11 سبتمبر 2025
تسجيلبالأمس وفي وقت مستقطع من أشغال هذه الحياة ومنذ الدعوات الصريحة بوجوب البقاء في المنزل المتزامنة مع العطلة الإجبارية من العمل وتتبع الأخبار اليومية لتحديثات فيروس كورونا ليس في قطر والمنطقة فحسب وإنما في العالم بأسره، وجدت نفسي أفكر بإيجابيات هذه الأزمة وسلبياتها فنظرت حولي ورأيت أنني ومنذ سنين عدة لم أجتمع مع أبي وأمي وإخوتي في صالة البيت الرئيسية، كما هو الحال الآن ولم أخصص وقتا لقراءة كتاب مفيد وممتع كما هو الوضع اليوم، ولم أجد وقتا للاهتمام بنفسي بالصورة المطلوبة كما أفعل الآن، وكأن حياتي كانت عملا في عمل، ولا يعطيني هذا العمل المرتكز على النشاط الرياضي لكرة القدم وقتا لكل ما بت أفعله اليوم بمحبة. فقد كان عملي يأخذني من الصباح الباكر ولغاية ساعات متقدمة أو متأخرة من الليل في الأيام التي تكثر فيها البطولات المحلية والإقليمية والآسيوية والدولية، وما أكثرها لدينا، لا سيما بعد نجاحنا في استضافة كأس العالم عام 2022 ولم أكن أملك وقتا للجلوس مع عائلتي الكبيرة حتى في أيام العطل الأسبوعية، عادة ما كنت أغادر المنزل للمشاركة في تنظيم مباريات وبطولات بصفتي مسؤولة إعلامية ويقع على كاهلي الشيء الكبير والكثير معاً، ولكن اليوم ورغم الظرف الصعب الذي تمر به الدولة في كونه يتعلق بصحة وعافية البلاد والعباد معا، فربما كان لهذه الأزمة الحل في الخروج من أزمة التباعد الاجتماعي الذي بالتأكيد كنت أعانيه شخصيا، ولربما يعانيه آخرون مثلي، وإن كان هذا التباعد بالصورة اللفظية هو المطلوب اليوم للوقاية والحد من تفشي فيروس كورونا الذي تجب محاربته، بالابتعاد عن البعض والاعتكاف بالمنازل، ولكني هنا أعني التقارب الاجتماعي المعنوي الذي يمكن أن يجمع العائلة في مكان واحد مع الاحتفاظ بالمسافات الآمنة بينهم، لتبادل الحديث والنقاش ومتابعة الأخبار معا، والتباحث بشأن العائلة وما يهم هذه العائلة من أمور كانت معلقة للحظة يجتمع فيها الجميع، وإن كان السبب اليوم الذي جعلنا نجتمع هو ظرف طارئ يهدد الحياة البشرية بأسرها، ولكنه أعطى ميزة لدي شخصيا وأنا التي منذ سنين عديدة لم أكن مع عائلتي بهذه الصورة التي يمكن أن تدفعني لأن أقول: (شكرا فيروس كورونا). ولكني بالطبع لن أقولها بهذه الصورة لوحش فيروسي ينهب حياة الإنسانية في الصين وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا وبريطانيا وإيران والجزائر وتركيا وأمريكا ودول كثيرة لا تزال تحصي خسائرها من الأرواح قبل أن تعدد ما تخسره من جهود وأمصال وأدوية وأبحاث وعلاج وغيرها، ولكني سأقول شكرا للأزمة التي فرجت عن أزمات ولمشكلة حلت مشاكل كثيرة ولوقت كان ضائعا وأتى يحاول لملمة نفسه في الباقي من سنوات العمر التي تركض مهرولة لا ماشية على أقدامها، فكثير منا كان مهملا لبيته وأهل بيته فجاءت هذه الأزمة لتفعل ما عجزت المؤسسات الاجتماعية والأُسرية عن فعله، من حصول هذا التقارب بين الأب ومحيط عائلته وبين الأم وبناتها التي عادة ما كن ينشغلن بالعمل والصديقات عن البيت، وحتى ما يجري اليوم بين الشاب الذي كانت حياته عن عمل ومجلس وخروج وسهرة ومبيت في (عنة) أو عزبة في بر أو بحر وبين والده ووالدته وإخوته، وهذه علاقات وكأنها تتجدد بين الجميع على غير العادة وكل هذا صنعته أزمة كورونا التي يبدو ظاهرها مخيفا، ولكن في عمقها كانت حلا لكثير من المشاكل الاجتماعية لدينا وربما في جميع الدول التي تعاني من أزمة التباعد الاجتماعي بين أفراد الأسرة الواحدة، ومع هذا يبقى فيروس كورونا وباء وبلاء وابتلاء وداء ندعو الله عز وجل أن يفك العباد ويخلص البلاد منه عاجلا غير آجل في قطر وسائر دول العالم.