15 سبتمبر 2025
تسجيلفي أكتوبر 2011 فجعت قطر بمصرع رجل قطري من رجال البحر بعد أن أنقذ عائلة مقيمة فردا فردا ولكن شاءت الأقدار بعد حفظ ارواحهم أن يقضي غرقا أثناء محاولة انقاذه آخر فرد فيها وهو رب الأسرة الذي غرق به ومعه، ربما لم تمهل الحادثة وقتها على الساحل الحيوي في فرضة الوكرة من يقوم بالمراقبة للقيام باللازم احيانا لعدم او لتأخر صدور بلاغات لحوادث تعد آنية ولحظية يجتهد فيها من يلحظها مباشرة بصفة انسانية ترتجي منا عليه "الرحمة" رحمه الله. ويوم 9 يونيو 2012 أصيب اهل الوكرة وقطر مرة أخرى بالحزن لمصرع ثلاثة ابناء لأسرة واحدة غرقا ذوي — 11 — 13 — 15 ربيعا، جراء تيارات مائية قوية سحبتهم من جهة ساحل غرب منتزه الوكرة الى شاطئ أبو فنطاس. ليست هذه هي الحوادث الوحيدة ولا الأخيرة في مجال السباحة بل هناك الكثير في الشمال والخور وسيلين ولعل هذه تحضرني وأذكرها كأمثلة حية لأنني عايشت سماع سيارات الأمن والاسعاف وصوت ومنظر هليكوبترات البحث الى المنطقتين لقربي من هذا الساحل. أما في مجال أمن "السكوترات" وشروط استخدامها ورخصها فحدث عن هذه الحوادث ولا حرج وكم من ام ثكلت ابناءها في مصاب كبير جزعت كل قطر له. ضج الإعلام وقتها وضجت كل منتديات قطر الإلكترونية لعدم وجود تحذيرات في تلك المنطقة الخطرة، ولا أظن أن هذه الحرفية تغيب عن مؤسسية أمنية مهنية واحترازية قبل كل شيء في دولة عريقة ومتقدمة في نظم الأمن والسلامة خصوصا ان خفر السواحل يتبع جهازا يعد في قطر من اقوى اجهزة الدولة فضلا عن مهنيته. ولكنني أخذت جولة في الشاطئ منذ يومين فوجدت اجتهاد الجهة المعنية في الداخلية "امن السواحل والحدود" التي قامت بوضع تلك التحذيرات على لائحة تحذيرية لذلك وجبت الإشارة اليها مصورة هنا من باب الامانة في التقرير، ولأنني كنت خارج قطر فلا أعلم متى وضعت بالضبط ولا اظنها حتى بمستواها الحالي والمترجم بالإنجليزية فقط تفي بالغرض منها.. ومع ذلك فإننا نرتجي ألا يظل أمن السواحل لدينا مجرد بلاغات آنية لفقد أو غرق، وإدارة لطوارئ وغرف عمليات أمن المناطق فحسب، أو مجرد تنصيب لائحة عامة لا تنتمي الى فن الارشادات الرمزية اللافتة والمصورة في عصر الثورة الرقمية التي تغني عن الترجمة بأي لغة كما تعلمون وتخاطب الصورة فيها والرمز كل الجنسيات. كما اننا نتمنى ان تتم تهيئة السواحل سياحيا وامنيا ووقائيا بشكل يوفر الأمان لمرتادي البحر فيها خصوصا ان السواحل العامة للسباحة او النزهات العائلية باتت محدودة ومعدودة بعد التطور العمراني لقطر وتحويل عدد من المدن الشاطئية الى مراكز تراثية. ◄ خبرة خفر السواحل مع ايماننا سلفا بالقضاء والقدر، إلا اننا نجزم بخطورة السباحة في بعض المواقع نظرا لوجود "الدحول" أي هبوط قيعان البحر، أو المناطق الصخرية الحادة، أو الظواهر المائية المعروفة مثل التيارات البحرية الشديدة والتي يعلمها اهل الحل والعقد فيها من خبرتهم العريقة وتخصصهم في مجالها، مع ذلك نفتقر الى وجود خطة عامة عملية تطبيقية للسلامة البحرية وللتثقيف وللتوعية الاحترازية العامة بالأمن البحري والمتعددة والمتطورة الوسائل على مستوى الدولة رغم صغر مساحة