لدينا، وكان خوف الشيبان على أولادهم من سوء الخلق عند الجلوس فيها وصحبة السفهاء و«السرابيت» من الناس، حيث كان النمط السائد تناول الأكل داخل البيت أو عند صديق أو قريب وليس في الشارع، مما يعرض شخصية الإنسان للاهتزاز في نظر الآخرين، في مثل هذه الجغرافيا المغلقة نشأنا، وقد كان المد القومي على أشده ولربما شكل هو كذلك لفتيان في أعمارنا تاريخاً مغلقاً، إلا أنه استطاع أن يمس قلوب الكبار قبل الصغار، فتحولت الحياة إلى موقف حتى وإن كانت صعبة أو قاسية، طالما عصب الكرامة والعزة والأنفة لم يُمس.