17 سبتمبر 2025

تسجيل

تقرير صندوق النقد الدولي

25 فبراير 2024

قدَّم صندوق النقد الدولي تحليلاً شاملاً خلال شهر فبراير الجاري تضمن في ثناياه توقعات إيجابية، في أعقاب زيارة قام بها مؤخرًا خبراء اقتصاديون في الصندوق لدراسة وضع الاقتصاد القطري. وقد حقق الاقتصاد معدل نمو ثابت استقر عند مستوى 1.6% خلال عام 2023، مع نمو القطاعات التي لا تعتمد على الإنتاج الهيدروكربوني بنسبة 1%. كما انخفض معدل التضخم إلى 2.8% مقارنةً بأعلى مستوى مسجل له في عام 2022 عند نسبة 5%. ويصف صندوق النقد الدولي وضع الاقتصاد القطري بأنه «طبيعي» في أعقاب انتهاء منافسات كأس العالم لكرة القدم. ورغم أن هناك احتمالية كبيرة لحدوث صدمات غير مرحب بها في الاقتصاد العالمي والإقليمي، يبدو أن النمو في هذه المرحلة يسير على مسار مستدام في دولة قطر. ولا يزال قطاع النفط والغاز يهيمن على عائدات التصدير، ولا سيَّما الغاز الطبيعي المسال. ولكن العائدات المتحصلة من قطاع السياحة ارتفعت، وهو ما أكدته الاحصائيات الصادرة في شهر ديسمبر 2023 ويناير 2024، بعد مرور ما يزيد قليلاً عن عام على انتهاء منافسات بطولة كأس العالم لكرة القدم، وهو ما يشير إلى أن الهدف الاستراتيجي الرئيسي المتمثل في استقطاب الزوار في الأوقات التي لا تشهد تنظيم البلاد لفعاليات كبرى قد أثبت فعاليته. وأشاد صندوق النقد الدولي بالحكومة وإدارتها الحكيمة للأمور المالية العامة. وبشكل عام، كانت هذه السياسة مناسبة للدورة الاقتصادية، مع استخدام الفترات التي شهدت تحقيق إيرادات مرتفعة في سداد الديون. وكانت السنوات التي سبقت استضافة البلاد لبطولة كأس العالم لكرة القدم قد شهدت تسجيل ارتفاع في معدلات الاقتراض الحكومي لتغطية تكلفة الاستثمارات الكبيرة في مشاريع البنية التحتية. وأشاد صندوق النقد الدولي بجودة مرافق البنية التحتية، التي ينبغي أن يشجع الكثير منها على استمرار التنمية الاقتصادية، بدلاً من أن يقتصر دورها على دعم استضافة منافسات بطولة كأس العالم أو الفعاليات الأخرى. وتدرك الحكومة وصندوق النقد الدولي الحاجة إلى تشجيع القطاع الخاص على المساهمة في تعزيز مسيرة النمو الاقتصادي. ورغم أنه قد يكون من المغري استخدام العائدات المتحصلة من الارتفاع النسبي لأسعار الغاز القوية في تحفيز النشاط الاقتصادي على المدى القصير، يمكن أن يعرقل ذلك التحركات الاستراتيجية الرامية لتنويع مصادر الاقتصاد القطري. وفي ضوء ذلك، يمكن القول إن خفض الدين الحكومي، والسيطرة على الأجور في القطاع العام، ومنح الأولوية للتنمية الاقتصادية على المدى الطويل هو النهج الصحيح. ولعل الجانب السلبي الوحيد الواضح في التقرير هو زيادة العرض بشكلٍ ملحوظٍ في قطاع العقارات. وقد يؤدي ذلك إلى حدوث زيادة أخرى في القروض المتعثرة. ولا تبدو البنوك معرضة للخطر بشكلٍ كبير، وقد يتأثر قطاع الإنشاءات بشكل أكبر. وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن مستويات الإيجار قد استقرت، وأثنى على تنظيم قطاع العقارات وأشاد بإجراءات معينة على غرار الترويج السياحي وتيسير الرهون العقارية للوافدين لدعم الطلب. وإلى جانب تنويع مصادر الاقتصاد القطري، تناقش الدراسة الصادرة عن صندوق النقد الدولي الجهود المبذولة لتنويع القاعدة الضريبية. وتمتلك قطر البنية التحتية اللازمة للبدء في فرض ضريبة القيمة المضافة، لكن الحكومة أحجمت عن القيام بذلك حتى الآن نظرًا لقلقها من التأثير المحتمل لفرض هذه الضريبة على تكلفة المعيشة، وهو سبب جدير بالثناء. ولكن على المدى المتوسط إلى الطويل، من المرجح أن تُطرح هذه القضية مجددًا على جدول أعمال الحكومة. وبالمثل، هناك معدل صفري لضريبة دخل الشركات المحلية وضريبة الدخل الشخصي. ويوصي صندوق النقد الدولي بتوسيع القاعدة الضريبية وتنويعها. ولكن في مقابل ذلك، سحبت الحكومة معظم الدعم الذي كان مخصصًا للوقود ورفعت رسوم الخدمات الحكومية، وهو ما يرقى إلى ضريبة القيمة المضافة السلبية، ويوصي صندوق النقد الدولي بأنه «يمكن القيام بالمزيد من الخطوات» لإلغاء الدعم المتبقي. وبالإضافة إلى خدمات السياحة والخدمات ذات الصلة مثل خدمات الضيافة، تتمتع قطر بوجود قطاع تعليم عال قوي ومراكز حاضنات متطورة للأعمال، وهو ما يبشر بتعزيز النمو في الصناعات الرقمية، وخاصة في مجال الذكاء الاصطناعي. ويُعدُ الاستثمار في رأس المال البشري اللازم لدعم هذه التنمية أحد العوامل المهمة لتحقيق المزيد من التقدم الاقتصادي.