29 أكتوبر 2025

تسجيل

إصلاحات أسواق العمل

25 فبراير 2018

3.7 % نمواً سنوياً للقوى العاملة العربية   وسط تصاعد الحديث في عدد من دول المجلس عن مشروعات لإصلاح أسواق العمل لمعالجة معدلات البطالة والتخفيف من الاعتماد على العمالة الأجنبية الوافدة، يلاحظ أن هذه المشاريع تركز بصورة أساسية على برامج الإحلال ودعم أجور العمالة الوطنية أو زيادة تكلفة العمالة الأجنبية. وبينما يبدو واضحا محدودية النجاحات التي حققتها هذه البرامج، نراها وللأسف تتجاهل الحديث عن التوجه للتعويض عن العمالة الأجنبية ولو جزئيا بالعمالة العربية لدعم توجهات التكامل الاقتصادي العربي، ناهيك عن أن تلك المشاريع  لا تتحدث أيضا عن فتح التوظيف أمام العمالة الخليجية بصورة متساوية أو متقاربة مع مواطنيها على الرغم من الحديث عن مواصلة خطوات السوق الخليجية المشتركة.  ولا تختلف جذور أزمة البطالة في الدول الخليجية عن تلك السائدة في بقية الدول العربية باستثناء تلك المتعلقة بزيادة معدلات نمو العمالة الأجنبية داخل أسواق العمل الخليجية على حساب العمالة الوطنية، بينما تشترك جميع الدول العربية في عدم قدرتها لغاية اليوم على وضع أرجلها على مسار التنمية المستدامة السليمة التي تقوم على اقتصاد متنوع وغني بالأنشطة المولدة للوظائف للمواطنين.  لذلك، فاننا عندما نقر بان البطالة تعتبر أحد أهم التحديات التي تواجه الاقتصادات الخليجية في هذه المرحلة، وخلال السنوات المقبلة، نظرا لانعكاساتها العميقة على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية، فأننا ندعو في الوقت نفسه للبحث عن حلول لها في إطار التكامل الاقتصادي الخليجي والعربي، عوضا عن التركيز على زيادة تكلفة العمالة الأجنبية مقابل أعطاء الحرية الكاملة للقطاع الخاص في توظيف اي عدد منها دون الالتزام بمعايير التوطين، حيث أدت هذه الطريقة إلى زيادة أعداد العمالة الأجنبية وليس العكس.  ولعل الإشارة الى هذه الحقيقة تبدو أكثر أهمية إذا ما أخذنا بالاعتبار ما اشار اليه التقرير الاقتصادي العربي من أن طبيعة التحدي التي تمثلها ظاهرة البطالة لا تتصل فقط بمعدلاتها العالية،  بل ايضا باستمرارها وتنامي معدلاتها عبر فترة من الزمن وعدم اقتصارها فقط على العاملين من ذوي المؤهلات العلمية المتواضعة ، بل تشمل ايضا خريجي الجامعات والمعاهد العليا بشكل متزايد. ووفق احصاءات منظمة العمل العربية، بلغ حجم القوى العاملة في الوطن العربي نحو 140 مليون عامل ومعدل نمو سنوي 3.7 في المائة عام 2016، مشيرة إلى أن معدلات نمو القوى العاملة أعلى من معدلات النمو السكاني، كما أن الداخلين الجدد الى سوق العمل سيزداد حجمهم خلال العقد المقبل إلى خمسة  ملايين ويمثل ذلك اكبر التحديات الاجتماعية للدول العربية اذ يتطلب الابقاء على مستويات البطالة الحالية التي تصل إلى حوالي 16 مليون عاطل استحداث 2.5 مليون من الوظائف الجديدة كل عام. إن فتح الأسواق الخليجية أمام العمالة الخليجية والعربية يعتبر أحد الحلول الناجعة التي يجب أن تتزامن مع علاج مشكلة البطالة في الدول الخليجية. فمن جهة، تمتلك تلك العمالة الخليجية والعربية الكثير من المهارات التقنية التي تؤهلها لأن تحل محل العمالة الأجنبية، وخاصة الوظائف المتوسطة والتقنية. وبنفس الوقت ستكون حريصة على تدريب العمالة الوطنية ومساعدتها والعمل سوية في إنجاح برامج التوطين. ناهيك عن تجنب الدول الخليجية للمضار الاجتماعية والحضارية الناجمةعن تواجد العمالة الأجنبية بكثافة كما سبق الإشارة. هذا علاوة على أن زيادة معدلات توظيف العمالة الخليجية والعربية في الأسواق الخليجية  سيدعم الجهود التنموية للدول العربية المصدرة للعمالة ، وبنفس الوقت يدعم جهود التكامل الاقتصادي بين الدول العربية، ويعطيه بعده الاجتماعي وليس التقني أو الاستثماري أو المالي فحسب.