12 سبتمبر 2025

تسجيل

قرآننا خط أحمر

25 يناير 2023

تخيلوا معي وأنا أقول تخيلوا لأنني فعلا أثق بأنه لا يوجد مسلم عاقل يمكنه أن يفعلها لأننا في النهاية نمتلك عقولا ولنا أصدقاء من أديان ومذاهب وأعراق وتوجهات واخلاق تختلف تماما عما يفعله المتطرفون اليمينيون كالذي سمحت له الحكومة السويدية بأن يقف بكل صفاقة ووقاحة أمام سفارة الشقيقة تركيا في العاصمة ستوكهولم ويقوم بحرق كتاب القرآن الكريم وسط حراسة مشددة من الأمن والشرطة السويدية معتبرة على لسان وزير خارجيتها أن الأمر لم يتعد سوى كونه تعبيرا عن حرية الرأي التي تتمتع به السويد إزاء التعبير عن الأفكار الشخصية. ولكن تخيلوا أنه بالمقابل لو قام مسلم أو مسلمون بحرق نسخ من الإنجيل وهو الكتاب المقدس لدى غير المسلمين من المسيحيين أو نسخة من كتاب التوراة المقدس لدى اليهود والاسرائيليين أو حتى قاموا بحرق علم إسرائيل فهل يمكن أن يكون التفسير أنها حرية تعبير ورأي أم ستكون معاداة للسامية والمعتقدات الدينية غير الإسلامية ويمكن أن يُجر هؤلاء للمحاكمة والعقوبات وربما أصبحوا مستهدفين حتى من أفراد الشعب ومهددين في حياتهم ووجودهم داخل السويد نفسها أو حتى أوروبا أيا كانت الدولة ؟! فلماذا حين يصل الموضوع إلى المسلمين وكتابنا العظيم القرآن الكريم يبدو كل هذا من باب حرية الرأي وحرية التعبير عن الأفكار الخاصة لأي شخص معاد الإسلام؟! لماذا علينا أن نتقبل كل هذا العداء ضدنا كمسلمين الذي يُفسر من باب الحرية الشخصية ويجب أن نأخذه على هذا المحمل بينما لا يوجد تفسير بنفس المعنى إذا قمنا بنفس الفعل في أوروبا ضد غيرنا ممن لا يشاركوننا العقيدة الواحدة ؟! لماذا الكيل بمكيالين والتناقض فيما يخص المسلمين وما يخص غيرهم ؟!. يقول الله تعالى في محكم آياته الكريمة ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) لذا فالله تعالى يعلم بأن لا غضبة للمسلمين ولا غيرة حقيقية على مقدساتهم الإسلامية ولذا تكفل هو بحفظ كتابه من التحريف والزوال وإن أحرق مثل هؤلاء نسخا منه فإن القرآن الكريم محفوظ في صدور المسلمين وقلوبهم وعقولهم ولا يطوى حتى تقوم الساعة وتتوفى كل نفس بما كسبت وما حفظت وعليه لن أقول إن لا معنى لما فعلته السويد بسماحها لهذا المتطرف بأن يقوم بفعلته الشائنة بكل هذه المباهاة والتحدي الذي يواجه به ما يزيد عن مليار ونصف مليار مسلم ولكننا فعلا نشعر بالألم للهوان الذي بات عليه المسلمون والذلة التي أصبحنا عليها وقد كنا كما وصفنا الله ( أشداء على الكفار رحماء بينهم ) ونحس كم التطاول على ديننا وقيمنا ومقدساتنا لأن ما يفعله كل هؤلاء هم متأكدون أنهم لن ينالوا عليه ردة فعل مناسبة توقفهم وتردعهم ويشعرون أن هناك عاقبة لما فعلوه وعقابا له ويستشعرون مغبة ما أقدموا عليه تجاه حدود ما كان لهم أن يتجاوزوها أبدا، ولكن من أمن العقاب أساء الأدب فعلا وإن كانت تركيا قد أعلنت صراحة على لسان رئيسها رجب طيب أردوغان بأن ما فعله المتطرفون أمام سفارتها في العاصمة السويدية تحت حراسة قواتها وفعلتهم الشائنة بحرق كتابنا العظيم نهارا جهارا لا يمكن أن يمر مرور الكرام على تركيا التي لن تسمح بعد اليوم بانضمام السويد لحلف الناتو وهي التي لم تدخر جهدا حتى الآن في محاباة أنقرة للسماح لها بأن تكون عضوا في الناتو الأوروبي وجرت اجتماعات ثنائية بين الطرفين للوصول لاتفاقية مبرمة تتيح لستوكهولم أن تصل لمرادها ولا يبدو أن الأمر اليوم يبدو ممكنا بعد لغة التهديد والوعيد في تصريح الرئيس أردوغان الغاضب عقب اتهامه للسويد بأنها تعمدت أن تسيء للمسلمين فيما يؤلمهم ويثير حفيظتهم لأننا في النهاية لسنا مليار ونصف مليار مسلم متعنت وإرهابي ومعاد كما يصوره الغرب لكن حين تصل الأمور لهذا الخط فإن الفكرة التي تسود عن الذي يسيء لنا هي فكرة سوداوية فعلا حتى يثبت عكسها.