12 سبتمبر 2025

تسجيل

أبوظبي والتمهيد لحصار قطر

25 مارس 2018

لقد ذكرنا في مقال الأسبوع الماضي كيف ألقى السلطان قابوس ثقله في تثبيت خليفة بن زايد بالحكم ضد منافسيه، وتطرقنا إلى الأسباب التي أدت إلى محاربة من يريد الإصلاح في الإمارات، وطريقة استبدال الأمن الإماراتي بأمن من بلاك ووتر، وكيف أجبرت أبوظبي المثقفين على الصمت. كما ذكرنا نجاح محاولات الظبياني في جر السعودية لإرجاع الأنظمة التي ثارت عليها شعوب الربيع العربي، ولماذا هذا العداء الكبير لقناة الجزيرة، كما تطرقنا إلى موضوع حصار السعودية البري وسحب السفراء في 2014، من دولة قطر. واليوم نتحدث عن فترة 2014 وما بعدها، حاول سلطان بن خليفة زيارة والده ولكن رجال بلاك ووتر، بأمر من الظبياني، منعوه من الزيارة، عندها علم سلطان أن والده ربما قتل مسموماً. عرف الظبياني بمحاولة زيارة سلطان لوالده فخاف أن يتحالف سلطان مع خواله عيال محمد بن خليفة آل نهيان وينقلبوا عليه، فقام بوضعه، مع عدد من أنصاره، تحت الإقامة الجبرية. خاف سلطان من قيام الظبياني بقتله بأي وسيلة، فقام، في يوليو 2014، بالهرب من أبوظبي إلى دولة "خليجية"، ومن بعدها سافر إلى بريطانيا. هذا الأمر أثار غضب الظبياني لأنه يعتقد أن ما جرى هو بتخطيط وتنفيذ قطري مما جعله يتحالف مع السعودية للضغط على بريطانيا لإرجاع سلطان إلى الإمارات، ليس حباً في سلطان ولكن ليغيظ قطر، ويمنع سلطان من تكوين جبهة معارضة ضدة في الخارج. رجع سلطان، بضمانات بريطانية وسعودية، إلى الإمارات، كان من المفروض بعد أن عاد سلطان، وانتهت أزمة السفراء، أن تعود الأمور إلى طبيعتها، ولكن بدلاً من ذلك زادت الحملات الإعلامية الموجهة من الظبياني لسب قطر وقيادتها، وبخاصة في أوروبا وأمريكا، وذلك عن طريق شراء الذمم الإعلامية (كتاب ومذيعين ومحطات تلفزيونية). في الوقت نفسه استمرت قطر، على المستوى الرسمي، في تفعيل أنشطة اللجنة العليا المشتركة للتعاون بين دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر (اللجنة انشأت في 1998 وكان آخر اجتماع لها في 1/5/2016). وبهدف تحويل نظر قطر عما يجري في السعودية، فقد قام الظبياني في 2015، بإرسال مبعوثين إلى سمو الأمير المفدى يطلب تسليم إحدى اللاجئات الإماراتيات بدولة قطر (السيدة وصلت إلى قطر في 2012 بصحبة زوجها وهو من المطلوب القبض عليهم من ضمن حملة الاعتقالات التي طالت منتسبي جمعية الإصلاح الإماراتية والذي غادر قطر فور وصوله تاركاً زوجته بسبب ارتباطاتها العائلية في قطر). قطر، وبحسب دستورها، يحظر عليها تسليم اللاجئين لأسباب سياسية (انظر المادة (58) من الدستور) وعليه رفض سمو الأمير المفدى تسليم الإماراتية. وتبعاً لذلك زادت حملة التشويه شراسة، ليس بهدف الحصول على السيدة الإماراتية، ولكن للتغطية على ما يخططه الظبياني من قلب نظام الحكم السعودي. استمرت سيطرة الظبياني على السعودية لدرجة أنه هو من خلال بطانة الملك وبالأخص رئيس الديوان الملكي، الذي يقرر من يقابل الملك ممن لا يقابله، لدرجة أن سلمان ولي عهد السعودية (الملك الحالي) حرم من الدخول على الملك في عدة مناسبات. كان العميل الصهيوني قلقاً من بقاء سلمان حياً، وكان مصدر قلقه أنه إذا وصل لسدة الحكم فإن جميع خططهم قد تفشل، بدأ الظبياني، بإيعاز من العميل الصهيوني، يخطط للإطاحة بسلمان واستغل ذهابه إلى العلاج في أحد المستشفيات الأمريكية وبدأ ينشر على شبكات التواصل الاجتماعي (تويتر وفيسبوك)، أن سلمان مصاب بالزهايمر بهدف تهيئة الرأي العام السعودي لتقبل عزله. ساعد الظبياني في تكوين فريق من ثلاث شخصيات قيادية بالسعودية لاستصدار القرار اللازم بعد الحصول على التقرير الطبي الذي يفيد بذلك تمهيداً لدفع متعب بن عبدالله لاستلام الحكم. قام الفريق الثلاثي بإعداد الأمر الملكي لعدم صلاحية سلمان للحكم، ولكن من حسن حظ سلمان أن عبدالله (الملك السابق) كان في إجازة وأرجأ التوقيع على أمر تنحية سلمان لحين عودته إلى الرياض. وقبل أن يعود عبدالله إلى الرياض أصيب بانتكاسة صحية كبيرة أدت لوفاته. وفي 23/1/2015 توفى الملك عبدالله، نسأل الله له المغفرة، وقبل أن