قطر — وفي مفارقة — رغم إحاطة البحر بها من ثلاث جهات. هذا وقليلا ما نجد تكليفا لفرق الانقاذ المكتملة العدد على الشاطئ بمهمة وساعات محددةخصوصا في فترة إجازة نهاية الأسبوع "وهي الذروة"، وقلما نجد أيضا تركيبا للوحات إرشادية نوعية تدون المتغيرات اليومية كالمدّ والجزر والتيارات وقوة الريح والعمق والضحالة... الخ فضلا عن افتقار السواحل المهمة لوجود الخدمات والمرافق الحيوية العامة في تلك المناطق. ◄ البحر في قطر عندما تصفحت بحر وطني عمليا وواقعيا وتصفحت غوغل عن قطر والبحر وجدت له مهرجانا احتفاليا لنشر الوعي والتعريف بتراث قطر البحري الغني، واحتفاء مهما ايضا بتراث البحر وسفن الصيد وتطوير صناعتها، واهتماما بالغا بسواحل قطرالسياحية المنظر والاستثمارية المستقبل، وكل ذلك مهم في عمر تطور قطر وصون هويتها إلا ان البحر واقع واسلوب حياة ينتظر من الجهات الأخرى الميدانية المؤسسية المسؤولة التوعية به ببرامج اخرى عملية فضلا عن الاجراءات الأمنية المتعددة لجاهزيته للارتياد. وفي الوقت ذاته وجدت ايضا ما يبشر بالخير من قبل مجموعة من الشباب القطري المتطوعين الذين قاموا باجتهادات شخصية بإنشاء منتدى خاص لأهل البحر تحت مسمى http://www.dohasea.com/ "منتديات بحر الدوحة" وقد قرأت ما أفادوني فيه — ولأول مرة أعلمه — والتي يعلمها بالتاكيد رجال البحر وخبراؤه وهي اجراءات السلامة عند جرف التيارات البحرية الخطرة، وأسجل هنا فخرنا بهم. ◄ نموذج دولي متميز لأمن السواحل بداية أعلم أن ساحل دولة قطر كخليج هادئ ليس في مدى عمق وقوة وخطورة المحيطات أو امواجها وليس بحجم دولة قارة هي جزيرة بل تتبعها جزر أخرى ولكن لا يمنع ذلك ان نطبق عددا من الاجراءات الأمنية العامة لأمن السواحل ومرتادي البحر. اطلعت على نماذج منها في استراليا في جولة من "بيرث عاصمة ولاية غرب استراليا" على المحيط الهندي، الى شاطئ مدينة "بونداي في سدني" ولاية نيو ساوث ويلز على المحيط الهادي، الى الشاطئ المعروف بـ"جولد كوست" في ولاية كوينزلاند، حيث يضم كل ساحل ناديا أو مقرا لأمن السواحل مسؤولا عن وضع دوريات سلامة وفرق انقاذ بمهام وساعات يومية، وهذا ما يطبق في كل الولايات والمقاطعات الأخرى من فيكتوريا، جنوب استراليا، شمال استراليا وشواطئ ولاية جزيرة تازمينيا. أعتقد اننا في قطر نستطيع توفير الخدمات الأساسية وتطبيق ادنى درجات الأمن والسلامة على السواحل البحرية لصغر شبه جزيرتنا وقلة سواحل السباحة والصيد ولسهولتها واحتراف جهاز الأمن لدينا واضطلاع ضفادعه بدورات تدريبية كثيرة على مستوى دولي تهيئ له نقل هذه التجارب وتطبيقها على شواطئ السياحة والرياضات المتعلقة بها في قطر دون أن تكون كما يقال "حبرا على ورق". ◄ اللوحات الإرشادية العامة يقع مقر كل ناد لخفر السواحل على كل شاطئ استرالي وتشمل مهامه تركيب اللوحات الارشادية العامة على السواحل والمتضمنة كافة التعليمات المعززة بالصور من الممنوع والمسموح والتي تقيد السباحة في المواقع المحددة بين "العلمين باللونين الأحمر والأصفر"، ويتم تحديدها يوميا بناء على مسح يقوم به الفريق البحري فجرا قبل بدء وقت العمل الرقابي وبناء