01 أكتوبر 2025
تسجيلدعمت الولايات المتحدة في الثمانينات المعارضة المسلحة في نيكاراغوا ضد الحكومة الشيوعية، وفي الجانب الآخر من العالم كانت تمد العراق بالأسلحة لمحاربة إيران (أحد أعداء الولايات المتحدة والتي فرضت عليها عقوبات اقتصادية). ولكن في الخفاء وفي الغرف السرية كانت قيادات الولايات المتحدة تتفق مع القيادات الإيرانية على صفقة سرية لبيع أسلحة لهم مقابل مبلغ مالي وبشرط إطلاق سراح المحتجزين الأمريكيين لدى الفصائل الشيعية في لبنان، أما المبلغ المالي فسيستخدم في تمويل المعارضة في نيكاراغوا (حتى لا تظهر في السجلات الحكومية كتمويل مباشر). أصبحت الصفقة فضيحة مدوية بعد انكشافها، وسميت إعلامياً "إيران-كونترا" (كونترا تعني "المعارضة" بالإسبانية، والتي تشير لنيكاراغوا)، ووجه الكونغرس للرئيس رونالد ريغان وإدارته اتهامات بالتكتم والخداع. ومع ذلك، لم يرغب الكثير من الشعب التفكير في القضية بعمق وحيادية، واعتبروا أن ما فعله ريغان كان انتصاراً للقضايا الوطنية ويدعو للفخر، وإن كان مخادعاً ومتناقضاً وغير قانوني! غالباً ما يصدق الناس ويؤيدون ما يتناسب مع أمزجتهم، بغض النظر عن حقيقته المجردة. وهو السبب الذي جعل الناس في ٢٠١٦ تُوصِل ترامب لسدة الحكم لأنه "سيجعل أمريكا عظيمة"، وأيضاً تُخرِج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بالرغم من أن ضرره أكثر من نفعه. ولذلك في نفس العام منح قاموس أكسفورد كلمة "ما بعد الحقيقة Post Truth" لقب (كلمة العام)، وهو لقب يمنح للكلمات الأكثر تأثيراً وانتشاراً في ذلك العام. ويعني أن الحقائق أقل تأثيرا في تشكيل الرأي العام مقابل الاعتقادات الشخصية والانفعالات العاطفية. مع طوفان معلومات هذا العصر، أصبح من مسؤوليات الفرد الحفاظ على رصانة عقله وعمق تفكيره وأخلاقية حكمه، فليست جميع المواقف والبطولات -خصوصاً تلك التي تثير الحماس وتلامس الأشجان- هي مواقف أخلاقية أو قانونية. @khalid606