13 سبتمبر 2025
تسجيلاسمحوا لي بداية أن اقتبس عدداً من فقرات مقالة سابقة لي كتبتها في عام 2014 وعنونتها بــ " ندرة المتحدثين الإعلاميين القطريين "، وتناولت حينها ما تضمنه تقرير التنافسية العالمية الذي يصدر سنوياً عن المنتدى الاقتصادي العالمي باعتبار دولة قطر من أفضل الدول على مستوى العالم في تطبيق السياسات الثابتة والطموحة نحو مستقبل مشرق يجعلها في مصاف الدول المتقدمة في كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتعليمية والصحية والرياضية، وتعتبر قطر من أكثر الاقتصاديات التنافسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ولا زالت حتى وقتنا الراهن تتصدر قائمة هذه الدول. تقرير التنافسية العالمية بطبيعته يسلط الضوء على غالبية دول العالم ويقيس درجة التنافسية بينها بكل تجرد وحيادية، ويتضمن قياس تطور المؤسسات والبنية التحتية، وبيئة الاقتصاد الكلي، والصحة، والتعليم العالي، والتدريب، وكفاءة سوق السلع، وكفاءة سوق العمل، وتطور الأسواق المالية، والجاهزية التقنية، وحجم السوق وتطور الأعمال، وهو يستند بشكل عام إلى مؤثر التنافسية العالمي الذي حدده منتدى الاقتصاد العالمي، ويعتمد على العديد من المؤشرات التي ترتكز بدورها على بيانات رسمية وآراء لآلاف المسئولين التنفيذيين في البلدان التي يشملها المسح. هذا الإنجاز والتميز لم يأتِ بلا شك من فراغ وإنما جاء نتيجة عمل متفانٍ ومخلص تحت إدارة منظومة متكاملة تسابق الريح للوصول إلى مثل هذه المنجزات وجعل قطر من الدول الرائدة والسباقة في كل المجالات. هذه المكانة التي احتلتها قطر جعلتها محط أنظار العالم أجمع وحديث الدول والشعوب ومدى ما حققته هذه الدولة الصغيرة بحجمها والكبيرة بعطائها من إنجازات في بضع سنين حتى وصلت إلى ما هي عليه من مكانة عالية تستحق من الجميع احترامها وجعلها نموذجاً يحتذى به بين الأمم والشعوب. ومن هنا كان لزاماً على الدولة مقابل هذه المكانة العالمية والنجاح المتتالي على كافة الأصعدة بأن يكون لديها عددٌ لا بأس به من المتحدثين أو الناطقين الإعلاميين القطريين في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والرياضية وغيرها من المجالات يستطيعون من خلالها أن يعكسوا مدى التطور والتقدم الذي تحظى به قطر، وقادرين أيضاً على مواجهة أي هجمات إعلامية شرسة من وسائل إعلام أو أفراد يريدون أن ينشروا أكاذيبهم وتزييف الحقائق على الجمهور في ظل غياب الطرف الآخر، وهي الحالة التي نعاني منها كثيراً في قطر خصوصاً هذه الفترة التي شهدت أحداثاً مهمة للغاية قلبت الموازين وأصبح للإعلام دوره الفعال في تشكيل الرأي العام وتجييش الشعوب ضد الخير أو الشر. ما يهمنا نحن في قطر أن تكون لدينا كوكبة من الإعلاميين المدربين كل في مجاله سواء السياسي أو الاقتصادي أو الرياضي حتى يتبنى وجهة نظر قطر في أي موضوع قد تُزَجُّ قطر في تفاصيله وتكون الحاجة ملحة جداً، لأن يكون الصوت القطري حاضرا وجاهزا لكل السيناريوهات الإعلامية المتوقعة. فندرة وجود متحدثين إعلاميين قطريين في وسائل الإعلام المختلفة يضع قطر في مواقف غير لطيفة بالنظر إلى ما تملكه من وسائل إعلامية عملاقة تحتم عليها بأن يكون لديها صفٌ محترف من الإعلاميين القطريين القادرين على ان يكونوا خير سفراء لبلدهم في هذه الوسائل. هذا الأمر يحتِّم على ضرورة أن تعمل الجهات ذات الشأن بالعمل على صقل وتدريب الشباب القطري كل في مجال تخصصه لتأهيلهم ليصبحوا متحدثين متخصصين بطريقة احترافية تؤهلهم لتمثيل قطر في جميع وسائل الإعلام العربية والعالمية، ولا يمنع أن تكون لدينا مؤسسة متخصصة ولديها الإمكانيات البشرية والمادية لاستقطاب العدد الكافي ممن لديهم الكفاءة والقدرة على أن يكونوا متحدثين إعلاميين متميزين مفرغين للعمل في هذا الشأن، ويتم تدريبهم وفق أعلى المعايير العالمية التي يتطلبها الإعلام الحديث، وألا يقتصر فقط على الوسائل الإعلامية التقليدية كــ القنوات الفضائية أو الإذاعة أو الصحافة وإنما حتى وسائل التواصل الاجتماعي الحديث الذي أصبح هاجس شعوب العالم بأجمعه. لا بد أن لا يخلو تدريب هؤلاء الإعلاميين من التعامل بحرفية مع أي وسيلة إعلامية وبضبط النفس الذي من شأنه أن يؤثر كثيراً على المتلقي وتسهم في إقناعه بوجهة نظره، وأن لا يُغفل حتى عن صغائر الأمور التي قد يكون لها تأثير فعال في المتلقي كالإيماءات الجسدية التي من الممكن أن تكفي عن الكلام الكثير وتوصل رسالة إيجابية في أقل جهد ووقت !! وإن أردتم أن تعرفوا أهمية هذا الأمر فتابعوا ما توليه الدول العظمى من اهتمام في أن يكون لديها متحدثون إعلاميون بارعون في الخطاب السياسي أو الاقتصادي أو الرياضي لكي يصلوا من خلالهم إلى أهدافهم المنشودة بأي ثمن كان وبأي طريقة كانت !! ما دفعني للحديث عن هذا الموضوع المهم جملة لقاءات وملتقيات وندوات حضرها ممن يحسبون أنفسهم " متحدثين إعلاميين قطريين " لا مجال للمقارنة بينهم وبين منافسيهم الذين يمتازون بالخبرة واللباقة وقوة الحجة رغم أن العديد من الملفات نملك كقطريين الحجج الكافية التي تُظهر قوة موقفنا، ولكن الضيوف الذين يمثلون قطر للأسف ليسوا عند مستوى هذه القوة، وتابعوا اللقاءات التي تتم في غرف الكلوب هاوس وسترون كيف يشوّه بعض مشاهير السوشال ميديا القطريين الصورة التي ينبغي أن يظهر فيها كل من يمثل الرأي والإعلام في قطر! فاصلة أخيرة ينبغي أن تكون هنالك آلية وضبط لمن يحسب نفسه إعلاميا ومتحدثا قطريا في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، فعندما تأتي الدعوات يجب أن تُوجه للجهة المعنية التي تضبط هذه العملية وتضمن ترشيح الشخص المناسب لهذه الندوات أو اللقاءات وليس للأشخاص الذين لا يمثلون إلا أنفسهم فقط !. [email protected]