17 سبتمبر 2025

تسجيل

قمة الكويت عودة للوراء

25 مارس 2014

ثلاث بوادر غير حميدة تهدد قمة الكويت بالفشل، أولها هو تواضع الحضور من الحكام العرب، وعدم الوصول إلى تفاهمات وتأكيدات تؤدي لخروج قرارات فعلية تنهي الصراع الدائر في سوريا، وحالة التشظي التي أصابت العلاقات العربية العربية على خلفيات الحرب السورية والتدخل العسكري ضد حكم الرئيس المصري المعزول محمد مرسي وتنصيب خليفة له وسط حكم العسكر، وأزمة ما قبل وبعد سحب سفراء السعودية والإمارات والبحرين ومصر من قطر، والحرب الإعلامية التي تقودها الجوقة الفضائية والصحفية المصرية واللندنية ضد كل من لا يعجبه وجه السيد عبدالفتاح السيسي.ثانيهما رفض وزير خارجية النظام المصري أي مصالحة مع قطر حاليا، وكأن الدولتين خرجتا للتو من حرب كونية مدمرة، في الوقت الذي تحكم المحكمة المصرية بإعدام 529 مواطنا مصريا من جماعة الإخوان المسلمين دفعة واحدة، في فيلم لم تشهده شركات إنتاج أفلام الرعب في التاريخ، بدعوى الهجوم على مركز أمني ومقتل ضابط، فيما إسرائيل قتلت آلاف الجنود والضباط المصريين والعرب والفلسطينيين ولم تحكم عليها محكمة ابتدائية عربية أي حكم حتى ولو كان صوريا، وكل ذلك ينبئ عن وحش الحقد والانتقام القادم علينا بكل قوة. وثالثهما استبعاد رفع مبلغ الدعم المالي للقدس بنسبة 50%، بل استبعاد تحصيل المبالغ الموعودة في قمة سرت للشعب الفلسطيني بحوالي 500 مليون دولار، وما تمخض عن قرارات قمة الدوحة العام الماضي بتقديم دعم لأبناء القدس وشبكة الآمان المالية بمقدار 250 مليون دولار، وكل ذلك تم تحويله إلى حساب الوعد غير الجاري، فلا غزة ولا القدس ولا الضفة نالها غير كلام في كلام، ثم قرار غير ملزم لإسرائيل يدعم معنويا جهود السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس على طاولة المفاوضات خالية من أي مقعد، وإذا ما استثنينا التحويلات المالية من الحكومة القطرية لقطاع غزة التي ساعدت سكانها في إنارة بيوتهم وترميم بعض مما دمرته إسرائيل، فسنجد أن التبرعات كانت حبرا على ورق المجاملات والمواقف.لذلك لا نرى أي تتغير للأفضل منذ ربع قرن مضى بعد الانشطار العمودي الذي أصاب الدول العربية وحكامها عام 1990 بعد احتلال الكويت من قبل الجيش العراقي، فهذه الشعوب العربية لا تزال ترزح تحت رؤية ومزاجية وإرادة أشخاص بل بضعة أشخاص من قادة جمهوريات ومسؤولين وقادة عسكريين وأمنيين في الدول العربية، أعادوا الدولة العربية إلى مجتمع القبيلة بدل أن يحدثوا تغييرا وتطويرا للمفاهيم السياسية والدبلوماسية وقوانين الحكم المعاصر، فلم يعودوا يفرقوا بين الدستور والقانون الذي يؤطر العلاقات الدولية، وبين نزوات ورغبات الأشخاص ومفاهيم النخبة المتخلفة المنقادة كقطيع من الأغنام خلف أوهام ومعتقدات بالية لا تزال تعشعش في رؤوس عدد من المسؤولين.في عام 1991 انقسمت الدول العربية كل حسب موقف قيادتها من لعراق ورئيسه الراحل صدام حسين، وقرار احتلال العراق الذي نفذ بناءً على عصبية قبلية لا دخل للسياسة فيها من قريب أو بعيد، وتشرذمت الأمة وأصبحت الشعوب مستهدفة بالويل والثبور والمطاردة في مطارات الدول المتخاصمة، بلا ذنب اقترفه المواطن، وكان ذلك التاريخ موعد انطلاقة انهيار الأنظمة العربية بالتدريج، وكل دولة أخذت حصتها من نار التخلف السياسي، والخلاف الرئاسي والنعرات الشخصية والعائلية الحاكمة. لا أحب ولا أحد من الشعوب العربية يحب أن يتحدث بهذا المنطق، ولكن تصرفات وزراء الخارجية والمسؤولين الأمنيين الذين يسيطرون على القرار السياسي العربي هم الذين يجعلون الإنسان العربي يكفر بهذا الواقع المزري، حيث تعيش سوريا والعراق حربا أهلية طاحنة مع اختلاف الظروف والقوى المسيطرة، واليمن ساحة قتل وتفجيرات مفتوحة تحصد قتلى من الجيش بالعشرات، ولبنان ترقص بين الحين والآخر على حبال الخلاف العربي العربي، وتقطع صمتها تفجيرات للسيارات المفخخة، والاشتباكات بين أبنا شعبها، في قتال بالإنابة عن عواصم عربية، وليبيا يحاول أبناؤها التخلص من شباك الماضي والخلافات الداخلية لبناء دولتهم مجددا، ومصر يحكم نظامها بالإعدام على المئات دفعة واحدة، والخليج العربي كشراع قارب النجاة الذي عصفت به ريح سموم قد تقلبه في أي وقت لا قدر الله.وهاهو اليوم يؤكد لنا أننا بدأنا تاريخا جديدا في تفكك أواصر الدولة العربية المنشودة، فالكل منشغل ومسؤول عما يجري في الدول الأخرى ولكنه لا يهتم لما يجري في بلده وتحت حكمه للأسف، فلماذا نصر وبكل عناد على حمل لواء التخلف السياسي والفكري، فيما الأجدى بالزعماء العرب أن يرموا كل خلافاتهم الشخصية وراء ظهورهم، ويجلسوا بمكانة الزعامة والقيادة الحقيقية ليناقشوا كيفية خروج هذا الوطن الكبير من مأزقه التاريخي ومنعطفه الخطر الذي يترصد بكل دولة دون تفريق، فإذا كان الجبر يصلح المكسور، فليجبرها العقلاء قبل أن تنكسر شظايا لا قدر الله.