10 سبتمبر 2025
تسجيلالبيت يتطلب صيانة مستعجلة، وهذا يتطلب مبلغاً نقدياً، والمعاش التقاعدي وللأسف لا يتبقى منه شيء، وحلاً لهذه المشكلة ذهب صاحبنا للبنك لطلب سلفة على أن يقتطع أقساطها من معاشه التقاعدي الذي يصل إلى نفس البنك شهرياً، البنك وبعد أن عرف أن الشخص من المتقاعدين اعتذر، وبطريقة مهذبة أنه لا يستطيع منح أي نوع من السلف، لأنه وببساطة لا تقبل شركات التأمين القيام بتأمين تلك السلفة، لأن صاحبها من المتقاعدين. فكيف السبيل أمام المتقاعد لحل هذه الأزمة المالية التي تواجهه؟. بالرجوع لقانون رقم (24) لسنة 2002 بشأن التقاعد والمعاشات وجدنا الحل الأمثل لهذا المتقاعد، ففي المادة (24) ذكر أنه "يجوز للموظف أو العامل المستحق للمعاش، أو صاحب المعاش طلب استبدال مبلغ نقدي بجزء لا يزيد على نصف المعاش، وذلك وفقاً للجدول رقم (2) المرفق بهذا القانون، ويوقف خصم الجزء المستبدل عند وفاة الموظف أو العامل أو صاحب المعاش، ويؤدى في هذه الحالة نصيب المستحقين كاملاً، ولا يجوز للمستحقين استبدال أنصبتهم"، وقام صاحبنا بحساب ما يريد وفقاً للجدول المذكور فطلع أنه يستطيع الاستغناء عن 1000 ريال من معاشه التقاعدي ليتمكن من الحصول على 200 ألف ريال كاستبدال، فذهب للهيئة وطلب إتمام عملية الاستبدال، إلا أن موظفي الهيئة ردوا عليه بأنه لا يمكنهم استبدال أي جزء من المعاش إلا بعد صدور اللائحة التنفيذية للقانون، علماً أن هذه المادة وكما هو ملاحظ من سياق النص، لم تربط الاستبدال باللائحة التنفيذية، خرج المتقاعد من مبنى الهيئة مكسور الخاطر لأنه لا يستطيع صيانة منزله في بلد عم خيره على سائر بلاد العالم. إنه لمن العجيب أن اللائحة التنفيذية لم تصدر لقانون تم تطبيقه لأكثر من 18 سنة، فمن هو المسؤول عن هذا؟ وفي بحثي عن هذا الموضوع وجدت أن سمو الأمير الوالد قد أصدر قراره الأميري رقم (31) لسنة 2002، بتشكيل مجلس إدارة الهيئة العامة للتقاعد والمعاشات من سبعة أعضاء، وتمت إضافة عضوين آخرين في وقت لاحق، وكانت مهمة المجلس منحصرة في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتهيئة الهيئة العامة للتقاعد والمعاشات لمباشرة الاختصاصات المقررة لها في قانون إنشائها. ومن اختصاصات المجلس ما يلي: 1. وضع نظام استثمار أموال الصندوق، 2. اقتراح زيادة المعاشات، 3. اقتراح التشريعات المتعلقة بالمعاشات، ولكن هذا المجلس وبدلاً من أن يقوم بممارسة صلاحياته، قام بطلب تعديل العديد من مواد قانون التقاعد، وفي هذا نجد أن أعضاء مجلس الإدارة قد انقسموا فيما بينهم إلى قسمين: قسم أيد التعديلات وهم الأغلبية، وقسم آخر عارض التعديلات وهم الأقلية، وكانت التعديلات على مواد القانون تقر بعد التصويت عليها من قبل المجتمعين، وطبعاً كانت نتيجة التصويت تسجل بالأغلبية، ومن ثم ترفع لمجلس الوزراء الذي يعتمدها، غير مدرك لما يدور في مجلس الإدارة من صراع، ولخطورة التعديلات على القانون قبل تطبيقه، والتي شملت الاستبدال، ومكافأة نهاية الخدمة، وحساب مدة الخدمة، وغيرها من الأمور، احتدم النقاش في المجلس لدرجة أن نائب رئيس المجلس، وعضوا آخر، من المعارضين لإجراء أي تعديل على مواد القانون، قاما بتقديم استقالتهما من المجلس، ومن الهيئة العامة للتقاعد والمعاشات بشكل كامل. ولقد حذر الخبير الاكتواري مجلس الإدارة، كاتباً في تقريره الأخير، إنه بهذه التعديلات لن يستطيع المجلس وضع لائحة تنفيذية لقانون التقاعد، وفعلاً صدق هذا الخبير، الذي نجده هو أيضاً طلب من المجلس إعفاءه من المشاركة معهم كخبير، وبدأ القانون الذي صدر لضمان حياة كريمة للمواطن في سنواته الأخيرة يفقد هدفه الأساسي. وفي سنة 2009 صدر المرسوم بقانون رقم (18) لسنة 2009، بإلغاء بعض القوانين، وبه تم إلغاء وجود ما يسمى بمجلس إدارة الهيئة العامة للتقاعد والمعاشات، حاول بعض الخبراء عدة مرات تمرير قانون التقاعد في حلته الجديدة، بمواد أخطر في ضررها من القانون القديم، والحمد لله أن الرسالة بخصوص خطورة الوضع كانت تصل دائماً إلى المسؤولين عن موضوع قانون التقاعد الجديد، والذين هم بدورهم يأمرون بإعادة الدراسة (انظر الشرق 27/3/2011، والشرق 22/1/2012، والشرق 29/4/2012، والشرق 22/9/2013). إنه لمن المؤسف أن يقوم الخبراء والمستشارون باقتراح ما فيه ضرر على المواطنين، إنه من حق الشعب أن يقوم هؤلاء، الذين يستلمون رواتبهم وامتيازاتهم من أموال الشعب، بمراعاة مصلحة هذا الشعب بتبني المشاريع والقوانين التي لا تنقص من حقوقهم. وفي الختام نقول: إن عدم وجود لائحة تنفيذية، مع عدم تفعيل المحكمة الدستورية، وبخاصة في ظل وجود تضارب بين قانون الموارد البشرية وقانون التقاعد، فإن ذلك قد أدى إلى فراغ تشريعي وقانوني، وهو الذي قاد لتعطيل القانون، وحال بين المتقاعدين وحصولهم على حقوقهم، وهذا يفسر الأسباب التي على أساسها تم تعطيل تنفيذ الأحكام التي صدرت لصالح المتقاعدين، ومع معرفتي اليقينية بأن اللائحة التنفيذية ما هي إلا أداة لتفسير القانون، وبهذا فالقانون هو الأصل وهو أقوى ومن الواجب إتباعه سواء صدرت اللائحة التنفيذية أو لم تصدر، ولكن إذا كان ذلك سيستمر لهضم حقوق المواطنين، وأن إصدار قانون التقاعد الجديد سوف يتأخر، فإنه لزاماً على الجهات التشريعية العمل على إصدار لائحة تنفيذية للقانون القديم، على الأقل بشكل مؤقت، حتى لا يدخل المتقاعد في أزمات عديدة، وبخاصة المادية منها، بسبب عدم وجود صيغة تفسر مواد القانون المختلفة.. والله من وراء القصد. [email protected]