20 سبتمبر 2025
تسجيلأحاديث الحسرة والرثاء المصحوبة بالتألم وقلة الحيلة تسمعها وتقرأها وتطل عليك من جميع وسائل الاتصال الاجتماعي عن الحال الذي وصل إليه إعلامنا المحلي، تتوالى السنون ونترقب التطوير فلا نجد سوى التكرار، استبشرنا بعدد الشبان الجدد الذين دخلوا مجال الإذاعة والتلفزيون، وتأملنا خيراً في بقايا الجيل المخضرم، ولكن لم نجد سوى تكرار ممل وديكور يتغير. حتى برامج رمضان وهو تجدد للإنسان في كل نشاطات حياته لا يغير في طبيعة ما يقدم إلا بمقدار الزج ببعض الكلمات المحلية العامية المتكلفة التي لا تفرضها طبيعة البرنامج وليس لها علاقة البتة بالتراث، وفي أقصى مراحله نصل إلى برنامج الغبقة وهو ليس إلا برنامج تراحيب مع إضافة في الوقت ومقدمين جدد يملكون خبرة أوسع لكن لا يقدمون جديداً. أشعر بالحسرة عندما اتابع في قنوات أخرى قريبة شقيقة برامج رائعة مثل الراحل أو "وينك" أو برامج حوارية مع الفاعلين والمؤثرين في المجتمع. قطر أدخلت الإعلام الجديد في المنطقة عبر الجزيرة لكن الإعلام الداخلي لم يدخل حتى مرحلة الإعلام التقليدي النشط بعد. قال لي أحدهم ألا يوجد في بلدكم خبرات، ألا يوجد لديكم مبدعون؟ لنأخذ برامج المنوعات إنموذجاً، برنامج الأخ الحبيب حسن لم يتغير البتة منذ خروجه إلى النور إلا في الاسم فقط، نفس الأداء، نفس البيئة النفسية، نفس الأسلوب الذي يعتمل فيه الساذج من العبارة مع المعلومة الموظفة لخدمة الواقع في سقفه المعاش أكثر من الهدف التثقيفي الذي يسعى إليه كل برنامج من نفس الطبيعة، في حين لو تأملنا أشهر من كان يقدم برامج المسابقات هما الدكتور الخطيب والأستاذ شريف العلمي رحمهما الله، فالأول كان يمتلك ثقافة عالية وقاموساً لغوياً كبيراً يأخذ بيد المشاهد إلى السمو في اللفظ، والثاني يأخذ المشترك أو المشاهد إلى الهاوية ليحبس أنفاسه قبل أن يجيب. أما برنامج مسابقات تلفزيون قطر أضفى عليه الممثل نوعاً من الروح الفكاهية لكن بشرط أن لا يتكرر، في حين الحديث عن برنامج حواري متجدد على مستوى برامج المنطقة فليس له مع الأسف وجود، نحن بحاجة إلى مراجعة في هذا المجال، نشط إعلامنا في الأزمة لكن كان ذلك ظرفاً طارئاً يحتاج إلى فزعة، لكن اليوم يحتاج إعلامنا إلى أن يتطور كيفاً في مادته، ليس هناك حل سوى مزيد من الحرية، التي أصبحت إشكالية لدى المواطن وليس لدى الدولة، الدولة أعطت وتعطي مساحة لا بأس بها من الحرية، لكن المواطن والقائمين على هذه الأجهزة لم يعتادوا عليها إما من خوف داخلي خشية الخطأ ومن ثم النقد، وإما لم يدركوا أهمية النقد البناء فآثروا المشي جنب "الساس" الحائط، وإما لأنهم لم يتعودوا أن يمارسوا حريتهم فإذا بأحدهم يمارس هويته الخجولة الخائفة بديلاً عنها. كم كاتب رأي في صحافتنا ؟ سؤال يكشف عمق الأزمة، أتمنى أن نفيق وإلا إذا كنا نرثي إعلامنا اليوم فإن الأجيال القادمة ستقوم برجمه وبرجمنا كذلك؛ لأننا قصرنا في إنقاذه في الوقت المناسب. [email protected]