على الاسترشاد بالتعليمات اليومية من قبل إدارة الأرصاد، ومن ثم يتم وضع الأعلام في المواقع الآمنة للسباحة يوميا بارشادات اخرى متغيرة يتم غرسها في المنطقة الرملية أمام منطقة الأعلام زيادة على الارشادات العامة الدائمة متضمنة معلومات مهمة عن عمق البحر، المد والجزر، التيارات، الحرارة وسائر ما يهم المرتادين. وفي الصور تتضح الارشادات الدائمة واليومية. ◄ الدوريات المكلفة وفرق الإنقاذ يطبق كل ما سبق في ظل وجود دورية محددة المهام من 8 صباحا — 5 مساء يوميا بحيث تحدد مسارات مخصصة لها على الشواطئ باللون الأحمر وعلامتها معنونة بالأصفر لضمان عدم اعاقة مساراتها من قبل المرتادين وضمان انسيابية عملها بسهولة وقت الطوارئ. هذا وتضم سيارات امن السواحل كافة التجهيزات الخاصة بالاسعافات الأولية والتنفس الصناعي وجهاز انعاش القلب وسائر الأجهزة والمعدات والسيارات والسكوترات الخاصة بالإنقاذ فضلا عن الاعدادات الأخرى للهليكوبترات وما سواها. أما عن ركوب الموج "السيرفنغ" فلها مواقع مخصصة، وكذلك رخص خاصة بارتياد السكوترات وما اليها في ظل ارشادات توضح قائمة المسموح والممنوع وما يتطلب المنع أو السماح أيضا بمرافقة أو حراسة الأمن منها. ◄ تمويل أمن السواحل ولاختلاف انظمة الدول في مصادر تمويل او ما يسمونها أندية وتسمى لدينا مراكز خفر السواحل خصوصا ان الدول المتقدمة تعتمد على المنظمات الأهلية فضلا عن الاعتماد على الضرائب في الخدمات الحكومية العامة، قابلت المشرف العام على الأمن في ساحل الجولد كوست واستوضحت ان هذه الخدمات الأمنية تقدمها الحكومة الاسترالية أيضا فهم موظفون للحكومة، وفيما عدا خدماتهم والى جانبها توجد ايضا مراكز أخرى تابعة للمنظمات الأهلية او الجهود التطوعية. فضول المعرفة بعد جولتي بعدستي في عدد من السواحل التي وضعتها لكم هنا معززة بالإشارة الى مواقع محددة فيها، اثرت الدخول أيضا على الموقع الالكتروني للحماية والسلامة البحرية على الشواطئ الأسترالية لإشباع فضول المعرفة وأخذ التجربة، فوجدت زيادة على ما رأيته وما سمعته من المقابلة مما أثار اعجابي حقا يتوّجه توافر كافة معلومات الأمن والسلامة بعدد كبير من اللغات (34 لغة) تقع من ضمنها اللغة العربية ويسهل تحميلها من الانترنت مباشرة. فضلا عن وجود فيديو خاص بالتعليمات على الموقع الإلكتروني. ◄ التمويل يشمل برامج الأمن الساحلي والتعليم والتثقيف تقدم هذه الخدمات بتمويل كمنحة من الحكومة الاسترالية لبرنامج أمن المياه الإقليمية الاسترالية وتتضمن أمنها وبرامج التعليم والثقيف التابعة لها فضلا عن إدارة ومتابعة جهاز أمن السواحل SLSA Surf Life Saving Australia وتمويل اخر من وزارة الصحة الاسترالية Department of Health and Ageing وتدعمه مهنيا نظم الأمن والمعلومات التي يوفرها أولا بأول مكتب الارصاد Bureau of Meteorology ويتم البرنامج بالتعاون مع وزارة السياحة أيضا. ◄ الموقع الالكتروني نظام متكامل يتضمن الموقع الالكتروني http://www.lifeguards.com.au كافة الخدمات المتعلقة بزيارة البحر او ارتياده او الصيد او حتى السياحة وذلك على امتداد القارة لـ6 ولايات او مقاطعات