23 سبتمبر 2025

تسجيل

القرار التاريخي في ظل ثقافة التطبيع

24 ديسمبر 2017

صورة الطفل الفلسطيني الشهيد" محمد الدرة "الذي استشهد برصاص الكيان الصهيوني عام 2000م في اليوم الثاني من انتفاضة الأقصى وبلا رحمة وهو يحتضر في حضن والده،"جمال الدرة "، ماثلة أمامنا وكأنها بالأمس، هذا المشهد المؤلم حرك الإحساس العربي والإسلامي والدولي عامة في حينه، نظرا لبشاعة القتل برصاصة استقرت في جسد طفل بريء حتى أصبح رمزا لجرائم الاحتلال الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، الآن الصورة تتكرر، فالعشرات من الشهداء يسقطون بالرصاصات الإسرائيلية لا تفرق في عشوائيتها بين شيخ وشاب وطفل ورضيع، وازدادت حدتّها بعد اعلان ترامب تهويد بيت المقدس، ولا يغيب عنا مشهد الشابة الفلسطينية الثائرة " عهد التميمي " جميلة فلسطين كما أطلق عليها التي تمثل أمة بأكملها في غياب الأمم المستنكرة والغاضبة على الممارسات الإسرائيلية لوقوفها في وجه الجنود الاسرائيليين وطرد عنصرين منهما من ساحة منزلها وصفعهما عَلى وجهيهما ودفعهما للخروج من المنزل، بكل شجاعة وثقة، عجزت دول وأمم بأسلحتها وقوتها أن تقف في وجه الصهيونية وتركل هيبتها،، فكّف يدها الصغيرة لم تصفع الجنديين الصهيونيين فحسب، بل صفعت الهيبة والنخوة العربية، إذا بقيت للعروبة نخوة بعد التطبيع والاستسلام في وجود من يرى أن فلسطين لم تعد قضية العرب الأولى، كالكاتب السعودي تركي الحمد الذي أضاف: "حتى ولو عادت فلسطين فلن تكون أكثر من دولة عربية تقليدية كفانا غشاً،" وكما هو تصرف قناة mbc التي أوقفت الاعلامية الاردنية "علا الفارس" لكونها كتبت تغريدة تضامن مع الاقصى والاحتجاج على قرار ترامب بتهويد القدس، وكما جاء على لسان وزير خارجية البحرين "بأن القدس قضية جانبية يجب ألا نخوض معركة مع أمريكا بسببها"،، تلك هي العروبة النائمة في قلوب وضمائر ابنائها التي لم يعد العدو الحقيقي في عرفها اسرائيل إنما العدو هو حماس وقطر وتركيا. ألم يَرَ المتطبعون مع إسرائيل كم من محمد الدرة يقتل برصاصات العدو، وكم من "عهد التميمي" تعتقل في سجون العدو، ممارسات يومية صهيونية، اعتقالات وجرحى وقتلى تقابلها ضمائر عربية نائمة ونخوة عربية سقطت بانكسار بين طاولات التطبيع والهرولة الإسرائيلية الامريكية، وإلا لما تجرأ الرئيس الامريكي بالتوقيع على الاعتراف بتهويد القدس ليغير مصيرها بجرة قلم، مُقلّلاً بذلك شأن جميع الدول من أجل ارضاء اسرائيل، ناسفاً عملية السلام العربية الإسرائيلية تحت أقدام همجيته وغطرسته. محققاً للصهيونية تنفيذ خط سيرها في تحقيق التهويد وإقامة المشاريع الاستيطانية.  …. هكذا نحن كما قال الشاعر: أسد عليّ وفِي الحروب نعامة ؛ لا نملك للمواجهة والمحاربة إلا الإجراءات الشكلية وباستحياء وراء عباءة المصالح الأمريكية — الصهيونية. والتباكي على تاريخ الأمة الاسلامية ورجالها، وقال أحد الصهاينة:" ان العرب أعجز من أن يكونوا قوة رادعة وانهم في ميزان القوى أضعف بكثير من أن تحسب لهم القيادة الصهيونية أي حساب. نحن أسود على بعضنا، وأسود في مواجهة الدفاع عن مصالحنا ولوكان خط المواجهة هم أشقاؤنا .اليمن حوصرت من قبل التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية، وهناك رابط جغرافي وتاريخي وأسري يربط  بينهما، وتدّك مدنها بقوى التحالف العربي، قطر حوصرت من أشقائها بهدف الاستيلاء على  مقدراتها الاقتصادية وايقاف مشاريعها التنموية، شعوب عربية تعيش تحت خط الفقر والاضطهاد بسطوة أنظمتها،. والكرة العربية أصبحت في ملعب المتهور ترامب يركلها في المرمى بما فيه مصلحته، فلعب بالعقلية العربية وهزمها ضاربا بها عرض الحائط، وهزم معها ثقافتها الدينية حتى فقدت التأمل  في قوله تعالى: "لن تَرضى عنكَ اليهودُ ولا النَصارى حتى تتبّعَ ملتَهم". …. وكما فشلت دول الحصار في تسيير مطالبها التي فرضتها على دولة قطر بعد فشلها العسكري لتغيير نظام الحكم وفشلها في شراء الذمم للوقوف في صفها. وفشلها في تطويع قنواتها وتجييش وسائطها الإلكترونية لتشويه صورة قطر، وباستنكار المجتمعات الدولية، كذلك فشل السمسار ترامب وكيل الكيان الصهيوني في كسب تصويت لخطته بتحويل القدس عاصمة لإسرائيل بتصويت ثلثي من أعضاء الأمم المتحدة ضد القرار، كما فشل في سياسة الابتزاز والتهديد اللتين استخدمهما للدول التي تتلقى منه مساعدات مالية، التي تبلغ كما ذكر حسب الأرقام المعلنة لوكالة المساعدات الامريكية حوالي 13 مليار دولار كمساعدات اقتصادية وعسكرية لدول في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، ونحو 6،7 مليار لدول جنوب ووسط آسيا 1،5مليار دولار لدول أوروبا، فتلك هي صفعة قوية تلقاها "ترامب" لتثبت له أنه حين يبلغ السيل الزبى يستطيع العالم أن يقول له " لا " ولا تختلف عن الصفعة التي وجهتها الشابة الصغيرة "عهد" للجنود الاسرائيليين، وكما هي الصفعة التي تلقتها دول الحصار بفشل وافتضاح خططها ومؤامراتها ضد قطر. لكن الاستمرار في الطغيان والعنجهية ما زالا مستمرين وتدفع الشعوب ثمنهما. والشر على المستوى الإنساني والدولي هو المؤشر المحرك للسلوك ضد الآخر ومعه تفقد العقلية الواعية المثقفة. وما يحدث في الشرق الأوسط خير دليل. …. فترامب مازال في عنجهيته وغيّه يحمل شعار "دعوهم يصوتون ضدنا لا نعبأ بذلك " ودول الحصار الجائر مازالت تعيش وهم عقليتها في اتخاذ ما يسئ لقطر لاخضاعها بما تريد وتحقيق مطالبها، والتدخل في سيادتها، والأمة الاسلامية والعربية تحمل شعار القدس لنا وهي نائمة في مضجعها، ويبقى الشعب الفلسطيني الأعزل في الداخل في مواجهة الكيان الصهيوني يحمل على عاتقه قضية بيت المقدس العربية الاسلامية ويقدم روحه ثمنا لتحريرها ، لكن الى متى. ‏