تتم مراسم دفن الملك، قام سلمان بإجراءات التخلص من فريق الظبياني الثلاثي الذي كان يحاربه شخصياً. المجتمع الخليجي خدع بهذه التغييرات وظن أنها ستعيد للسعودية هيبتها التي فقدت في الفترة السابقة. لكن الظبياني سرعان ما استعاد سيطرته على الأمور وذلك من خلال إعادة ترتيب الأوراق والهيمنة على قرارات السعودية. وقام الملك الجديد (سلمان) بإحداث ثورة في نظام ولاية العهد. فقد قام، في أبريل 2015، بإعفاء شقيقه مقرن بن عبدالعزيز من ولاية العهد، وجعل ولاية العهد لمحمد بن نايف، الذي كشف مخطط الظبياني لعزل سلمان، واختار ابنه محمد بن سلمان ولياً لولي العهد، وهؤلاء من جيل أحفاد الملك عبدالعزيز. جميع أوراق الظبياني كانت مكشوفة أمام ولي العهد محمد بن نايف فلهذا لم يستطع الظبياني التقرب منه، ولكنه بدأ بالعمل على كسب ولاء ولي ولي العهد. انصب اهتمام قطر بالتعاون مع الملك الجديد، ومع ولي العهد محمد بن نايف، الذي يعرف دور قطر في التصدي لأي محاولة ضرر على أمن وأمان السعودية. قطر قد كلفت، منذ 2014، من قبل السعودية ومن خلال مجلس التعاون الخليجي بالتفاوض مع الحوثيين، وكلما اقتربت قطر من حل مشكلة اليمن نجد الظبياني والعميل الصهيوني بالتعاون مع حليفهما علي عبدالله صالح يعيدون الوضع إلى نقطة الصفر من جديد. الظبياني، الذي أساءه قيام قطر بتكرار محاولة إخماد الفتنة في اليمن، ظهر لولي ولي عهد السعودية بدور الناصح الأمين، فاقترح عليه شن هجوم على اليمن للقضاء على الحوثيين واستئصال جذورهم. وفي 25/3/2015، أي بعد شهرين من تولي الملك الجديد مهامه، أعلن ولي ولي العهد بدء الهجوم على اليمن بما يسمى "بعاصفة الحزم" تحت ائتلاف مكون من عدة دول عربية بقيادة السعودية. كلنا، كشعوب إسلامية وحتى الشعب اليمني، اعتقدنا أن الخطوة كانت تهدف إلى إعادة الشرعية لليمن، وأن الحرب على الحوثيين ستنهي الحرب الطائفية التي عصفت باليمنيين وبالمقدرات اليمنية. ولكن قطر، كدولة ذات رؤية بعيدة المدى، كانت رافضة لهذا الهجوم العسكري على اليمن، ولكنها دخلت في التحالف إرضاءً "لشقيقتها" الكبرى، وحددت مهمتها بحماية جزء من الحدود الجنوبية للسعودية، أي أنها لم ترغب في الهجوم على اليمنيين باليمن. وفي أبريل 2015 أعلنت السعودية انتهاء عملية "عاصفة الحزم" وبدء عملية "إعادة الأمل". وفي يوم الجمعة 4/9/2015 أعلنت السلطات الإماراتية استشهاد 45 إماراتياً في هجوم بصاروخ أرض- أرض، ومن خستهم أنهم اتهموا قطر بالتسبب في هذا الحادث، مع العلم أن قطر لم تدخل الحرب الميدانية إلا يوم الأحد 6/9/2015، أي بعد يومين من الحادث. ولكن كذبوا وصدقوا كذبتهم وهذا جزء من الحرب الإعلامية على قطر. وفي الفترة التي كان مشغولاً بها المجتمع الخليجي والعربي بالحرب على اليمن، قام الظبياني بالاجتماع مع مسؤولين عرب (اثنين رؤساء واثنين ولاة عهد) لتشكيل نواة لتحل محل مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية وتكون مؤيدة لأمريكا وإسرائيل (فشل هذا الاتفاق بسبب خروج أحد الرؤساء من هذا التحالف عندما أعلن رئيس أمريكا أن القدس عاصمة لإسرائيل).  بعد أن حاصر الظبياني السعودية براً، قام بالتحضير لحصارها بحراً، يعاونه في ذلك كل من إيران وأمريكا وحلفاؤها. وكما ذكرنا في مقال سابق أن قناة السويس تحت سيطرة مصر حليف أمريكا والظبياني. وقام الظبياني ومن خلال مشاركته ضمن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن ببناء قاعدة عسكرية بجزيرة ميمون الواقعة على مدخل مضيق باب المندب بمشاركة من القوات البحرية المصرية، وقامت بالسيطرة على بلدة "ذو باب" القريبة من باب المندب وحولتها إلى قاعدة عسكرية، وحولت ميناء المخا اليمني إلى قاعدة عسكرية، وسيطرت على جزيرة سوقطرة. ولا ننسى أن الإمارات أسست 3 قواعد عسكرية في الدول المطلة على المضيق. وقبل إحكام الحصار البحري بشكل كامل، فإن على الظبياني تخطي عقبة سلطنة عمان. وفي الختام نقول إن الظبياني، بمكائد وتخطيط العميل الصهيوني، استطاع السيطرة الكاملة على ولي ولي العهد السعودي. للقصة بقية وهذا ما سوف نغطيه، إن شاء الله، في مقال قادم  والله من وراء القصد،،