بحرفية ومهنية والتي تشمل مواقعها 11915 ساحلا، وخدمات التنبؤ والاصاد لـ 12000 شاطئ فضلا عن توافر معلومات دائمة مثلFact Sheet and Tool Tips وFAQ ◄ تطبيق مجاني خاص بالأمن الساحلي Apps تم إصدار النسخة الأولى من برنامج أمن السواحل مجانيا مما يعد اضافة مهنية نوعية لمعلومات آنية مهمة لمرتادي البحر على مختلف الشواطئ.. ◄ التوعيـــة بالتيــــارات البحريـــة :rip currents آثرت أن اضع لها عنوانا خاصا لأنها السبب في جرف كثير من الأفراد في بحارنا كالحادثة التي ذكرت حتى لو لم تكن دولنا قارات أو جزرا أو بلدانا مطلة على محيطات. إن الأمن الاحترازي من مختلف حوادث البحار مهم وعلى رأسه تفادي التيارات البحرية بمعرفة مواقعها سلفا ومحاولة تفاديها وهذا دور أجهزة المسح البحري، فضل عن التوعية الشاملة. ويوضح الموقع الإلكتروني في الأمن الساحلي الاسترالي نافذة خاصة بها موضحا نوعها ومواقعها وعلاماتها الدالة عليها. والتي قصدت وضعها بالصور التثقيفية هنا لأنها أكبر عامل متسبب في وفيات المرتادين في البلاغات البحرية هناك (40%) حتى رغم الحراسة اليومية. ◄ صورة تطبيقية لطرق تفادي التيار الجارف يمينا أو يسارا رسم بياني توضيحي نموذج حي للتيارات البحرية على شاطئ بونداي في مدينة سيدني كما وضحها الموقع وتبدو على غير حقيقتها زرقاء هادئة في الوسط وأخيرا..... إن الاهتمام بالشواطئ وتعزيز أمنها وسلامتها قضية مهمة نتمنى ان تضاعف اولويتها لدينا حتى لو سلمنا باقبال دولة قطر الساحلية الصغيرة على عهد تطويري ضخم لسواحل جديدة ترفيهية، إلا أن هذا لا يمنع اننا في الوقت ذاته ننتظر حلولا تزامنية للشواطئ والسواحل الحالية القليلة العدد بحيث تقوم على اسس مؤسسية وهذه تحتاج بدون شك إلى جهود تكاملية متكاتفة من كل من هيئة الأشغال العامة ووزارة البلدية والتخطيط العمراني والمجلس الأعلى للبيئة ومجلس الصحة ووزارة الداخلية خصوصا اننا نؤمن ان البيئة لدينا هي "البحرية قبل البرية" في اولويات إدارة المخاطر الناجمة عن جهل الاستخدام، وتقليل الحوادث الناجمة عنها. هذا وإذا كان مصطلح حرس أو (خفر) السواحل كما تعرفها المراجع هي: "مصلحة وطنية مسؤولة على مهام مختلفة فى البحر، وتختلف باختلاف البلدان". ومع ايماننا بمهام خفر السواحل الجمة والكبيرة واحتراف اجهزة الامن البحري لدينا في حماية أمن الدولة وحدودها سلامتها البحرية، مازلنا نذكر بأن جزءا من هذه المسؤولية هو امن مرتادي البحر والسكان والزوار على الضفة الأخرى وأمن الشواطئ وجاهزيتها وأمن مستخدميها في بيئة "هي البحر". ولأننا نؤمن بالقضاء والقدر ونؤمن بأن تطبيق كل ذلك لا يمنع وقوع الحوادث ايضا ولكن يجب ألا نترك انفسنا لحوادث الدهر دون سبل احترازية متطورة، بل نجتهد اولا في تجويد تحقيق أعلى وأفضل وأشمل معايير للأمن والسلامة البحرية العامة، ومن ثم تقوم مسؤولية كل فرد عن نفسه وكل أسرة عن أفرادها فهي مسؤولية تكاملية مشتركة بيننا وبين أجهزة الدولة لأن التنمية هدفها "الإنسان" أولا واخيرا، وحجم قطر الصغير ومستوى اهتمام الحكومة بالسكان والأمن وبالبنى التحتية يعد لنا في تطبيق ذلك عاملا مساعدا ومكسبا كبيرا.