13 سبتمبر 2025
تسجيلتوجه دولة قطر لإنشاء بنية تحتية لمدن ذكية متقدمة، تقوم على شبكة من الاتصالات التقنية في أحدث ما وصلت إليه الابتكارات، بمثابة ترجمة لرؤية قطر 2030، والتي تضع أولويات التكنولوجيا والتنمية البشرية والمهنية والرفاهية الاجتماعية في مقدمة تلك الأهداف التي تصبو إليها.فقد وجه معالي رئيس مجلس الوزراء في زيارته التفقدية لأول شبكة متقدمة جداً من الآليات التكنولوجية الدقيقة، والتي تنفذها شركة الاتصالات القطرية (أوريدو)، لتأسيس مدينة تتواصل بالشبكات المعلوماتية، وتوجيهه بسرعة إنجازها، لتواكب الثورة المعرفية والصناعية في قطاع الإلكترونيات على مستوى عالمي.في البداية أعرف المدن الذكية من منظور علمي، بأنها التي بنيت لغرض صناعي أو تجاري أو علمي، بحيث تراعي توفير البيئات الاقتصادية الميسرة لحياة السكان، والخالية بالدرجة الأولى من التلوث والعوادم والضجيج الصناعي، والتي تقوم في كيانها الأساسي على التقنية وشبكات الترابط الإلكترونية. تأخذ المدن الذكية مسميات عدة، أبرزها مدن المعرفة، ومدن رقمية، ومدن إلكترونية أو ذكية، وهي تعتمد في هيكلها الأساسي هدف الوصول لبيئة مثلى من الموارد.والمدن الذكية هي التي تحمل عنوان "صديقة البيئة" وهذا السبب الأساسي في إنشائها، إذ إنّ خبراء البيئة في المحاضر الدولية يبحثون بشكل مستمر إيجاد آلية تناغمية بين مواكبة الطفرة الاقتصادية، والحفاظ على الموارد الطبيعية التي تشكل تنمية مستدامة، وهذا لن يتأتى بدون إجراءات وضوابط، تقلل من فرص التوسع على حساب تلك البيئات، وتأهيل كوادر دولية تحمل رسالة الاستدامة. تقدر المؤشرات الاقتصادية الدولية تكلفة إنشاء هذه المدن بأنها مكلفة جداً، ويبلغ سوق تكنولوجيا المدن الذكية في العالم "2،1" تريليون دولار بحلول 2020، وقد أنشئت بالفعل في دول عدة، ويقدر حجم الفرص التجارية التي توفرها المدن الذكية، بنحو 5،5 تريليون درهم من قيمة السوق العالمية خلال السنوات العشر القادمة، فالكثير من دول العالم تسعى إلى التحول التدريجي لمدن ذكية، لتتخلص من الزيادة السكانية والزحام وكثرة الطرق.واستعرض بشكل سريع ملامح المدينة الذكية التي تعكف الدولة على تأسيسها، والتي أعلن عنها مؤخراً، وهي تشغيل المدينة بالكامل باستخدام شبكة اتصالات موحدة ومركز تحكم وسيطرة متكامل بالتعاون مع جميع أجهزة الدولة ذات الصلة، لضمان تقديم أفضل الخدمات، كخدمات الاستجابة للطوارئ وخدمات التشغيل الأمثل للمدينة وخدمات ذكية ترفع من مستوى جودة حياة الساكنين والعاملين والزوار في مدينة لوسيل التي ينفذ فيها المشروع وتضمن أمنهم وسلامتهم. أما منصات التحكم والسيطرة في المدن الذكية، فهي تربط أنظمة المدينة المختلفة بهدف تحويل بياناتها إلى معلومات تتميز بالذكاء للمساهمة في زيادة سرعة الاستجابة للطوارئ وتحسين الأداء وخفض مصاريف تشغيل المدن وغيرها من الفوائد العديدة وعرض حلول تفاعلية باستخدام اللوحات الرقمية في الأماكن العامة والتي من شأنها أن تسهم في تحسين أداء الجهات الحكومية وغيرها من الجهات في سعيها نحو تقديم خدمات أفضل للمراجعين والعملاء.وتأتي مدينة لوسيل كواحدة من أهم المدن في قطر الحديثة وأكثرها تطورًا، إذ تسعى شبكة الاتصالات القطرية إلى ابتكار بيئة تكنولوجية توفر الاتصالات السلكية واللاسلكية والخدمات المبتكرة للسكان ورجال الأعمال والزوار وتمكنهم من الوصول إلى أي تطبيقات في أي مكان وفي أي وقت والتحكم في جميع الوظائف بلمسة زر، بما يدعم الرؤية الوطنية 2030 الهادفة لتنويع مصادر الاقتصاد وجعله مبنيًا على المعرفة.ورؤية المدينة أن تكون مدينةً ذكيةً متكاملةً بدعم جميع المؤسسات والهيئات الحكومية للتشارك في البنية التحتية والبيانات المتولدة من أنظمة المدينة المختلفة عبر منصة المدينة الذكية المتكاملة والتي ستقوم بدورها بمشاركة البيانات نفسها مع مراكز التحكم والسيطرة التابعة للجهات المعنية للقيام بمهماتها الاعتيادية في خدمة السكان على الوجه الأمثل. على المستوى الخليجي.. فإنّ دول التعاون تسعى لتأسيس بنية تحتية للمدن الذكية، بدلا من تحويل المدن القائمة، لكونها أكثر كلفة، مالياً واقتصادياً، في حال تحولها، فالمدن الحديثة هي التي تبنى من بداية رؤاها على أسس تكنولوجية.وكنت قد ذكرت في إحدى مقالاتي سابقاً، أنّ دول المنطقة بدأت فعلياً في تأسيس مدن رقمية، ففي دولة قطر هناك مشاريع جزيرة اللؤلؤة ومدينة لوسيل ومدينة الطاقة، وفي المملكة العربية السعودية هناك مشاريع مكة المكرمة، وفي دولة الإمارات العربية المتحدة هناك مشاريع مدينة مصدر ودبي وغيرها.ورغم ارتفاع موازناتها وحجم العمل والكوادر العاملة في المدن الذكية، إلا أنّ الحكومات الخليجية تسعى إلى إرساء أرضية قوية من الشبكات الإلكترونية، لتسهيل إقامة مشاريع عملاقة، مثل الربط الكهربائي والاتصالات والقطارات والموانئ والمطارات، والتي تقوم جميعها على التقنيات المتطورة جداً.وقد صاحبت الاهتمام بالمدن الذكية، زيادة الطلب على الشبكات السلكية واللاسلكية، وشبكات الاستثمار، وشبكات الألياف البصرية، وأنظمة النقل والشبكات المنزلية، وشبكات الطرق وشبكات الهواتف والألياف.يرى خبراء الاقتصاد أنّ المدن الذكية حل بيئي ناجح رغم ارتفاع الكلفة الإنتاجية، والإستراتيجيات المتعمقة التي تستغرقها المؤسسات في ترسيخها ودراستها لسنوات، إلا أن التقنية باتت حلولاً ممكنة.