14 سبتمبر 2025

تسجيل

الشباب والتكنولوجيا والاقتصاد الجديد

25 مارس 2018

ضرورة دعم الشركات وصناديق التمويل  إدراكا منها بطبيعة التحديات التي سوف تواجه دولنا خلال الأعوام القادمة، وخاصة مشكلة توفير الوظائف لعشرات الملايين من الشباب الخريجين على مدار العقود الثلاثة القادمة من جهة، وعجز الأنشطة الاقتصادية الراهنة عن مواكبة متطلبات توفير هذا الحجم من الوظائف من جهة أخرى، تسعى المنظمات الدولية للترويج مع الحكومات العربية لأنماط جديدة من الاقتصاد تكون أكثر قدرة على توليد الوظائف. وتشهد العاصمة الجزائرية هذا الأسبوع مؤتمرا عنوانه "الاقتصاد الجديد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: الشباب والتكنولوجيا والتمويل" تستضيفه الحكومة الجزائرية بالتعاون مع البنك الدولي وصندوق النقد العربي. ويسعى المشاركون من خلال دراسة تحدي توليد الوظائف في الدول العربية خلال الأعوام المقبلة إلى إقناع حكومات هذه الدول بالتعامل مع هذه التحدي كفرصة لتحويل اقتصادياتها تكنولوجيا من خلال مبادرات يتبناها القطاع الخاص وتستفيد بنفس الوقت من قدرات شبابها العالية على الإبداع والابتكار، بينما تتولى الحكومات توفير التمويل. وهكذا يصبح الشباب والتكنولوجيا والتمويل هي محركات النمو في الاقتصاد الجديد.  ووفقا لدراسة للبنك الدولي، فأنه إذا استمرّت الزيادة في عدد المواليد بالمعدل الحالي، يمكن أن يصل عدد السكان في الدول العربية إلى 598 مليون نسمة بحلول عام 2050، من ضمنها 149.5 مليون شاب عاطل  عن العمل. ولهذا يجب أن يُخفّض معدّل البطالة الحاليّ الذي يبلغ 25.1%. ويمكن للاستثمار في التكنولوجيا أن يساعد في التقليل من تأثير الانفجار المتوَقّع في معدّل البطالة بين الشباب في المنطقة العربية. فإيجاد حلقة جيدة من الاستثمار في شركات التكنولوجيا الناشئة له تأثير إيجابي بشكلٍ كبير على مستقبل المنطقة العربية اقتصاديا واجتماعيا. كما أنّ هذه الاستثمارات، ستساعد في خلق فرص عمل أكثر وذات جودة عالية، إذ أنها في الغالب توجِد قيمةً مضافةً جديدة تعجز عادة الأعمال التقليدية عن تحقيقها. فعلى سبيل المثال، تولد الوظائف الإدارية في الشركات التكنولوجيا  متوسط راتب يتراوح بين 5 و10 أضعاف الراتب الذي ينتج عن الوظيفة التي يشغلها العمّال العاديين. وهذا يعني أنّ 2600 عاملٍ في أكبر 10 شركات تكنولوجيا في دول المنطقة يكسبون أكثر ممّا يكسبه ما يعادل 10 آلاف إلى 20 ألف موظّف يشغلون وظائف في النظام الاقتصادي القديم في قطاعات الصناعة والتجارة والبناء. وبالإضافة إلى أنهم يتمتعون بقدرة شرائية مرتفعة، فإنّ الأكثر أهميةً يكمن في شعورهم بأنّهم متمكّنين في وظائف تستجيب لرغباتهم وقدراتهم الفكرية والتعليمية، وهذا ما يرغب به الشباب في الدرجة الأولى. كما توجد إمكانات هائلة لمساهمة التكنولوجيا في توفير العمالة على المستوى الوطني. على سبيل المثال، إنّ مدينة كامبردج في المملكة المتحدة، المشهورة نسبةً لجامعتها، قررت قبل عقد من الزمن فتح أبوابها لروّاد الأعمال التقنيين والمستثمِرين. واليوم، توظّف المدينة 57 ألف شخصٍ في شركات التكنولوجيا التي تملك مشاريع بقيمة ما يقارب 50 مليار دولار. أما في دول المنطقة فأن أكبر 10 شركات تقنيةٍ مجتمعة كما أشرنا لا تتعدّى مواردها البشرية حوالي 2600 موظّف وتدير مشاريع لا تزيد عن 2.5 مليار دولار.  لقد بذلت حكومات المنطقة جهداً كبيراً لخلق فرص عملٍ للشباب. لكن سد الفجوة مع بقيّة العالم وزيادة الاستثمار في قطاع التكنولوجيا من أجل توفير المزيد من فرص العمل يمكن أن يتم من خلال دعم الشركات وصناديق التمويل وحاضنات الأعمال، إضافةً إلى التدريب ودعم وفتح آفاق جديدة، كلّها أمورٌ من شأنها خلق فرص عمل ذات قيمة والمساهمة في تحسين الحياة في منطقتنا.