17 سبتمبر 2025

تسجيل

يقظة الضمير تئد الفساد في مهده

25 يناير 2011

البكاء المر يحرق وجدان من يسمعه ، فكيف بمن صدر منه ويستشعره ، ليس للحلا في البكاء موقع سوى بكاء الفرح وما عدا ذلك أحزان تتواتر يقود خواتيمها البكاء ، دموع تنتثر كسيل منهمر ، البكاء المر تتشكل ملامحه حينما تعرف أسباب حضوره حينما يُقتلع الإحساس من جذوره ، فقدان الأحبة ليس مقياساُ لحدته ومرارته فالمؤمن يدرك بأن كل من في هذه الدنيا مغادر إلى دار ليس للظلم فيها مكان ، غير أن القلب يكتوي بنار الفراق وتعتصر الآلام أكباد الرفاق شيباُ وشباب أولاداً وبنات سيما إذا كان الفراق قد انحصرت أسبابه بفعل فاعل عن قصد وترصد حينما يتجمد الإحساس ويغيب عن عمق المدارك تأثير القياس ، فلو أن من رهن ضميره في مزاد الفاسدين قد سمع حشرجة الصوت وهو من كان سببا في هذا الشقاء قبل أن تسًود صفاته ويشرع في تدمير ذاته لما فكر في جلب الماسي ، أدرك أيها الضمير بأنك لا تملك النفوذ والسلطة لترد الظالم عن ظلمة والعاصي عن معصيتة ، غير أنه مازال في حضورك يقظه لا تهدأ ولا تستكين لتؤازر الحق المبين، الضمير اليقظ يستهويه الصفاء ولا يستميله الاسترخاء، يتحرك ذات اليمين وذات الشمال يعشق هدوء العاقل ويمقت تهور الجاهل يقف صلباً شامخاً، للتوازن سائل بين تطبيق القيم وتمرير المصالح.قد يغيب تارة بيد أنه لا يختفي، يرغب البعض في إقصائه في تهميشه غير أن الجوف داره، يحسن وخز من تجرأ يستر ما تعرى هو للتأنيب صنو وما برح يرمم ما تصدع في جداره، يقف في وجه المخالف سدّاً وللأشرار ندّاً كم أجهضت همته العالية؟ ولادة عصيبة متعسرة نشأت ونمت في رحم الخطيئة، وكم أجهز النبوغ فيه على شقاء مستبد ، لله درك حينما يتوارى خلف إيحائك بؤس طفلٍ كاد يفقد طرفاً كاد يعدم بصراً كاد يقضي ما بقى من عمره فوق كرسي متهالك ، عندما تنهمر دموع البؤساء تستثير النبل فيك وحين تسمع أصوات الضعفاء لا يكلّ العزم منك تجول في الخواطر تستنهض المشاعر، بت قاسماً مشتركاً بين كرم القادرين وشقاء المعدمين، تأخذ من هذا لذا تشحذ في النفوس طيباً وتمارس التوزيع نصراً لشفاه شاءت قدرة المولى أن تبتلى في رزقها لتعلنها صريحة حان وئد قلة الحيلة في مهدها ،تربطك علاقات فريدة مع بقية الأعضاء وتؤثر النبرة الحميمة تدرك أن كل عضو له وزن وقيمة بيد أن العاطفة الهوجاء ترغب في تحجيمك في تحطيمك في النيل من تأثيرك حين أضحى القلب مأسوراً لها والهيمنة البغيضة معلماً تزهو بها، لا لن تخور قواك فالخوف من المولى يعزز مسراك والعقل المدبر لن ينساك فيما انت لم تزل للنضج شرياناً وللحق عنواناً في اتكاء على قيّم نبيلة. يؤرق غيابك الكثيرين حينما تُحرق كُرهاً داخل أجواف المستبدين، فإذا فقد الأب فلذة كبده جراء أخطاء مقصودة لا تغتفر، ومآسٍ من صنع البشر يلتهم القهر شيئاً من بصره ويأكل الهم جزءًا من كبده، وخيوطاً متشابكة تحفرها الآلام على وجنتيه ووجهه حتى لتخاله متخطياً عمره بمراحل عندما يمنحه الحزن سنين بالجملة لتغيير ملامحه دفعة واحدة في لحظة بؤس عابرة ،.حينما يهم السارق بالسرقة يضعف الإحساس ويتضاءل الشعور وتتوارى القيّم خلف أسوار المنافع الوقتية مشكلاً هذا الارتكاس للخير انتكاسا وللشر اقتباسا، لم يزل إبليس اللعين يمعن في صدك و طردك يوغل في إجهادك في إرهاقك في إسقاطك في نومك والنوم في قاموسك لم يكن إلا محض عيب والتهاون والتكاسل لم يكن حتماً في جدول أهدافك.لله درّك أيّها الضمير اليقظ فأنت من قيّض الله له قدرة التأثير والتأنيب قدرة التنوير وملامسة المشاعر لتهذيب العقول وتحديد الميول، فخذ من الطاقة ما يعزز أداء دورك النبيل فكم سبَّب تأخير حضورك معضلة في الأداء وتنامي الداء وكم سهل هذا الأمر طرقاُ للرعونة واندفاعاً بائساً من تهور وخشونة، لا أخالك أيها الضمير اليقظ إلا قبراً للعناد فقد كنت دوماً شامخاً تزهو فرحاً كلما زاد عدد الشرفاء.