13 سبتمبر 2025

تسجيل

الولايات المتحدة والجيل الرابع من الحروب

25 أبريل 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كان لافتا جدا، ذلك الفتور في الاستقبال السعودي للرئيس الأمريكي باراك أوباما عند زيارته الرياض بحر الأسبوع الفارط، والحقيقة أن الشرخ الذي أحدثه هذا الرئيس في العلاقات السعودية الأمريكية، هو من الضرر بمكان، جعل خبيرا إستراتيجيا كتركي الفيصل يتنبأ بأن العلاقات بين البلدين لن تعود كما كانت.تميز عصر أوباما بالانجفال الأمريكي في ساحات حرب عديدة، ولجأ بشكل واضح لما أسماه المتخصصون العسكريون بالجيل الرابع من الحروب، وقبل أن أدخل في مقالتي في تعريف مفهوم حرب هذا الجيل وملامحه، لابد من تعريف أجيال الحروب السابقة التي كانت تستخدم في المجال العسكري والتقني.يُعرّف المحللون الإستراتيجيون والعسكريون أجيال الحروب -كما في موسوعة "ويكيبيديا"- كالتالي: حرب الجيل الأول، يُقصد بها الحرب التقليدية بين دولتين لجيشين نظاميين، والخبير العسكري والكاتب الأمريكي ويليام ليند يعرّفها أنها الحروب التقليدية بين جيوش نظامية على أرض معارك محددة بين جيشين يمثلون دولا في حرب ومواجهة مباشرة.أما حرب الجيل الثاني، فهي الحرب الشبيهة بالجيل الأول من الحروب التقليدية، ولكن تمّ استخدام النيران والدبابات والطائرات بين العصابات والأطراف المتنازعة. في حين أن حرب الجيل الثالث يُقصد بها الحرب الوقائية أو الاستباقية، كالحرب على العراق مثلًا، ويصفها الخبير الأمريكي ويليام ليند بأنها طُوِّرَت من قبل الألمان في الحرب العالمية الثانية، وسميت بحرب المناورات، وتميزت بالمرونة والسرعة في الحركة، واستخدم فيها عنصر المفاجأة، وأيضًا الحرب وراء خطوط العدو.نأتي لمفهوم الجيل الرابع من الحروب، وتسمى أيضا الحرب غير المتماثلة والحرب غير المتكافئة، وقد اتفق الخبراء العسكريون بأن حرب الجيل الرابع هي حرب أمريكية صرفة طُوّرت من قبل الجيش الأمريكي، وأول من أطلقها في محاضرة علنية هو البروفيسور الأمريكي "ماكس مايوراينك" في معهد الأمن القومي الإسرائيلي، حيث عرّفها بنقاط مختصرة كالآتي: الجيل الرابع من الحروب هو الحرب بالإكراه، إفشال الدولة، زعزعة استقرار الدولة، ثم فرض واقع جديد يراعي المصالح الأمريكية.هناك من عرّف هذا الجيل من الحروب بـ: حرب نفسية متطورة للغاية من خلال الإعلام والتلاعب النفسي.والهدف من حروب الجيل الرابع هو إشاعة الفوضى في بلاد العدو المستهدف، وبدون تدخل عسكري من جيش البلد المهاجم إلا في نطاق ضيق جدا ومحدود، بل قد يسلط الشعب في مفهوم حروب الجيل الرابع على حكومته، أو يسلط الجيش على شعبه، أو تتخلى الشرطة عن مهمتها الأمنية والنظامية لتكون أداة للخوف وسبيلًا للفوضى!! وهناك من يعتبر الجيل الرابع من الحروب: "من أشكال حروب الغوريلا، تشنها فواعل من غير الدولة، وتحركها دوافع أيديولوجية أو الدين أو الانتقام أو شهوة السلطة".ولكن ما هي أدوات حرب الجيل الرابع هذا؟الحقيقة أن وسائل الإعلام بفرعيها الجديد والتقليدي هي أبرز أسلحة حروب الجيل الرابع، وعليها الاعتماد الكبير في تنفيذ كثير من مخططات الحرب وإنزال الهزيمة بالخصم، وإشاعة الفوضى والبلبلة في البلد المستهدف.هناك منظمات المجتمع المدني والمعارضة، حيث تستخدمها الولايات المتحدة لتحقيق غايتها، وتنفيذ مخططاتها بزعم دعم الحريات والديمقراطيات، وتقوم بتمويل بعض المنظمات وتسعى لحمايتها، للاستفادة منهم واستخدامهم في الوقت المناسب، ونتذكر فضيحة سعد الدين إبراهيم في مصر، وإعلانه الصريح بتلقي الدعم المباشر من الأمريكيين.يورد المتخصصون وسائل عديدة تلجأ لها الولايات المتحدة في حرب الجيل الرابع، منها العمليات الاستخبارية، والنفوذ الأمريكي الواسع سواء كان هذا النفوذ في العالم الافتراضي كالإنترنت على سبيل المثال أو غيره، حيث أنها تسيطر على وسائل الإعلام الجديدة من الإنترنت، وشبكات التواصل الاجتماعي، وجميع وسائل التكنولوجيا. ومن الوسائل أيضا في هذا الحرب: تغذية الصراعات الداخلية وتأجيجها، حيث تستغل الاختلاف المتنوع لأطياف المجتمع الإسلامي العرقي أو الطائفي للاستفادة منه في تطبيق مفهوم الجيل الرابع، والعراق أصبح مثالا واضحا على الاستغلال الأمريكي للطائفية والنعرات القومية.من أهم أسلحة حرب الجيل الرابع هو حرب الأفكار وتغيير عقائد المجتمع وأفكاره، وربما كان وزير الحرب الأمريكي الأسبق دونالد رامسفيلد هو أول من أطلق شرارة (حرب الأفكار) ضمن ما أسمته أمريكا (الحرب على الإرهاب)، ونتذكر تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس وقتما قالت في صيف 2002م: "لا بد من اتباع أساليب الحرب الباردة نفسها ضد الشيوعية لمواجهة أفكار (الكراهية والموت) في الشرق الأوسط"، وقالت في مقالة لها: "إننا ضالعون في حرب أفكار أكثر مما نحن منخرطون في حرب «جيوش»". المقالة لا تتسع للحديث عن حرب الجيل الرابع التي اتبعتها الولايات المتحدة بنجاح، ونحن نمرّ اليوم في مجتمعاتنا العربية اليوم والخليجية بالتحديد بكثير من التحدي الذي يستلزم التبصر والتأني، وإعادة النظر في المواقف، والتكاتف مع القادة وولاة الأمر، واستيعاب الظرف الحساس، وتقديم الرؤية المتكاملة على الرؤية الجزئية، والصبر على جزئيات في مقابل الحفاظ على الأساسيات، كي نمرّر على أولئك القوم ما يريدونه من تمزيق للحمة الوطنية، وإحداث الشرخ المجتمعي لتعمّ الفوضى، وتختلف القلوب، وتتضاد الأفكار، ويستطيع العدو الأشقر من خلاله الانسلال، وتحقيق هدفه بالسيطرة علينا.على العلماء والرموز الشرعية والفكرية في بلادنا النظر للأبعد، وتفويت أي فرصة على المتربص الغربي، وقد أدركنا بعض أساليبه في تمزيق المجتمعات.